براءة من النفاق.. ما هو سبب ثقل صلاة الفجر والعشاء على المنافقين؟
ما هو سبب ثقل صلاة الفجر والعشاء على المنافقين؟، سؤال أجابه الدكتور جمال الأكشة الأستاذ بجامعة الأزهر.
ما هو سبب ثقل صلاة الفجر والعشاء على المنافقين؟
وقال الأكشة: «الحفاظ على صلاتي الفجر والعشاء، براءة من النفاق: فقد روي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :"إن أثقل صلاة على المنافقين صلاة العشاء، وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا، ولقد هممت أن آمر بالصلاة ، فتقام ، ثم آمر رجلا فيصلي بالناس ، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة ، فأحرق عليهم بيوتهم بالنار". أخرجه البخاري، ومسلم.
كما روي عن نافع مولى ابن عمر عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: "كنا إذا فقدنا الرجل في الفجر والعشاء أسأنا به الظن". أخرجه البيهقي، ابن خزيمة، وابن حبان، والطبراني واللفظ له.
وتابع في شرح الحديث: صلاة الفجر وصلاة العشاء لهما خصوصية في الفضل؛ حيث تنفي المواظبة عليهما آفة النفاق من القلب ؛ فقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أنهما أثقل الصلاة على المنافقين، حيث يقول في هذا الحديث: "إن أثقل صلاة على المنافقين صلاة العشاء، وصلاة الفجر"، أي: إن أصعب وأشد صلاة في المواظبة عليها ، والحفاظ على أدائها، عند المنافقين: صلاتا العشاء والفجر.
وأضاف: يدل هذا على أن الصلاة كلها ثقيلة على المنافقين، ومنه قوله تعالى {وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَىٰ} وإنما كانت العشاء والفجر أثقل عليهم من غيرهما ، لقوة الداعي إلى تركهما ؛ لأن العشاء وقت السكون والراحة والصبح وقت لذة النوم. وقيل وجهه كون المؤمنين يفوزون بما ترتب عليهما من الفضل ؛ لقيامهم بحقهما دون المنافقين. {ولو يعلمون ما فيهما} أى من مزيد الفضل {لأتو هما} أى الصلاتين ، والمراد لأتوا إلى المحل الذي يصليان فيه جماعة وهو المسجد .
قوله {ولو حبوا} أي يزحفون إذا منعهم مانع من المشى كما يزحف الصغير. والحبو: حبو الصبي الصغير على يديه ورجليه . معناه لو يعلمون ما فيهما من الفضل والخير ثم لم يستطيعوا الإتيان إليهما إلا حبوا لحبوا إليهما ، ولم يفوتوا جماعتهما في المسجد ، ففيه الحث البليغ على حضورهما.
قوله {آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلا يصلى بالناس} فيه أن الإمام إذا عرض له شغل يستخلف من يصلي بالناس. وإنما هم بإتيانهم بعد إقامة الصلاة ؛ لأن ذلك الوقت يتحقق فيه مخالفتهم وتخلفهم ، فيتوجه اللوم عليهم. وفيه جواز الانصراف بعد إقامة الصلاة لعذر.
واختتم في شرحه الأثر: قول عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: "كنا إذا فقدنا الإنسان"، أي: غاب عنهم ولم يظهر، "في صلاة الصبح والعشاء، أسأنا به الظن" ، أي: ساء ظننا في إسلامه؛ لأنهم كانوا في أول الإسلام يخافون من المنافقين، وكان نفاقهم يظهر في عدم حضور صلاتي العشاء والفجر ؛ لأنهما صلاتان ثقيلتان على المنافقين. فتح الباري بشرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني، شرح النووي على صحيح مسلم.


