عاجل

مشروعات استراتيجية وتعاون تاريخي.. الطاقة النووية تعزز مسار التنمية

مصر وروسيا
مصر وروسيا

تواصل مصر ترسيخ مكانتها كقوة إقليمية صاعدة في مجالات الطاقة والتنمية والاقتصاد، عبر مشروعات كبرى تعكس حجم التحول الذي تشهده البلاد خلال السنوات الأخيرة. 

ويأتي تركيب «وعاء ضغط المفاعل النووي» للوحدة الأولى بمحطة الضبعة كأحدث شاهد على هذا التحول، إذ يحمل هذا الإنجاز دلالات استراتيجية تتجاوز كونه خطوة فنية إلى كونه إعلاناً واضحاً بأن مصر تدخل عصر الطاقة النووية السلمية بثقة وقدرة، مستندة إلى إرادة سياسية وخطط تنموية بعيدة المدى.

وفي السياق ذاته، تواصل العلاقات المصرية الروسية ترسيخ حضورها كواحدة من أبرز الشراكات الدولية المتنامية، ليس فقط بفعل التاريخ المشترك الذي يمتد لأكثر من ثمانية عقود، بل نتيجة تطور ملحوظ في حجم التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري خلال الأعوام الأخيرة. ومع تقارب الرؤى السياسية بين القاهرة وموسكو، باتت مشاريع مثل «الضبعة النووي» والمنطقة الصناعية الروسية في قناة السويس عنوانًا لشراكة تقودها المصالح المتبادلة ورغبة البلدين في بناء تحالف اقتصادي مستدام.

إنجاز نووي يرسخ مكانة مصر إقليمياً
أكد المهندس محمد عبد الحميد، رئيس لجنة الاستثمار بأمانة حزب المؤتمر بالقاهرة، أن تركيب وعاء ضغط المفاعل النووي بمحطة الضبعة يمثل نقلة استراتيجية كبرى تضع مصر على خريطة الدول القادرة على إنتاج طاقة نظيفة وآمنة، بما ينسجم مع رؤية الدولة للتنمية المستدامة 2030.

وأشار عبد الحميد إلى أن هذا الإنجاز يتجاوز البعد التقني، ليعكس قدرة الدولة على توفير مصادر كهرباء مستقرة تدعم المشروعات القومية وتُحفّز تدفق الاستثمارات، مؤكداً أن الطاقة الموثوقة هي المحرك الأول لتوسيع الصناعة وتعزيز نمو الاقتصاد.

وأوضح أن محطة الضبعة ستوفر كهرباء منخفضة الانبعاثات، ما يقلل الاعتماد على الوقود الأحفوري ويدعم توجه الدولة نحو اقتصاد أخضر قادر على المنافسة إقليمياً وعالمياً، فضلاً عن تعزيز التزام مصر بالاتفاقيات المناخية الدولية.

وأضاف رئيس لجنة الاستثمار أن المشروع يفتح آفاقاً واسعة أمام المستثمرين، خاصة في القطاعات كثيفة الاستهلاك للطاقة، ويسهم في توطين التكنولوجيا وبناء كوادر مصرية متخصصة في مجالات الطاقة النووية والهندسية.
وشدد على أن تركيب وعاء المفاعل خطوة محورية في مسار الدولة نحو مستقبل اقتصادي قائم على الطاقة الآمنة والتنمية الشاملة.

شراكة ممتدة بين مصر وروسيا تتصاعد اقتصادياً وتجارياً
وفي سياق متصل، أكد عمرو رضوان، الخبير الاقتصادي والقيادي بحزب الجبهة الوطنية، أن العلاقات المصرية الروسية تتمتع بعمق تاريخي يمتد لأكثر من 80 عاماً، مشيراً إلى أن العقد الأخير شهد طفرة حقيقية حولت هذه العلاقات إلى شراكة استراتيجية شاملة.

وأوضح رضوان أن العلاقات الدبلوماسية بدأت عام 1943 وتوجت بأول اتفاقية اقتصادية عام 1948، لتتوالى بعدها المشروعات الكبرى المشتركة التي أصبحت ركائز للتنمية في مصر، مثل السد العالي ومجمع الألومنيوم ومصنع الحديد والصلب، وصولاً إلى مشروع الضبعة النووي.

وأضاف أن الشراكة الاستراتيجية الموقعة في 2018 لمدة 10 سنوات عززت التعاون في مجالات التجارة والصناعة والاستثمار، لتصل قيمة التبادل التجاري في 2024 إلى 6.6 مليار دولار، منها 607 ملايين دولار صادرات مصرية، ونحو 6 مليارات واردات من روسيا بزيادة ملحوظة عن العام السابق.

وأشار إلى أن روسيا تظل أكبر مورد للقمح لمصر بإجمالي 9 ملايين طن خلال 2024، إضافة إلى وجود 467 شركة روسية تعمل في قطاعات متعددة. كما تشهد المنطقة الصناعية الروسية في قناة السويس—المعروفة باسم «صن سيتي»—استثمارات بقيمة 4.6 مليار دولار، ما يجعلها منصة للتوسع الروسي في أسواق الشرق الأوسط وأفريقيا.

ولفت رضوان إلى أن العلاقات السياسية الوثيقة بين الرئيس عبد الفتاح السيسي ونظيره الروسي فلاديمير بوتين تلعب دوراً محورياً في دعم التعاون الاقتصادي، مشيراً إلى ارتفاع عدد السياح الروس إلى 1.4 مليون زائر في 2024 بزيادة 15%، وهو ما يعكس متانة العلاقات واستمرارية التعاون في السنوات المقبلة.
 

تم نسخ الرابط