تُجسّد العلاقات بين مصر والإمارات العربية المتحدة واحدة من أكثر الشراكات العربية رسوخًا وتأثيرًا في المنطقة، إذ تتجاوز حدود التعاون التقليدي لتشكّل تحالفًا استراتيجيًا شاملاً يقوم على رؤية مشتركة نحو مستقبل عربي مستقر وآمن. لم تكن هذه العلاقة نتاج الظروف السياسية الراهنة، بل هي مسيرة ممتدة من الثقة والتكامل تمتد جذورها إلى عقودٍ مضت، حين آمنت القيادتان في القاهرة وأبوظبي بأن التضامن العربي هو حجر الأساس لبناء نهضة شاملة وتحقيق الأمن القومي العربي.
منذ تأسيس دولة الإمارات على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، كانت مصر شريكًا أصيلًا في دعم هذه التجربة الوحدوية الطموحة، لتتطور العلاقة بعد ذلك إلى نموذج يحتذى في العمل العربي المشترك. ومع تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي والشيخ محمد بن زايد آل نهيان مقاليد القيادة في البلدين، اكتسبت الشراكة المصرية الإماراتية زخمًا جديدًا وأبعادًا استراتيجية أوسع، أساسها الثقة المتبادلة والرؤية الموحدة تجاه التحديات الإقليمية والدولية.
اقتصاد متكامل ورؤية تنموية مشتركة
يشكّل التعاون الاقتصادي بين القاهرة وأبوظبي محورًا رئيسيًا في مسار العلاقات الثنائية، إذ تعد الإمارات أكبر مستثمر عربي في مصر، باستثمارات ضخمة تتوزع على قطاعات الطاقة المتجددة، والعقارات، والخدمات اللوجستية، والصناعة، والبنية التحتية. ولا يقتصر التعاون على ضخ الاستثمارات فحسب، بل يمتد إلى نقل الخبرات وتبادل التكنولوجيا الحديثة، بما يعزز جهود مصر في تحقيق التنمية المستدامة ضمن «رؤية مصر 2030»، ويتقاطع في الوقت نفسه مع رؤية الإمارات 2071 التي تهدف إلى بناء اقتصاد معرفي متنوع ومستدام.
كما شهدت العلاقات التجارية نموًا قياسيًا خلال السنوات الأخيرة، مدعومًا بسياسات مرنة واتفاقيات تسهّل حركة رؤوس الأموال والسلع بين البلدين. ويؤكد هذا التعاون الاقتصادي المتنامي أن الشراكة بين مصر والإمارات ليست مجرد تبادل مصالح، بل رؤية استراتيجية لتكامل اقتصادي عربي قادر على المنافسة عالميًا.
توافق سياسي ومواقف موحدة في وجه التحديات
على الصعيد السياسي والإقليمي، أثبتت السنوات الماضية أن القاهرة وأبوظبي تتحركان وفق نهج مشترك في مواجهة الأزمات التي تعصف بالمنطقة. فكلا البلدين يرفضان التدخلات الخارجية في شؤون الدول العربية، ويؤكدان على أهمية الحفاظ على وحدة الدولة الوطنية ومؤسساتها. كما يشكل التعاون في مكافحة الإرهاب والتطرف محورًا ثابتًا في التنسيق الأمني بين الجانبين، إيمانًا بأن الاستقرار السياسي لا يمكن فصله عن الأمن والتنمية.
وفي المحافل الدولية، تتلاقى رؤى البلدين حول معظم القضايا العالمية — من القضية الفلسطينية إلى أمن البحر الأحمر والخليج العربي — في موقف موحّد يعكس حرصًا على صون المصالح العربية وتعزيز الصوت العربي الموحد في الساحة الدولية.
جسور الثقافة والإنسان.. روح الشراكة العميقة
لا تنحصر الشراكة بين مصر والإمارات في الجوانب السياسية والاقتصادية، بل تمتد إلى البعد الإنساني والثقافي الذي يعكس عمق الروابط بين الشعبين. فالتبادل الثقافي والفني والأدبي بين القاهرة وأبوظبي يعزّز قيم التسامح والانفتاح والتنوع الثقافي، وهي قيم تتبناها كلتا الدولتين كركيزة لبناء مجتمع مستنير ومتوازن.
وتشهد السنوات الأخيرة تنامي المبادرات الإنسانية المشتركة، التي تعكس التزام البلدين بنشر ثقافة العطاء ودعم الجهود الإغاثية والتنموية في المنطقة والعالم، بما يعزز الدور الإنساني الذي تميزت به كل من مصر والإمارات على الساحتين العربية والدولية.
00
أيام
00
ساعات
00
دقائق
00
ثواني
🎉 افتتاح المتحف الكبير ! 🎉