تعزيز التعاون ومناقشة خطة الإعمار.. كيف يقيّم الخبراء زيارة ماكرون إلى مصر؟

تتصدر زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى مصر الأجندة السياسية الدولية، حيث من المتوقع أن تشهد الزيارة مناقشات حيوية حول عدد من القضايا البارزة وفي مقدمتها الخطة العربية لإعمار غزة وسبل وقف الحرب الدائرة في القطاع.
وتأتي هذه الزيارة المقرر لها، الأحد المقبل، في وقت بالغ الأهمية على الصعيدين الإقليمي والدولي، حيث يسعى ماكرون إلى تعزيز التعاون الاستراتيجي بين فرنسا ومصر بشأن الأوضاع في غزة.
ووفقًا لصحيفة لو فيجارو الفرنسية، فإن الزيارة تحمل رسائل قوية وتؤكد على أهمية مصر كحليف استراتيجي في المنطقة، موضحة أن ماكرون سيبحث مع الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال اللقاءات عدة ملفات حساسة ومختلفة، أبرزها الخطة التي وضعتها القاهرة لإعادة إعمار غزة، إلى جانب سبل تنفيذها وطرق وقف الحرب المستمرة.
دور زيارة ماكرون في تعزيز التعاون بين مصر وفرنسا
يقول اللواء الدكتور سمير فرج، الخبير العسكري والاستراتيجي، إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يعد من أبرز القادة الأوروبيين الذين يقيمون علاقات قوية مع مصر، ويساهمون في العديد من القضايا التي تهم الأمن القومي المصري، خاصة في منطقة البحر الأبيض المتوسط وليبيا، بالإضافة إلى الوضع في غزة والعلاقات مع إسرائيل.
وأضاف فرج في تصريحات لـ "نيوز رووم"، أن التعاون بين مصر وفرنسا يعد من أكبر التعاونات على المستويين السياسي والعسكري في المنطقة، حيث تعتبر فرنسا من أكثر الدول الأوروبية دعماً لمصر.
وأشار الخبير العسكري إلى أن الزيارة المرتقبة للرئيس ماكرون إلى مصر ستكون مهمة للغاية في ظل التحديات الإقليمية الراهنة، موضحا أن الزيارة ستسهم في تعزيز التعاون بين البلدين بشأن قضايا هامة، مثل الأوضاع في غزة ولبنان وسوريا، إضافة إلى الأمن في البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر.
وتابع فرج أن وجهات النظر بين مصر وفرنسا تتقارب بشأن معظم القضايا الإقليمية، مما يعطي دعمًا قويًا لموقف مصر مع دول الاتحاد الأوروبي.
وحول تأثير هذه الزيارة على السياسة الأمريكية الداعمة للكيان الصهيوني، أكد فرج أنه من غير المتوقع أن تغير الزيارة الموقف الأمريكي المنحاز بشكل كبير إلى إسرائيل، مشددًا على أن التوجهات الأمريكية تجاه إسرائيل لا تزال ثابتة، ولن تتأثر بالجهود الفرنسية أو الأوروبية في هذا المجال.
فرنسا قدمت دعمًا كبيرًا لمصر في مشاريعها التنموية
من جانبه، قال المحلل الاقتصادي حسن هيكل إن العلاقات بين مصر وفرنسا شهدت تقلبات تاريخية بدءًا من الحملة الفرنسية على مصر، التي صاحبها حضور علماء فرنسيين اهتموا بالمصريات وعلم المصريات، حيث توالت هذه العلاقات عبر مختلف المراحل التاريخية، مثل العدوان الثلاثي في 1956 بسبب دعم مصر للثورة الجزائرية، ثم الموقف الفرنسي المؤيد لمصر بعد حرب 1967 بقيادة الرئيس الفرنسي الأسبق شارل ديغول.
وأضاف المحلل أنه مع بداية عهد الرئيس الفرنسي جورج بومبيدو، شهدت العلاقات تحسنًا ملحوظًا، خاصة في المجالات التكنولوجية والعسكرية.
وتابع هيكل في تصريحات لـ "نيوز رووم"، أن فرنسا قدمت دعمًا كبيرًا لمصر في مشاريعها التنموية، خصوصًا في مجالات الصناعة والتصنيع العسكري، مشيرًا إلى الصفقات العسكرية بين البلدين مثل بيع الطائرات الحديثة لمصر.
وأكمل أن الاستثمارات الفرنسية في مصر، تقدر بحوالي 7.10 مليار دولار، ووجود نحو 940 شركة فرنسية تعمل في مختلف القطاعات مثل البنية التحتية، النقل، الطاقة، والتكنولوجيا.
وأشار هيكل إلى أن مصر تسعى لزيادة صادراتها إلى فرنسا لتتجاوز مستوى ربع مليار يورو، وهو ما يعكس تطورًا مهمًا في التبادل التجاري بين البلدين، مؤكدا أن زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لمصر تعبر عن تقدير فرنسا لمصر ودورها في منطقة الشرق الأوسط، مشيرًا إلى أن مصر وفرنسا يتعاونان في العديد من القضايا السياسية والاقتصادية.
