هل تصمد حكومة نتنياهو أمام قرار وقف إطلاق النار في غزة؟

في ديسمبر الماضي، حذّر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حركة المقاومة الفلسطينية "حماس" من أن "أبواب الجحيم ستفتح عليها" إذا لم تُفرج عن بقية الأسرى المحتجزين لديها قبل موعد تنصيبه رسميًا في 20 يناير الجاري. ومع ذلك، توصلت الحركة ودولة الاحتلال إلى اتفاق على مراحل يقضي بوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى. والآن، يبدو أن مستقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بات على المحك بسبب هذا الاتفاق.
كوابيس نتنياهو بسبب غزة
ورغم أن الاتفاق لاقى احتفاءً كبيرًا خارج إسرائيل وحظى بدعم غالبية الإسرائيليين، لكنها في الوقت ذاته كشفت عن أحد "الكوابيس" التي تهدد نتنياهو؛ وهو عدم صمود مستقبله السياسي وسقوط حكومته. فبعد مرور يوم واحد على موافقة الحكومة الإسرائيلية على الصفقة، استقال وزير الأمن القومي وزعيم الحزب اليميني المتطرف "عوتسما يهوديت" إيتمار بن غفير. أما وزير المالية بتسئيل سموتريتش (وهو زعيم يميني متطرف أيضًا)، فقد صرّح بأنه سيبقى في الحكومة فقط إذا استأنفت إسرائيل هجومها على غزة بعد ستة أسابيع. وإذا قرر الانسحاب، سيفقد الائتلاف الحاكم أغلبيته، مما يجعل نتنياهو عرضة للإقالة من منصبه.
تدخل ترامب
نشرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، أمس الأربعاء، تقريرًا مطولاً استعرضت فيه تداعيات قبول نتنياهو وحكومته بقرار وقف إطلاق النار في قطاع غزة، حيث أشارت إلى أن قرار الموافقة جاء بسبب تدخل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وخشية نتنياهو من إثارة غضبه وهو معروف بانتقامه الشديد. إضافة إلى ذلك، يسعى نتنياهو لكسب دعم ترامب لأجندته الكبرى، التي تشمل مواجهة إيران وتطبيع العلاقات الدبلوماسية مع المملكة العربية السعودية.
في تصريحاته القليلة حول اتفاق وقف إطلاق النار، وصف نتنياهو المرحلة الأولى بأنها "وقف إطلاق نار مؤقت"، متعهدًا بألا يستريح جيش الاحتلال حتى "يحقق جميع أهدافه الحربية". وتشمل هذه الأهداف القضاء على فصائل المقاومة الفلسطينية، وهو ما يتناقض مع الالتزام بوقف إطلاق النار.
ووفقًا للمجلة، فإن نتنياهو الآن في وضعٍ حرج، كما كان في الأيام التي سبقت التوصل إلى صفقة وقف إطلاق النار. ولكنه يميل إلى كسب الوقت وإرضاء جميع الأطراف بإخبارهم بما يريدون سماعه، بغض النظر عن الحقيقة.
وأوضحت المجلة أن نتنياهو وجد نفسه محاصرًا بين ترامب واليمين المتطرف بسبب أخطائه؛ فطوال فترة الحرب كان يَعِد بأنه سيقاتل حتى تحقيق "النصر الكامل"، مما يعني القضاء على المقاومة وإنقاذ الأسرى الإسرائيليين بالقوة العسكرية.
أهداف اليمين المتطرف
بالنسبة لسموتريتش وبن غفير، فإن مواصلة الحرب لها أهمية خاصة. فاليمين المتطرف يشارك نتنياهو مخاوفه من المساءلة القانونية بعد انتهاء الحرب، ولكن لديه دوافع أخرى أيضًا. يرى الكثيرون في اليمين المتطرف أن الحرب فرصة لإعادة احتلال غزة بعد الانسحاب الإسرائيلي منها عام 2005. لديهم أمل كبير في أن يكون وقف إطلاق النار مجرد حيلة لاستئناف الهجوم على غزة، ولكن هذه المرة دون القيود التي فرضتها إدارة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن، وفقًا لـ"فورين بوليسي".
وعود لليمين
قدمت دائرة ترامب بعض الأسباب التي تدفع اليمين للتفاؤل. ففي جلسة تأكيد منصبه، قال وزير الدفاع المرشح بيت هيجسث: "أدعم أن تدمر إسرائيل كل عضو في حركة حماس". كما أعرب مستشار الأمن القومي مايك والتز عن موقف مشابه مؤخرًا. ومع ذلك، قد تكون هذه التصريحات مجرد شعارات.
وترى المجلة أنه من المحتمل أن يتمكن نتنياهو من البقاء في منصبه خلال الأسابيع الستة المقبلة، وربما لفترة أطول إذا استمرت مفاوضات المرحلة الثانية. وإذا عادت الحرب بعد المرحلة الأولى، قد يعود بن غفير إلى الحكومة، وهو ما يأمله نتنياهو. أما إذا أصرت إدارة ترامب على التزام نتنياهو بوقف إطلاق النار، فسيظل بن غفير خارج الحكومة، وربما ينضم إليه سموتريتش.