البنوك المركزية تعود للرهان على الفضة.. المعدن الأبيض يقترب من صدارة الملاذات
تشهد أسواق الفضة العالمية حالة من الزخم اللافت خلال الأسابيع الأخيرة، مع تزايد إقبال البنوك المركزية وصناديق الاستثمار الكبرى على شراء المعدن الأبيض، في ظل تصاعد المخاوف من تباطؤ اقتصادي عالمي، وتراجع الثقة في الدولار الأمريكي.
ووفقًا لتقارير دولية، كثّفت بنوك مركزية في آسيا وأمريكا اللاتينية مشترياتها من الفضة خلال الربع الأخير من عام 2025، كجزء من استراتيجية تنويع الاحتياطيات بجانب الذهب، بعد إدراج هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية (USGS) الفضة رسميًا ضمن قائمة المعادن الحيوية لعام 2025، في خطوة تعكس الأهمية الاستراتيجية المتزايدة لهذا المعدن في الصناعات المتقدمة والطاقة النظيفة.
وسجّلت الأوقية ارتفاعًا إلى نحو 48.22 دولارًا بعد أن لامست منتصف أكتوبر مستوى 55 دولارًا — الأعلى منذ أكثر من أربعة عقود — قبل أن تستقر دون حاجز الخمسين دولارًا، وسط ما وصفه المحللون بأنه «هدوء ما قبل العاصفة».
طلب صناعي متزايد ومعروض محدود
وتشير البيانات إلى استمرار العجز في المعروض العالمي من الفضة للعام الخامس على التوالي، نتيجة زيادة الطلب الصناعي في قطاعات التكنولوجيا والطاقة الشمسية والسيارات الكهربائية. هذا التراجع في الإمدادات، إلى جانب توجه البنوك المركزية نحو التحوط من التقلبات المالية، عزّز من جاذبية الفضة كأصل استراتيجي طويل الأجل.
وفي هذا السياق، قال تقرير مركز «الملاذ الآمن» إن البنوك المركزية «تتعامل مع الفضة اليوم بالطريقة نفسها التي تعاملت بها مع الذهب قبل عقد من الزمن»، في إشارة إلى رغبتها في حماية أصولها من تقلبات أسعار الفائدة والسياسات النقدية الغربية.
تحولات في مراكز التخزين العالمية
ورصدت رابطة سوق لندن للسبائك (LBMA) ارتفاعًا في احتياطيات الفضة بمستودعاتها بنسبة 6.8% خلال أكتوبر لتصل إلى أكثر من 26 ألف طن متري بقيمة تتجاوز 41 مليار دولار، فيما شهدت مستودعات «كوميكس» الأمريكية خروج نحو 1.5 ألف طن خلال الفترة نفسها، وهو ما يعكس إعادة تموضع للمخزونات العالمية.
توقعات بارتفاع الأسعار في 2026
ويتوقع خبراء السوق أن تستمر الضغوط التصاعدية على أسعار الفضة خلال الربع الأول من عام 2026، في ظل تزايد الطلب من البنوك المركزية والمصانع على حد سواء، مع محدودية المعروض وتراجع المخزونات فوق الأرض.
ويرجّح محللون أن تتراوح الأسعار بين 50 و58 دولارًا للأوقية، إذا استمر الاتجاه الحالي دون تدخلات حكومية واسعة من الولايات المتحدة أو الصين لتخفيف حدة الأزمة.