عاجل

وانخفاض الإنتاج لأدنى مستوياته خلال فصل الصيف

خبراء الزراعة: 7.5 مليون طن إنتاج الألبان فى مصر سنويًا و العجز يسجل 35%

أزمة الألبان
أزمة الألبان

 

تعد ظاهرة غش الألبان واحدة من أبرز المشكلات التي تهدد صحة المواطنين في مصر، حيث يتعرض العديد من الأشخاص لمخاطر صحية بسبب استهلاك لبن مغشوش أو ملوث، فى ظل انتشار اللبن السائب غير الخاضع للرقابة، الذي يتداول في بعض المناطق دونفحص أو تدقيق في جودة المنتج.

7.5 مليون طن إنتاج الألبان سنويًا

وفي حديثه حول الوضع الحالي في قطاع الألبان، أكد الدكتور عاطف فايد، أستاذ علوم وتكنولوجيا الألبان بكلية الزراعة جامعة الإسكندرية، أن الإنتاج المحلي من الألبان السائلة في السوق المحلى يصل إلى حوالي 7.5 مليون طن سنويًا، إلا أن هذا الإنتاج لا يفي باحتياجات السوق المحلي، وأشار إلى أن نسبة الاكتفاء الذاتي من منتجات الألبان تبلغ حوالي 65% فقط، بينما تبلغ الفجوة بين العرض والطلب نحو 35%، وللتغلب على هذا العجز، يتم اللجوء إلى استيراد اللبن المجفف أو اللبن البودرة.

وأوضح الدكتور فايد، فى تصريحات خاصة، أن اللبن البودرة ليس نوعًا من أنواع الغش كما يعتقد البعض، بل هو بديل غذائي آمن يحتوي على نفس المكونات الغذائية الموجودة في اللبن الطبيعي السائل، وذلك لأنه يحفظ بطرق علمية تحافظ على العناصر الغذائية الأساسية مثل البروتينات، الكربوهيدرات، والدهون.

انخفاض الإنتاج المحلي في الصيف

وأشار إلى أن إنتاج الألبان محليًا يعاني من تذبذب موسمي، حيث ينخفض بشكل ملحوظ في فصل الصيف بسبب تراجع إنتاج الأبقار والجاموس من اللبن نتيجة لقلة العلف (البرسيم)، فمن بداية شهر مايو يبدأ العد التنازلي للإنتاج، ويستمر الانخفاض حتى موسم العودة إلى إنتاج البرسيم في نوفمبر وديسمبر، أما في فصل الصيف، يصل العجز إلى حوالي 45% من الاحتياجات المحلية، بينما في الشتاء ينخفض هذا العجز ليصل إلى حوالي 10% فقط.

تعويض العجز في الإنتاج المحلي

وأضاف استاذ تكنولوجيا الألبان أن هذا العجز يتم تعويضه عن طريق استيراد اللبن المجفف أو اللبن البودرة، الذي يُعد الحل الوحيد لسد الفجوة في الإنتاج المحلي، موضحًا أن احتياج السوق في فصل الشتاء يغطي بنسبة 30% من اللبن المستورد، بينما في الصيف تتضاعف هذه النسبة بسبب تراجع الإنتاج المحلي.

المشاكل الصحية المرتبطة باللبن السائب والغش

كما تحدث الدكتور فايد عن المشاكل الصحية المرتبطة باللبن السائب الذي يتم بيعه في الأسواق بشكل غير قانوني، إذ أن هذا النوع من اللبن ينتج في مزارع منزلية (زرائب) غير خاضعة للرقابة الغذائية، مما يعرض المواطنين لمخاطر صحية خطيرة، ومن أبرز المواد التي يتم إضافتها لللبن السائب هي الأمونيا، التي تستخدم لتقليل الحموضة الناتجة عن التلوث، مما يجعل اللبن يبدو صالحًا للاستهلاك رغم كونه ملوثًا، وأضاف أن الأمونيا هي مادة سامة تشبه في تركيبها مادة اليورين، ولها تأثير قاعدي يساعد على تقليل الحموضة في اللبن، وتعد الأمونيا من المواد السامة التي لا يجب أن يتناولها الإنسان بأي حال، حيث يمكن أن تؤدي إلى تسمم مزمن على المدى البعيد، مما يسبب أمراضًا خطيرة مثل الفشل الكلوي والمشاكل في الأمعاء.

غش خلط الألبان

تحدث أيضًا  الدكتور فايد عن أن بعض التجار يقومون بخلط اللبن الكامل مع اللبن منزوع الدسم أو إضافة مواد أخرى مثل المياه، بهدف زيادة الكمية وتحقيق أرباح أكبر، وهو ما يشكل خطورة على صحة المواطنين، خصوصًا على مرضى القلب والشرايين، حيث أن اللبن الكامل يحتوي على نسبة عالية من الدهون وعندما يتم خلطه باللبن منزوع الدسم، يتسبب ذلك في تلاعب غير قانوني في تركيب اللبن ويؤثر سلبًا على صحة المستهلكين.

وأشار إلى أن أحد أكبر التحديات التي تواجه قطاع الألبان في مصر هو ضعف الرقابة على إنتاج الألبان في المزارع الصغيرة والمناطق غير المسجلة، حيث يتم تداول كميات كبيرة من اللبن السائب في الأسواق دون أي رقابة أو فحص، وأكد أن 10% فقط من المصانع الغذائية والألبان في مصر مسجلة في خريطة الرقابة الغذائية، بينما يظل 90% من هذه المصانع خارج نطاق المراقبة.

