صراع النفوذ يصل قلب أفريقيا.. هل تكون السودان ساحة الحرب القادمة لإسرائيل؟
تتصاعد في الآونة الأخيرة التكهنات حول نية إسرائيل توسيع نطاق تحركاتها العسكرية لتشمل مناطق جديدة في الإقليم، بعد جبهات غزة ولبنان واليمن، لتصل هذه المرة إلى السودان الذي يعيش واحدة من أكثر مراحله اضطرابًا منذ اندلاع الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع.
تدخل إسرائيلي في السودان
ويطرح هذا السيناريو تساؤلات عديدة حول مدى واقعية الحديث عن تدخل إسرائيلي في السودان، خاصة في ظل ما يتردد عن دعم عسكري إيراني للجيش السوداني، ومحاولات تل أبيب تعزيز نفوذها في البحر الأحمر، وهو ما يجعل الخرطوم بما تملكه من موقع استراتيجي حساس نقطة اهتمام متزايدة لإسرائيل في ظل التنافس الإقليمي والدولي الدائر في المنطقة.
هل تدخل إسرائيلي في السودان؟
وفي التقرير التالي يرصد لكم موقع نيوز رووم، أراء الخبراء والمتخصصين حول هل تدخل إسرائيلي في السودان؟:
قال الدكتور رمضان قرني، الخبير في الشأن الأفريقي، إن الحديث عن احتمال توسيع إسرائيل لدائرة المواجهات العسكرية التي بدأتها من غزة إلى مناطق جديدة مثل لبنان واليمن وربما السودان، هو أمر مرتبط بعدة متغيرات إقليمية ودولية، في مقدمتها مدى استقرار الهدنة الإنسانية في غزة، ونجاح اتفاق شرم الشيخ في ترسيخ الهدوء على الأرض، إلى جانب استمرار التنسيق الأمني والسياسي بين إسرائيل وكل من مصر والأردن والولايات المتحدة.
إسرائيل تعزيز وجودها الأمني في البحر الأحمر
وأوضح قرني في تصريحات خاصة لـ نيوز رووم، أن أمن البحر الأحمر يمثل أحد أهم المحاور التي تدفع إسرائيل للنظر تجاه السودان، مشيرًا إلى أن تل أبيب تسعى منذ اندلاع حرب غزة إلى تعزيز وجودها الأمني في البحر الأحمر لمواجهة أي تهديدات محتملة من الحوثيين أو من الجانب الإيراني، وهو ما ظهر من خلال تحركات إسرائيلية في محيط القرن الأفريقي، وتعاونها مع بعض القوى في منطقة “صومالي لاند”.
أي تعاون عسكري بين الخرطوم وطهران يشكل تهديدًا مباشرًا لأمن البحر الأحمر
وأضاف الخبير في الشأن الأفريقي، أن العلاقة بين السودان وإيران تمثل أيضًا عاملاً حساسًا في هذا الملف، حيث ترى إسرائيل والولايات المتحدة أن أي تعاون عسكري أو تسليحي بين الخرطوم وطهران قد يشكل تهديدًا مباشرًا لأمن البحر الأحمر، لكنه أشار في الوقت ذاته إلى أن الجيش السوداني يتعامل بحذر شديد مع هذه العلاقة، ويقصر التعاون مع إيران على الإطار العسكري فقط، دون السماح بأي وجود إيراني مباشر في البحر الأحمر، حفاظًا على علاقاته مع مصر والسعودية.
الولايات المتحدة تلعب دورًا حاسمًا في كبح أي تحرك إسرائيلي تجاه السودان
وأكد القرني أن الولايات المتحدة تلعب دورًا حاسمًا في كبح أي تحرك إسرائيلي تجاه السودان، موضحًا أن واشنطن تقدم حزمة من الحوافز الاقتصادية والسياسية للجيش السوداني من أجل إدماجه في العملية السياسية، بما في ذلك استثمارات أمريكية في قطاع المعادن ودعم الخرطوم في ملفات الإرهاب، بل وحتى تشجيعها على الانضمام إلى الاتفاقيات الإبراهيمية، وهو ما قاله مستشار الرئيس الأمريكي مسعد بولس.
