عاجل

جاء عيد الفطر المبارك هذا العام مختلفا في دلالاته، حيث لم يكن مجرد مناسبة دينية للاحتفال، بل تحول إلى مشهد وطني بامتياز، جسد فيه المصريون وحدتهم والتفافهم حول ثوابتهم القومية حيث شهدت ساحات الصلاة في مختلف المحافظات حشودا كبيرة، لم تكن فقط للتكبير والتهليل، وإنما حملت في طياتها رسالة قوية وواضحة إلى العالم أجمع، تؤكد رفض الشعب المصري القاطع لأي محاولات لتهجير الفلسطينيين أو تصفية القضية الفلسطينية تحت أي مسمى.

لقد بدا واضحا أن هذا الاحتشاد لم يكن عفويا، بل جاء تعبيرا عن وعي وطني عميق يدرك حجم المخاطر المحدقة بالقضية الفلسطينية، ويؤكد أن مصر، قيادة وشعبا، لن تسمح أبدا بفرض حلول تتجاوز حقوق الفلسطينيين المشروعة وكان لافتا أن الهتافات التي انطلقت بعد صلاة العيد لم تكن مجرد تعبير عن مشاعر آنية، بل كانت امتدادا لموقف راسخ يؤمن به كل مصري، يقوم على دعم الحقوق الفلسطينية غير القابلة للتصرف، وفي مقدمتها حق العودة وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس.

وفي ظل هذه الأحداث المتسارعة، بات واضحا أن المصريين يقفون صفا واحدا خلف قيادتهم السياسية، ويدركون حجم الجهود التي تبذلها الدولة المصرية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي لحماية الأمن القومي المصري، وفي الوقت ذاته الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني، فقد تحركت مصر منذ اللحظة الأولى للأزمة، وعملت على تجنيب الفلسطينيين ويلات التصعيد العسكري، ورفضت بشكل قاطع أي محاولات لفرض تهجير قسري عليهم.

 

إن الموقف المصري كان واضحا وحاسما في رفض أي ترتيبات تمس التركيبة السكانية لغزة أو الضفة الغربية، وأكدت القيادة المصرية في كافة المحافل أن الحل العادل والشامل للقضية الفلسطينية لا يكون إلا من خلال إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967 وهذا ما يعيه الشعب المصري جيدا، ولذلك كان الاصطفاف الوطني في هذه اللحظة الحرجة بمثابة رسالة دعم قوية لهذا الموقف الرسمي، وتأكيد على أن مصر بشعبها وقيادتها على قلب رجل واحد.

إن خروج الملايين ليؤكدوا دعمهم لفلسطين ورفضهم لأي مشروعات تهدف إلى تصفية القضية، هو في حقيقته رسالة مباشرة إلى المجتمع الدولي، مفادها أن الحلول الأحادية المفروضة بالقوة لن تجد لها قبولا، وأن أي محاولة لتجاوز الإرادة الشعبية ستقابل بالرفض والاحتجاج وكانت مصر، بتاريخها ومكانتها، دائما صمام الأمان للقضية الفلسطينية، وهي اليوم تؤكد مجددا أنها لن تسمح بأي إجراءات تهدد حقوق الفلسطينيين أو تسعى لإعادة تشكيل المنطقة وفق مصالح ضيقة.

وقد التقطت وسائل الإعلام العالمية هذه الرسالة بوضوح، حيث تابعت عن كثب مظاهر التضامن الشعبي الواسع، ونقلت صورة المصريين وهم يرفعون الأعلام الفلسطينية جنبا إلى جنب مع العلم المصري، في مشهد يذكر العالم بأن فلسطين كانت وستظل قضية مصرية بامتياز، وأن الشعب المصري لن يقبل بأي حلول تنتقص من الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني.

وفي هذا السياق، لا بد من الإشادة بدور الأحزاب والقوى الوطنية المصرية التي لعبت دورا محوريا في توعية المواطنين بحقيقة ما يجري، وضرورة التمسك بالموقف الوطني الثابت تجاه القضية الفلسطينية وقد شهدنا تحركات مكثفة من مختلف القوى السياسية، عبر مشاركتها وتصريحاتها التي أكدت جميعها رفض أي مخططات تستهدف تهجير الفلسطينيين، و أشادت بجهود الدولة المصرية في التصدي لهذه المحاولات كما نظمت الأحزاب ندوات تثقيفية لتوضيح الأبعاد المختلفة للأزمة، وأهمية التلاحم الوطني في هذه المرحلة الحساسة، وهو ما ساهم في تعزيز الوعي الشعبي وتحصينه ضد أي محاولات للتشكيك أو إثارة البلبلة.

لقد أثبت المصريون مرة أخرى أنهم شعب لا يمكن خداعه أو التأثير عليه بحملات دعائية مضللة وخرجوا بقلوبهم وعقولهم ليؤكدوا موقفهم الثابت، ويرسلوا للعالم رسالة واضحة مفادها أن القضية الفلسطينية ستظل حية في وجدان الأمة، وأن مصر، بشعبها وقيادتها، لن تسمح بتمرير أي حلول تنتقص من الحقوق الفلسطينية المشروعة.

إن هذا الاصطفاف الوطني الكبير ليس مجرد موقف لحظي، بل هو امتداد لتاريخ طويل من النضال والتضحية من أجل القضية الفلسطينية، وهو دليل جديد على أن مصر ستبقى دائمًا في طليعة المدافعين عن العدل والحقوق المشروعة، ولن تحيد عن مبادئها مهما كانت التحديات.

تم نسخ الرابط