00 أيام
00 ساعات
00 دقائق
00 ثواني

🎉 افتتاح المتحف الكبير ! 🎉

عاجل

ما حكم دراسة تاريخ وآثار الأمم السابقة؟.. دار الإفتاء توضح

التاربخ
التاربخ

أكدت دار الإفتاء أن القرآن الكريم والسُّنَّةَ النبويَّةَ المشرَّفةَ قد لَفَتَا الأنظارَ في كثيرٍ من نصوصِهما إلى ضرورةِ السيرِ في الأرضِ وتتبعِ آثارِ الأممِ السابقةِ للتعلمِ منها وأخذِ العِظةِ والاعتبار، ومن ثَمَّ فإنه لا مانعَ شرعًا من دراسةِ الشابِّ المذكورِ تاريخَ الأممِ السابقةِ وآثارِهم، ويكونُ مُثابًا على دراستِه تلك؛ فإنَّ هذا النوعَ من الدراسةِ يُعَدُّ الوسيلةَ العلميَّةَ الصحيحةَ لحفظِ تاريخِ الحضاراتِ البشريةِ، والنظرِ في مصائرِها لأخذِ العِبرةِ والاتعاظ، والاستفادةِ من تجاربِها، ومعرفةِ السُّننِ الإلهيَّةِ في الكون، ممَّا يدفعُ بالإنسانيةِ إلى مزيدٍ من الوعي، ويضمنُ لها التقدمَ العلميَّ والحضاريَّ المستنير

حثّ الشريعة الإسلامية على التعرف على تاريخ الأمم السابقة


التعرف على الأمم السابقة والنظر في سيرها وآثارها هو مما أمرت به الشريعة الإسلامية وحثت عليه في كثير من الآيات القرآنية؛ لما في ذلك من عظة واعتبار، ومعرفة لسنن الخلق التي قدرها الواحد القهار، قال الله تعالى:
﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾.

قال الإمام القشيري في لطائف الإشارات في معرض تفسير هذه الآية مستدلًا على تكرير الأحوال:
كل نهر فيه ماء قد جرى… فإليه الماء يومًا سيعود.

وقال الإمام ابن عجيبة في البحر المديد:
فانظروا كيف بدأ الخلق على كثرتهم، واختلاف أحوالهم وألسنتهم وألوانهم وطبائعهم، وتفاوت هيئاتهم، لتعرفوا عجائب قدرة الله بالمشاهدة، ويقوى إيمانكم بالبعث.

كما جعل الله التعارف سمة إنسانية، والاختلاف سنة كونية، قال تعالى:
﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا﴾.

قال العلامة الشيخ محمد الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير:
جعلت علة جعل الله إياه شعوبًا وقبائل، وحكمته من هذا الجعل: أن يتعارف الناس، أي يعرف بعضهم بعضًا. والتعارف يحصل طبقة بعد طبقة متدرجًا إلى الأعلى… وهكذا حتى يعم أمة أو يعم الناس كلهم، وما انتشرت الحضارات المماثلة بين البشر إلا بهذا الناموس الحكيم.

حكم دراسة تاريخ وآثار الأمم السابقة


الآثار: جمع أثر وهو بقية الشيء، والآثار: الأعلام كما قال ابن منظور في لسان العرب.

والواقع يشهد أن ما تركته الأمم السابقة يمثل للبشرية الحاضرة سجلات تاريخية هائلة شاهدة على تاريخ الإنسان، وإعماره الأرض، وما توصلت إليه تلك الأمم من علوم ومعارف ورقي إنساني، كالمصريين القدماء، والفرس، والرومان وغيرهم، وهؤلاء ممن ملؤوا جنبات الأرض صناعة وعمرانًا؛ فإنهم جعلوا تلك الآثار وسائل تسجيل أيامهم، وأهم أحداثهم الاجتماعية والسياسية، وأهم المعارف والمعتقدات عندهم، وهو ما لا يخلو من فائدة تعود على الإنسان المعاصر، فبذلك يحسن تصوره وعلمه بما وقع في سالف الأزمان، بما يزيد إيمانه ويشرح صدره، ويرسخ قدمه في العلم والحكمة والإعمار.

وقد ورد عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قوله:
«الحكمة ضالة المؤمن، فحيث وجدها فهو أحق بها».
ومن الحكمة: الاستفادة من تجارب وخبرات الآخرين، حتى ولو كانوا من الأمم السابقة، فالمؤمن قاصد للعلم والحكمة “يلتقطها حيث وجدها ويغتنمها حيث ظفر بها”، كما قال الإمام المناوي في فيض القدير.

والواقع أن معرفة ماضي الأمم لا يتأتى إلا بجمع آثارهم ودراستها والاعتبار والانتفاع بها بالاستقراء، لمعرفة اللغات والعادات والمعارف من نقوشهم ورسوماتهم المدونة على تلك الآثار، وخير شاهد على ذلك ما وقع من كشف علمي كبير عن واقع وتاريخ الحضارة المصرية القديمة بعد الكشف عن حجر رشيد وفك رموزه ونقوشه، وأمره معروف مشهور.

أما بخصوص ما تستلزمه تلك الدراسة من إقامة التماثيل وجمعها: فإنه قد تقرر أن إقامة الآثار في المتاحف لدراستها ومعرفة تاريخ الأمم السابقة مشروع؛ لأنه يخلو من تعظيم وعبادة أحد مع الله جل وعلا، أو قصد مضاهاة خلق الله تعالى، وهو ما قرره الفقهاء بكلامهم عن علل تحريم صنع التماثيل.

قال العلامة الشيخ محمد الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير:
لم تكن التماثيل المجسمة محرمة الاستعمال في الشرائع السابقة، وقد حرمها الإسلام؛ لأن الإسلام أمعن في قطع دابر الإشراك لشدة تمكن الإشراك من نفوس العرب وغيرهم. وكان معظم الأصنام تماثيل فحرم الإسلام اتخاذها لذلك، ولم يكن تحريمها لأجل اشتمالها على مفسدة في ذاتها ولكن لكونها كانت ذريعة للإشراك. فأفاد أنه متى انتفت ذريعة الإشراك انتفت علة التحريم

تم نسخ الرابط