00 أيام
00 ساعات
00 دقائق
00 ثواني

🎉 افتتاح المتحف الكبير ! 🎉

عاجل

أن تعبد الله كأنك تراه| علي جمعة يكشف: الذكر هو طريق الإحسان، كيف يتحقق ذلك؟

علي جمعة
علي جمعة

قال الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، إن العلماء الذين قاموا يحمون مرتبة الإحسان، حتى تصل إلى درجة أن تعبد الله كأنك تراه، قَيّدوا هذا الطريق أولًا بالذِّكر والفِكر، والذِّكر أخذوه من القرآن الكريم.

الذكر هو الطريق إلى الإحسان

قال تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ}، وقال تعالى: {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ}، وقال تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}، وقال تعالى: {أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ القُلُوبُ} .

ولفت إلى أن الذكر هو الطريق، وكذلك الفِكر والتدبّر والتأمّل في خلق السماوات والأرض، في عالم النبات والحيوان، وفيما ينفع الناس: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}.

وتابع علي جمعة: إذن هناك فِكر سطحي، صاحبه ينظر بلا تأمّل وتراه يجمع المعلومات، وهناك فِكر عميق، صاحبه يدخل في حقائق الأشياء، وهناك فِكر مستنير، وهو أن يربط هذا بالإيمان بالله، فيقول: “سبحانك”؛ فكلمة "سبحانك" إنّما تأتي في قمة التفكير في بديع صنع الله الدالّ عليه سبحانه وتعالى، وهذه هي حقيقة الإحسان.

وأكمل: إذن فالذين لا يريدون أن يتفكّروا، والذين لا يريدون أن يذكروا، بعيدون عن منهج الله؛ والله سبحانه أمرنا بالذِّكر كما أمرنا بالفِكر: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ القُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا}، {قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا}، {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}، يعني يتأمّل في الكون، ثم يقول بعد ذلك: {اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ}، يعني الوحي، فيتدبّر في كتاب الله المنظور وهو الكون من حولنا، ويتدبّر في كتاب الله المسطور وهو الوحي: القرآن والسنة الصحيحة، ويتدبّر –أيضًا– في حال نفسه: كتاب الله المقدور، وهو الإنسان، يتأمّل في قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ القُرْآنَ * خَلَقَ الإِنْسَانَ * عَلَّمَهُ البَيَانَ}.

وأردف علي جمعة: إذن فهناك ثلاثية: (القرآن، والإنسان، والأكوان) ؛ يجب أن نتأمّل ونتدبّر فيها، وبذلك نكون من المفكّرين في طريقنا إلى الله سبحانه وتعالى: طريق الذِّكر والفِكر.

ومنهج النبي ﷺ في الذكر: السَّعة؛ فإذا جاء شخص يريد التقيّد بما ورد، فهو أحد رجلين:

الأول: أنه أحبّ ما ورد في السنة ووجد قلبه فيه، وهذا أمر محمود، بل هو غاية المراد؛ لأنه قد عاش كلام النبي ﷺ الوارد عنه في الأحاديث من دعاءٍ وذكرٍ في مختلف المواطن، وفهم معناه ووجد قلبه عنده، فالأصل أن تجد قلبك.

والآخر: يتقيد بما ورد، ولكنه يؤديه "إثباتَ حالة"؛ يريد أن يُقنع نفسه أو يقنع الناس بأنه يتمسّك بالمنهج النبوي، فيُنكر على من خرج عن هذه الأذكار، وهو بهذا الإنكار يخالف المنهج النبوي؛ فالمنهج النبوي كان على السَّعة.

وأضاف علي جمعة: تَعالَ ننظر في السنة المشرفة:

رجل يذكر الله في الصلاة بما لم يسمعه رسول الله ﷺ، فإذا برسول الله ﷺ يقول بعد الصلاة: “من المتكلم في الصلاة؟” فلم يتكلم أحد –يسكت الرجل ويظن أنه قد أتى بخطأ– ثم قالها الثانية: “من المتكلم في الصلاة؟” فلم يتكلم أحد، ثم قالها الثالثة: “من المتكلم في الصلاة؟” فقال رفاعة بن رافع بن عفراء: أنا يا رسول الله. قال: كيف قلت؟

قال: قلت: "ربنا ولك الحمد، حمدًا كثيرًا طيبًا طاهرًا مباركًا فيه..." إلى آخر الحديث.

فقال رسول الله ﷺ: «لقد ابتدرها بضعةٌ وثلاثون ملكًا أيُّهم يصعد بها» (الترمذي والنسائي). وذلك قبل أن يقرّه النبي ﷺ؛ فالنبي ﷺ علّمنا أن نذكر الله على السَّعة.

ومما يدل على أن الأصل في الذكر السعة: ما ورد في التلبية.

ففي حديث جابر: “وأهلّ الناسُ بهذا الذي يُهلّون به، فلم يردّ رسول الله ﷺ عليهم شيئًا منه، ولزم رسولُ الله ﷺ تلبيتَه” (مسلم).

وكانت تلبية رسول الله ﷺ: "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك".

في حين أن صحابي آخر يُلبّي، فيقول: "لبيك حقًا حقًا، لبيك تعبّدًا ورِقًّا".

وكان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يُلبّي فيقول: "لبيك لبيك وسعديك، والخير بيديك، لبيك، والرغباء إليك والعمل". فيتركهم سيدنا رسول الله ﷺ. فهذا دليل على أن الأصل في الذكر السعة، والمقصود أن نجد قلبنا عنده.

ولذلك رأينا العلماء والصالحين عبر القرون يذكرون الأذكار، مع أنها ليست واردة في السنة، بل ويزيدون أيضًا؛ فمثلًا يقولون: "ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار". ويزيدون: "وأدخلنا الجنة مع الأبرار، يا عفو، يا غفار". دعاءٌ وذِكرٌ بأسماء الله الحسنى، وهو شيء حسن جميل؛ قال تعالى: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}.

واختتم علي جمعة: إذن فهذا النمط، وهذا المنهج، كان هو أساس طريق التصوف؛ الذي هو مقيد بالذكر والفكر، مقيد بالتخلّي والتحلّي؛ من أجل التجلّي، مقيدٌ بقواعد، منها: “أن ملتفتًا لا يصل”، وكل ذلك وارد بالتفصيل في الكتاب والسنة، ومن أراد أن يحمل الناس على مذهبه، وأن يُنكر على منهج الكتاب والسنة، فهو مخطئ.

تم نسخ الرابط