الحب لا يقاس بالكلام فقط.. كيف تؤثر الخلافات المالية على العلاقة العاطفية؟
مخطئ من يظن أن العلاقة العاطفية تقاس فقط بما يقال من كلمات جميلة أو ما يُبنى من ذكريات، بل ينبغي أن ندرك جيدا أن العلاقات تقاس أيضا بالطريقة التي يتعامل فيها الشريكان مع تفاصيل الحياة اليومية، ومنها المال.
فرغم أن الحديث عن المال يبدو ماديا، إلا أنه غالبا يحمل وراءه مشاعر أعمق تتعلق بالأمان، والمسؤولية، والصورة التي يحملها كل طرف عن المستقبل.
الخلافات المالية والنزاعات الزوجية
تُظهر دراسات عديدة أن الخلافات المالية من أكثر أسباب النزاعات بين الأزواج، ليس لأن المال غاية، بل لأنه يلامس مناطق حساسة في النفس.
وفي كثير من العلاقات المستقرة والعميقة، تظهر ست نقاط متكررة تدور حولها الخلافات المالية، ويمكن فهمها وتجاوزها إذا عُرفت دوافعها ومعانيها:
1- الاختلاف في أساليب الإنفاق
قد يكون أحدكما يميل إلى شراء ما يحب فورا، بينما يفضّل الآخر التفكير والتأجيل والتوفير.
وهنا لا يكون الخلاف حول الثمن، بل حول الشعور بالأمان، فالطرف الذي ينفق يرى أنه يعيش اللحظة، بينما الذي يدّخر يريد ضمان الغد.
وهنا يجب على الشريكين أن يفهما أن المشكلة لا تُحل بمنع أو سماح، بل بفهم ما يمثله المال عاطفيا لكل منكما.
2- الفجوة في الدخل بين الشريكين
نادرا ما يكون الدخل بين الطرفين متساويا، وعندما يكون الفرق كبيرا فقد تظهر مشاعر خفية: الخجل، أو الضغط، أو الخوف من الاعتماد.
في هذا الإطار تبرز نقطة مهمة وهي ضرورة ألا يتحول المال إلى وسيلة لتقييم قيمة أحدكما أو سلطته داخل العلاقة. الاحترام هنا هو الأساس، لا الأرقام.
3- الخلاف حول الديون وكيفية التعامل معها
الديون ليست أرقاما على ورق، بل ثقل عاطفي داخلي، من يحملها يشعر أنها عبء يلاحقه.
ويعد الاختلاف بشأن طريقة سدادها أو توقيتها، أمرا طبيعيا لكن المهم في هذه المرحلة أن تُرى الديون كمسؤولية مشتركة، لا كعبء يلقيه أحدكما على الآخر.
ولذلك، فالحديث الصريح هنا يخفف الكثير من التوتر.
4- من يدير المال ويتخذ القرارات
قد يتولى أحدكما إدارة المصاريف كاملة بينما يبتعد الآخر، هذا قد يخلق شعورا بعدم التوازن: أحدهما يشعر بأنه يحمل الحمل وحده، والآخر يشعر بأنه خارج الصورة.
وهذه المشكلة يجب أن يتغلب عليها الشريكان بالحوار، ولا يعني الحوار سحب السيطرة، بل يعني إعادة المشاركة.
5- القرارات الكبيرة والمصروفات المصيرية
شراء منزل، سيارة، تعليم، أو سفر… قرارات كهذه لا تمس المال فقط، بل مستقبل الحياة معا.
كل طرف يأتي إلى هذه القرارات محملا بقيم تربى عليها، والحل هنا ليس التراجع أو الإصرار، بل كشف الخلفية التي تقف وراء كل موقف، حتى يصبح القرار مشتركا فعلا.
6- عادات الادخار والاستعداد للمستقبل
هناك من يرتاح حين يرى المدخرات تكبر، وهناك من يرى أن الحياة تستحق أن تُعاش الآن. لا أحد مخطئ، لكن العلاقة تحتاج إلى مساحة تسمح لكليكما بالشعور بالطمأنينة والاستمتاع في الوقت ذاته. صياغة خطة مشتركة، ولو بسيطة، تصنع فرقا كبيرا.
في النهاية، الخلافات حول المال لا تعني أن الحب ضعيف أو أن العلاقة مهددة، بل قد تكون دعوة إلى فهم أعمق لما يحتاجه كل منكما ليشعر بالأمان.
فما دام الحوار قائما، والنوايا واضحة، يستطيع الشريكان تحويل ما يبدو كخلاف، إلى خطوة جديدة نحو علاقة أكثر نضجا وقربا.