كما أشار الدكتور فايد إلى أن هناك علاقة طردية بين جودة اللبن وسعره في السوق، حيث أن اللبن المعبأ المعقم، الذي يخضع لرقابة غذائية صارمة، غالبًا ما يكون أكثر تكلفة. بينما يميل بعض المواطنين إلى شراء اللبن السائب المغشوش لأنه أرخص، مما يزيد من تعرضهم للمخاطر الصحية، ورغم أن اللبن السائب يكون أقل سعرًا، إلا أن جودته غالبًا ما تكون رديئة، مما يعرض صحة المستهلكين للخطر.

الاكتفاء الذاتى من الألبان

من جانبه، أضاف الدكتور محمد الحوفي، أستاذ علوم وتكنولوجيا الألبان بكلية الزراعة جامعة عين شمس، أن قطاع إنتاج الألبان في مصر يواجه العديد من التحديات التي تؤثر بشكل كبير على كفاءته وتطوره، وأوضح أن من أبرز هذه التحديات هي نقص السلالات عالية الإنتاجية، حيث تعتمد مصر بشكل كبير على السلالات المحلية ذات الإنتاجية المنخفضة من الحليب، مما يقلل من إجمالي الإنتاج المحلي.

وأضاف الدكتور الحوفي، فى تصريحات خاصة، أن ارتفاع أسعار الأعلاف يمثل أحد العوامل الرئيسية التي تؤثر على القطاع، حيث تعتمد مصر على استيراد جزء كبير من الأعلاف المستخدمة في تغذية الماشية، مما يزيد من تكاليف الإنتاج نتيجة لتقلبات الأسعار العالمية، كما أشار إلى أن الزحف العمراني على الأراضي الزراعية يؤثر بشكل مباشر على المساحات المزروعة بمحاصيل الأعلاف، مما يؤدي إلى نقص في الغذاء المتاح للماشية. كما أن عدم وجود مراعي طبيعية يجعل المربين يعتمدون على الأعلاف المصنعة التي تزيد من تكاليف الإنتاج.

وأشار الدكتور الحوفي إلى وجود مشكلات تسويقية تواجه المنتجين في هذا القطاع، حيث يعانون من صعوبات في تسويق الألبان نتيجة لتقلبات الأسعار وضعف البنية التحتية للتوزيع.

وفيما يتعلق بـ نسبة الاكتفاء الذاتي من الألبان في مصر، أوضح الدكتور الحوفي أنه وفقًا لتصريحات وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، حققت مصر اكتفاءً ذاتيًا من الألبان الطازجة بنسبة 100%، مع إنتاج يتجاوز 8.5 مليون طن سنويًا ، لكن لازال الاعتماد على الاستيراد لسد الفجوة بين الإنتاج المحلي والاستهلاك، وأضاف أن الإنتاج المحلي للألبان الطازجة في مصر يبلغ أكثر من 8.5 مليون طن سنويًا.

وتطرق الدكتور الحوفي إلى غش اللبن ومنتجاته، حيث اعتبر أن عمليات غش اللبن تعد من المشكلات الخطيرة التي تهدد صحة المستهلكين وجودة المنتجات، وقال إن بعض الأساليب الشائعة في الغش تشمل استبدال دهن اللبن بزيوت نباتية، خاصة في صناعة الجبن، بالإضافة إلى إضافة الماء لتخفيف اللبن وزيادة كميته، مما يؤدي إلى تقليل قيمته الغذائية. كما أشار إلى استخدام مواد حافظة غير مصرح بها ومواد مالئة مثل النشا لزيادة كثافة اللبن.

وأوضح أن مصر تعتمد على استيراد الألبان المجففة لسد الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك، وتلبية احتياجات الصناعات الغذائية التي تعتمد بشكل كبير على الألبان المجففة، مثل صناعة الجبن. وأضاف أن الألبان المجففة تعتبر بديلاً مهمًا بسبب التحديات المرتبطة بتخزين وجمع الألبان الطازجة، خاصة من المربين الصغار، وبحسب الدكتور الحوفي، تقدر قيمة واردات الألبان المجففة لمصر سنويًا بين 500 مليون دولار إلى مليار دولار.

وأشار إلى أن استخدام الزيوت النباتية في صناعة الجبن يعد من الحلول الاقتصادية لبعض المصانع لتقليل التكلفة. حيث تعتبر الزيوت النباتية أرخص بكثير من الدهون الحيوانية، ما يساعد على تقليل التكاليف وزيادة هامش الربح، ومع ذلك، حذر الحوفي من أن استخدام الزيوت النباتية المهدرجة أو المشبعة يمكن أن يكون له آثار صحية ضارة، مثل زيادة مستويات الكوليسترول في الدم وتأثير سلبي على صحة القلب.

وأكد الدكتور الحوفي على ضرورة اتخاذ إجراءات لتحسين قطاع الألبان في مصر، بما في ذلك زيادة الرقابة على المنتجات والتصدي لظاهرة الغش التجاري في الألبان، مما يساعد في ضمان صحة المستهلكين وتحقيق استدامة في هذا القطاع المهم.

تم نسخ الرابط