أي تحرك عسكري إسرائيلي محتمل ضد السودان لن يكون قرارًا منفردًا
وتابع الدكتور رمضان قرني تصريحاته بالقول إن أي تحرك عسكري إسرائيلي محتمل ضد السودان لن يكون قرارًا منفردًا، بل مرتبطًا بمواقف واشنطن وحجم التعاون السوداني مع إيران أو حماس، وخاصة وأن هناك تسريبات داخل إسرائيل بإن هناك تحركات من قبل عناصر حماس تتحرك داخل السودان وهو أمر قد يسبب قلق للحكومة السودانية والتي قد تعطي زريعة لإسرائيل بالتدخل في السودان، وأعتقد أن الحزمة الأمريكية للجيش والحكومة السودانية ربما تكون رادعًا للطرف الإسرائيل بعدم التحرك الإسرائيلي تجاه السودان، وأن أي تحرك من قبل إسرائيل تجاه السودان هو مرتبط بعوامل خارجية ترتبط بالموقف الأمركي وحجم التحالفات بين السودان وإيران وقبول الطرف السودان بوجود عناصر من حماس داخل الأراضي السودانية.
وشدد على أن انخراط السودان في مفاوضات جدة برعاية الآلية الرباعية بقيادة الولايات المتحدة قد يشكل ضمانة حقيقية لعدم التصعيد الإسرائيلي، لأن تل أبيب تدرك أن أي مواجهة جديدة في الإقليم لن تكون في صالحها في هذا التوقيت.
إسرائيل تضع السودان ضمن اهتماماتها الإستراتيجية
ومن جانبها قالت الدكتورة سماء سليمان، الكاتبة والمحللة السياسية، إن إسرائيل قد تضع السودان ضمن اهتماماتها الإستراتيجية، لكن الوضع ليس بسيطاً كما يبدو، فعلى الرغم من أن إسرائيل لا تعتبر السودان تهديدًا مباشرًا في الوقت الحالي
وأضافت سليمان، في تصريحات خاصة لـ نيوز رووم، أن إسرائيل تسعى إلي توقيع اتفاقية مع السودان ضمن اتفاقيات "أبراهام"، حيث بدأت إسرائيل تركز بشكل أكبر على تعزيز العلاقات مع دول المنطقة، بما في ذلك السودان بسبب موقعه الجغرافي، الذي يفرض دورا استراتيجيا مهما في المنطقة.
تل أبيب تسعى إلى تعزيز العلاقات مع السودان
وأوضحت الكاتبة والمحللة السياسية، أن تل أبيب تسعى إلى تعزيز العلاقات مع السودان في سياق تعزيز علاقاتها مع الدول العربية والإفريقية بشكل عام، هذه العلاقات تعود بالنفع على إسرائيل في عدة مجالات، منها: الاقتصاد والتجارة: مع تطبيع العلاقات، قد تسعى إسرائيل إلى فتح مجالات التعاون في مجالات مثل الزراعة، التكنولوجيا، والطاقة المتجددة، وهي مجالات يمكن أن تكون مربحة للطرفين، وكذلك قد تفضل إسرائيل أن تكون السودان جزءًا من "التحالف" الإقليمي الأوسع الذي يضم بعض الدول العربية، تحت ادعاء تعزيز الاستقرار في المنطقة.
إسرائيل يمكن أن تفتح جبهة جديدة للضغط علي مصر
ولفت إلى أن إسرائيل يمكن أن فتح جبهة جديدة تحت ادعاءات جديدة للضغط علي مصر ومحاصرتها لتنفيذ مخططها لإعادة رسم خريطة المنطقة كما يدعي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نيتانياهو، من خلال توظيف الجماعات المسلحة التي تعمل في مناطق السودان الحدودية مع دول أخرى مثل مصر أو ليبيا.
وأكدت سماء سليمان، إذا استمرت التحديات السياسية الداخلية في السودان من حرب ابتدة من قوات الدعم السريع، فقد تتأثر علاقات السودان مع إسرائيل، إذا تم الوصول إلى حكومة مستقرة يمكن أن تواصل مسار التطبيع، فإن هذا سيكون في صالح إسرائيل، لكن الوضع السياسي الهش في السودان قد يهدد هذا التعاون.