00 أيام
00 ساعات
00 دقائق
00 ثواني

🎉 افتتاح المتحف الكبير ! 🎉

عاجل

ولأننى مصرية الهوى والهوية والنشأة والطباع والأخلاق وكل ماأنتمى اليه  مصريا خالصا فشهادتى بالطبع مجروحة اذا تحدثت عن مصر ؛ ولذا فقد أخذنى ماقالته سيدة من خارج الوطن ومن دولة أخرى تحدثت عن بلادى الحبيبة وكان كلامها كالمسك فقد قالت :عشت في دول كثيرة والدي رحمه الله كان ديبلوماسي وعمل فترة في الامم المتحدة في جينيف.فانا من مواليد كندا و احمل جنسيتها وذهبت إلى مدارس في إيطاليا وسويسرا وعندما تزوجت انتقلت مع زوجي إلى الكويت.وفي فترة من حياتي كان لدي "خصام " وليس خصومة مع مصر فقد كنت لا أتحمل صخبها وفوضويتها وقسوتها ولا افهم موروثاتها وثوابتها وتقبلها للكثير من الأمور التي كانت بالنسبة لي ضد المنطق.وكنت اكره كلمة "معلش" ؛ ولا اتفهم طبيعة المصريين في اختلاق الحجج والأعذار لكل تصرف خاطيء.وبطبيعة الحال عندما اقضى عطلاتى فى قاهرة المعز  لا يمكن أقود سيارة في شوارعها حتى لا اصاب بازمة قلبية. وهكذا كنت ارى هذه البلد هى مرادف طبيعى لمصطلح .الضغط النفسي.ولاننى تنقلت وعشت فى دول كثيرة  تلك الدول التى يحكمها القانون فلا يوجد فيها مكان للفوضى، 
‏لان لكل شيء اطر وقوانين تحكمه.
‏هذه الدول مفيهاش "معلش."
‏ففي كندا التى نشأت وترعرعت وكبرت فيها انت تمشي حسب مجموعة من القوانين والإرشادات لا تستطيع ان تحيد عنها ولا تتمرد عليها، والا القانون الذي حماك هو نفسه الذي سيسلط عليك بلا رحمة.
‏وفي سويسرا هناك منظومة  انت تمثل فيها جزء من "ترس" الساعة عليك ان تكون منضبطا تماما، لا مجال لك ان تتأخر ثانية او تسبق ثانية، حتى لا يختل ميزان الزمن. واختلال الميزان في سويسرا  خطيئة لا تغتفر.
‏وفي دول الخليج كلها وبصفة عامة انت "وافد" لك ما لك وعليك ما عليك احترم نفسك يحترموك اغلط مع السلامة وخد الباب في ايدك. وهاأنا كبرت وبدات احاول ان افهم مصر لأننى انتمى لهذه البلد بطريقة أو بأخرى أو ربما لأننى متشوقة من كثرة ماسمعته عنها وعن شعبها أن أعيش فيها ومعهم وأحاول أن أفهم كيف لبلد مكتظة بالسكان ومحاطة بالاعداء والمتربصين ان تتواصل ويصبح شعبها يضرب به المثل فى المواطنة والمعايشة تحت أية ظروف وأزمات بل أنه متمسك بها ولم يذكر التاريخ كون المصرى أصبح لاجىء او مغادرا لبلاده ، تساؤلات واستفسارات ليست اختيارية وفي النهاية بالنسبة لكل مصري "مصر" سؤال اجباري لا تستطيع ان تتجاهله.وتستطرد هذه السيدة التى لاتريد الكشف عن هويتها وتقول : كانت بداية علاقتي الحقيقية مع مصر في عام ٢٠١٠،
‏قبل "ثورة يناير" وقررت ان انزل من برجي العاجي واحاول ان افهم هذه البلد التي يطلقون عليها "ام الدنيا" لانها اقدم دولة في التاريخ
واعتقد اني أدين كثيرا إلى الدكتور احمد زويل في نصيحة قالها في احدى المناسبات التي كنت حاضرة فيها . قال:
‏"مصر… إذا نظرت اليها بالميكروسكوب حتتعب اوي.. مصر لازم تراها بالتليسكوب حتى تفهمها."وبدات ارى مصر بالتليسكوب.رايت بلد كبير جميل يستوعب كل المتناقضات التي يمكن ان تتخيلها او لا  تنخيلها.
‏رايت شعب صبور، مبتسم، ساخر ، متقبل، رحيم، غلبان قوي، فقير في ماله، غني في هويته.رايت موروثات تعتقد انها بلا منطق، ولكن في الواقع هذا "اللا منطق" هو من حمل هذا البلد ليتجاوز ازمات ومحن وحروب، كان تطبيق المنطق فيها قد يدفعك إلى الجنون، ولكن اللا منطق هو نوع من البراجماتية يجعل اللا معقول  مقبول.وفهمت حكاية كان رواها لي احد المسئولين ، ولكنها كاشفة: قال انه ايام الرئيس مبارك كانت مصر تعاني من ازمة مرورية حادة، فطلبوا من البابان ان ترسل فريقا يدرس شبكة الطرق في مصر لتقديم حل للازمة.وحضر اليابانيون وظلوا ستة اشهر يدرسون شبكة الطرق في مصر.
‏وفي نهاية الفترة قدموا تقرير:
‏We don’t know how you do it
‏But keep doing it.
‏الترجمة "لا نعلم كيف تفعلونها 
‏ولكن استمروا فيما تفعلون"!
‏انها عبقرية اللا منطق… وسخرية مصر اللا منطقية!وكانت اكبر دهشة لي الاجانب الذين يعيشون في مصر. تجد الماني ( بلد العمل ) وسويسري ( موطن الانضباط) و خليجي ( عنوان الرفاهية) كلهم يعشقون عيشتهم في مصر فهم يرون تناقضاتها مثيرة وفوضويتها حرية واللا منطق سر جمالها.يرون شعبها دافيء ومنطقه الساخر  يلمس لدى الكثير منهم جزء من إنسانية مفقودة ضاعت وسط القوانين والانضباط والرفاهية.واخيرا فهمت لماذا مصر يطلقون عليها "ام الدنيا"،  ليست لانها اقدم بلد، ولكن لانها ارحم بلد بعباد الله جميعا، تستقبل كل من لجأ اليها، وتحتضنه في وقت شدته وتسامح من يخطا في حقها وتتحمل الغبن والجحود .. قلب الام .. حنعمل ايه .وفهمت ان كلمة  "معلش" هي طبطبة المصري لنفسه وهي اللي مكنته ان يبقى على وجه هذه الارض الاف السنين متحملا تقلباتها ومزاجيتها وجنونها.وعرفت ان مصر لازم تأخذها كده كما هي، تفهمها وتحبها،  او تفضل متعالي عليها، وبصراحة انت الخسران،وادركت اني اتصالحت مع مصر اخيرا عندما قررت اني اطلع رخصة قيادة واقود سيارة في شوارعها. 
‏معلش…وربنا يستر. 
هذه اعترافات واحدة من كثيرات وكثر قالوا عن مصرنا مانعيشه نحن فيها ومانشعر به ليجعل مما قالوه ومانشعر به مزاج مصرى مخلوط بكل المفردات من معلش وحقك عليا ،وكتر خيرك ،وانا فى ضهرك ، وميكونش عندك هم طول ماانا موجود، هذه ليست كلمات ولا مفردات لغوية ولكنها موروثات مصرية تاجا على رؤسنا نرددها ونتلوها ونرتلها ونحن نقول تعيشى يابلادى وتحيا مصر …

تم نسخ الرابط