القاهرة تحكم قبضتها على المتوسط.. صفقات كبرى تعيد رسم خريطة النفوذ البحري
عقدت الحكومة المصرية خلال الفترة الماضية العديد من الصفقات وخاصة في منطقة البحر المتوسط بعد ترسيم الحدود البحرية مع عدد من الدول؛ حتى تحكم قبضتها علي منطقة البحر المتوسط.
كيف أحكمت مصر قبضتها على البحر المتوسط؟
وفي التقرير التالي يرصد لكم موقع نيوز رووم كيف أحكمت مصر قبضتها على البحر المتوسط من خلال الصفقات التي أبرمتها.
السياق الجيو-استراتيجي
تتمع البلاد بموقع جغرافي متميز حيث تقع على رأس الساحل الجنوبي للبحر المتوسط، وهو موقع جغرافي محوري يربط بين الشرق والغرب، ويشرف على ممرّات بحرية هامة. خلال السنوات الأخيرة، وتحوّلت هذه المكانة إلى أصل نفوذ تمّ توظيفه بذكاء من خلال اتفاقيات دولية، واستثمارات ضخمة، وضبط لحدود الملكية البحرية، مما مكّن القاهرة من تعزيز حضورها وتأمين مصالحها الاقتصادية والبحرية في المتوسط.
مصر في المرتبة الـ 13 عالميا
في أحدث تقييم صادر عن موقع World Directory of Modern Military Warships (WDMMW)، احتلت البحرية المصرية موقعًا متقدمًا على خريطة القوى البحرية العالمية، بعدما أكد التقرير أن الأسطول المصري يضم 101 هيكل قتالي أمامي في الخدمة الفعلية، لتأتي مصر في المرتبة 13 عالميًا بين أربعين قوة بحرية حول العالم.
ووفقًا للموقع المتخصص في تصنيف القدرات البحرية، يشمل هذا العدد السفن الحربية الرئيسية فقط، مستبعدًا الزوارق الصغيرة والسفن المساعدة وسفن الإمداد والمسح والأنواع التاريخية.
الاتفاقيات البحرية
أحد أبرز أدوات مصر هذا الحضور جاء عبر اتفاقيات ترسيم الحدود البحرية، ومنها الاتفاق مع اليونان في أغسطس 2020 الذي حدّد منطقة اقتصادية خالصة بين الجانبين، وهو ما مكّن مصر من تأكيد حقوقها ضمن الإطار القانوني الدولي.
كما أظهرت القاهرة قوة في التصدي لمحاولات أطراف أخرى تقويض تلك الحقوق، مثل رفضها لاتفاقيات بين ليبيا وتركيا في البحر المتوسط واعتبارها “انتهاكاً للسيادة المصرية.
اتفاقيات مجال الطاقة
وأبرمت مصر مؤخراً أيضاً اتفاقاً مع كبرى شركات الطاقة مثل Eni و BP لبدء استكشاف حقول نفط وغاز في المتوسط، مما يعكس تحولاً من مجرد تحديد الحقوق إلى استثمار فعلي في الثروات البحرية.
الصفقات العقارية على الساحل المتوسّط
إلى جانب الطاقة، لجأت مصر إلى استثمار الساحل بطبيعة الحال في التنمية العقارية والسياحية، أبرزها عقد ضخم مع Qatari Diar بقيمة نحو 29.7 مليار دولار لتطوير منطقة “العلمين الجديدة” على ساحل المتوسط بمحافظة مطروح، وهو مشروع يمتد لآلاف الهكتارات ويشمل فنادقاً وموانئاً وترفيه.
هذه المشاريع لا تقتصر على النمو الاقتصادي المحلي فحسب، بل تُحوّل الساحل المتوسط إلى نقطة جذب دولي، وتزيد من قدرة مصر على تحديد وتنمية امتيازاتها الساحلية.
القدرات البحرية وحماية السيادة
عززت مصر أيضاً قدراتها على الأرض والبحر من خلال خطوات تنفيذية وإدارية:
إصدار مرسوم رئاسي لترسيم الحدود البحرية مع ليبيا غرباً، مما صُمّم لتوجيه الرسالة بأن القاهرة تحمي غرب المتوسط أيضاً.
متابعة التصاريح والاعتراضات الدبلوماسية في حال ظهور مخططات بحرية من دول مجاورة تتداخل مع المنطقة الاقتصادية المصرية، كما في اعتراض مصر على التخطيط البحري اليوناني مؤخراً.
النتائج والتداعيات
يمكن تلخيص تأثير هذه السياسات والصفقات في عدة محاور:
تعزيز الاقتصاد الوطني: الاستثمارات العقارية والطاقة ترفع القيمة المضافة وتخلق فرصاً وظيفية وتدفقات دولارية.
تحويل مصر إلى محور إقليمي: بفضل الاتفاقيات والمشروعات، تصبح القاهرة مركز جذب للشركات الدولية في المتوسط.
تكريس سيادة بحرية: الاتفاقيات والترسيمات تُعطي مصر وقفة قانونية ومادية أمام محاولات النفوذ أو الالتفاف البحري.
تنويع الاستفادة: بدلاً من الاعتماد على قناة السويس أو البحر الأحمر فقط، أصبح للمتوسط دور أكبر في الخريطة الوطنية
التحديات المستقبلية
رغم النجاح، لا تزال هناك تحديات أمام مصر في هذا المسعى:
ضرورة متابعة التنفيذ الفعلي للمشروعات الكبرى والتأكد من أن الإيرادات تخدم المواطن وليس مجرد أرقام استثمارية.
التوترات المتوسّطية مستمرة، وقد تشهد تغيّرات سياسية أو قانونية تتطلّب مرونة دبلوماسية سريعة.
المحافظة على بيئة مستدامة في الساحل، إذ أن التنمية العقارية المكثفة قد تؤثّر على البيئة والتوازن الإيكولوجي للبحر المتوسط.