وتطرق هيكل إلى الدور الفرنسي في المنطقة، خاصة في أزمات غزة والحروب في اليمن وسوريا، مشيرًا إلى أهمية المبادرات الفرنسية والمصرية في نزع فتيل التوترات في هذه المناطق.
ولفت إلى أن الحرب في غزة قد أثرت على حركة الملاحة في قناة السويس، وأن أي تصعيد في هذه المنطقة سيكون له تبعات اقتصادية كبيرة على البلدين.
وشدد هيكل على أن العلاقات بين مصر وفرنسا ستظل محورية في تعزيز الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، متوقعًا المزيد من التعاون بين الجانبين في المستقبل.
فرنسا تسعى لتعزيز التعاون مع مصر في مختلف القضايا
وقال الدكتور رأفت محمود، الخبير في الشأن الأفريقي ومدير إدارة القضايا الأفريقية في مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، إن زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى مصر ستتناول العديد من الملفات المشتركة بين البلدين، خصوصاً في ظل التحولات الكبيرة التي شهدتها الساحة الدولية بعد التغييرات الأخيرة في الولايات المتحدة الأمريكية وبالذات مع توجهات الرئيس دونالد ترامب.
وأضاف الخبير في الشأن الأفريقي في تصريحات لـ "نيوز رووم"، أن فرنسا، كدولة رائدة في أوروبا، تسعى لتعزيز التعاون مع مصر في مختلف القضايا التي تخص الأمن والاستقرار في المنطقة، مشيرا إلى أن من الملفات الهامة التي ستتم مناقشتها هي الأوضاع في منطقة الساحل والصحراء، حيث تتواجد العديد من التحديات التي تؤثر بشكل مباشر على الأمن الإقليمي، وتعتبر مصر نقطة محورية في هذا الملف.
وتابع مدير إدارة القضايا الأفريقية في مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء أن فرنسا مهتمة أيضاً بمناقشة الوضع في السودان بعد التغييرات السياسية الأخيرة هناك، حيث سيسعى الرئيس الفرنسي ماكرون إلى التنسيق مع مصر بشأن الوضع في السودان بالنظر إلى الأهمية الاستراتيجية لهذا البلد بالنسبة للمنطقة.
وتطرق الخبير إلى الوضع في سوريا، حيث ستكون تطورات الأزمة السورية على رأس الموضوعات التي ستتم مناقشتها بين الرئيسين، موضحا أن فرنسا لها تاريخ طويل في منطقة الشام، خاصة في لبنان وسوريا، مما يجعل موقفها مهمًا في التأثير على الأوضاع هناك.
وأشار إلى أن هناك تحديات كبيرة في سوريا بسبب التوترات بين القوى الدولية والإقليمية، مثل إسرائيل وتركيا وإيران، وبالتالي سيكون التعاون المصري الفرنسي في هذا الملف محوريًا.
وأضاف مدير إدارة القضايا الأفريقية في مركز المعلومات أن الوضع في غزة سيكون أحد المواضيع الرئيسية التي سيتم التركيز عليها، في ظل العدوان الإسرائيلي المستمر على القطاع.
وأوضح أن هناك تنسيقًا بين مصر وفرنسا لحل هذه الأزمة، خاصة مع تزايد الأوضاع الإنسانية الخطيرة في غزة وضرورة إيجاد حلول دبلوماسية لوقف التصعيد.
وأشار إلى أن زيارة ماكرون إلى مصر تمثل فرصة لتقوية العلاقات بين البلدين في جميع المجالات، سواء في الاقتصاد أو الأمن، خاصة أن مصر تعد شريكًا استراتيجيًا لفرنسا في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وتتمتع مصر وفرنسا بعلاقات اقتصادية وتجارية قوية على مر التاريخ، حيث يعكس التبادل التجاري بين البلدين نجاحًا في التعاون القائم على المصالح المشتركة.
وتتنوع مجالات التعاون بين مصر وفرنسا، حيث تشمل الصناعات الغذائية، السيارات، الأدوية، والطاقة المتجددة، بالإضافة إلى استثمارات فرنسية ضخمة في مشاريع كبرى داخل مصر، بينما شهدت السنوات الأخيرة نموًا ملحوظًا في الصادرات والواردات بين البلدين، مما عزز من مكانة فرنسا كشريك استراتيجي لمصر في أوروبا.
وارتفعت قيمة التبادل التجاري عام 2022، إلى 4.4 مليار يورو، بزيادة 60% عن عام 2021، مما يعكس تطورًا ملحوظًا في العلاقات الاقتصادية بين البلدين.
الاستثمارات الفرنسية في مصر وأثرها على الاقتصاد المصري
وتصل الاستثمارات الفرنسية في مصر إلى 7.2 مليار يورو، موزعة على 180 مشروعًا وتساهم في توفير حوالي 50 ألف فرصة عمل في مجالات مختلفة.