00 أيام
00 ساعات
00 دقائق
00 ثواني

🎉 افتتاح المتحف الكبير ! 🎉

عاجل

في ظل صمت عالمي مريب، تتراكم ديون الدول النامية لتشكل قنبلة موقوتة تهدد ليس فقط استقرار هذه الدول بل تهز أركان الاقتصاد العالمي بأسره لقد تحولت أزمة الديون هذه من مجرد أرقام في سجلات البنوك الدولية إلى كابوس حقيقي يلاحق المليارات من البشر في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، حيث تجد الحكومات نفسها عاجزة بين مطرقة الالتزام بسداد الديون وسندان تلبية الاحتياجات الأساسية لشعوبها إن هذه الأزمة ليست وليدة الصدفة، بل هي نتاج تراكمي لسنوات من السياسات الاقتصادية غير المتوازنة، وتبعات جائحة كورونا التي أنهكت الاقتصادات الهشة، وتصاعد أسعار الفائدة العالمية التي ترفع من تكلفة خدمة الدين إلى مستويات قياسية.
في قلب هذه العاصفة المالية، تقف مؤسسات التمويل الدولية والديون الثنائية بين الحكومات كأطراف رئيسية في هذه المعادلة، لكن التداعيات الحقيقية تظهر في الشوارع حيث المواطن البسيط الذي يدفع الثمن فمع تزايد نسبة خدمة الدين من إجمالي الناتج المحلي في العديد من الدول النامية لتتجاوز 50% بل وتصل إلى 70% في بعض الحالات، تجد هذه الدول نفسها مجبرة على خفض الإنفاق على الصحة والتعليم والبنية التحتية، مما يغلق أي أمل في تحقيق أهداف التنمية المستدامة الأكثر إيلامًا أن هذه الديون غالبًا ما تكون قد استخدمت في تمويل مشاريع فاشلة أو بُنيت على توقعات نمو وردية لم تتحقق، ليجد الجيل الحالي والجيل القادم نفسيهما مثقلين بديون لم يستفيدا منها بشكل حقيقي
لكن تداعيات أزمة الديون لا تقف عند حدود التدهور الاقتصادي، بل تمتد إلى زعزعة الاستقرار السياسي والاجتماعي فالدول التي تغرق في الديون تصبح بيئة خصبة للاضطرابات والاحتجاجات الشعبية، كما حدث في سريلانكا التي شهدت انهيارًا اقتصاديًا وسياسيًا كاملاً، أو في غانا وزامبيا اللتين تواجهان أزمات مماثلة هذه الاضطرابات لا تبقى حبيسة الحدود الوطنية، بل تتحول إلى أزمات إقليمية من خلال موجات الهجرة غير المنتظمة وانتشار التطرف واستفحال الجريمة المنظمة كما أن تزايد الاعتماد على الديون من جهات خارجية، خاصة من قبل القوى الدولية الصاعدة التي تقدم قروضًا بأسعار فائدة منخفضة في البداية لكنها تتحول إلى فخاخ ديون لاحقًا، يجعل من هذه الدول رهينة لسياسات وإرادة الدائنين، مما يفقدها سيادتها في اتخاذ القرارات الوطنية.
إن الحلول التقليدية التي تقدمها المؤسسات المالية الدولية مثل صندوق النقد الدولي لم تعد كافية، بل أصبحت جزءًا من المشكلة في بعض الأحيان فبرامج التقشف التي تفرضها هذه المؤسسات مقابل إعادة هيكلة الديون تزيد من تعميق الأزمة الإنسانية وتوسع فجوة الفقر ما يحتاجه العالم اليوم هو نهج جديد جريء، يقوم على مبدأ المشاركة في المسؤولية بين الدائنين والمدينين، وإعادة هيكلة شاملة للديون تأخذ في الاعتبار القدرات الحقيقية للدول المدينة واحتياجات شعوبها يجب أن ندرك أن انفجار قنبلة الديون في أي دولة نامية لن تبقى تداعياته محصورة حدودها، بل ستمتد إلى كل أركان العالم المتشابك إن استقرار العالم الاقتصادي والسياسي أصبح مرتبطًا بشكل وثيق بقدرتنا على معالجة جذرية لأزمة الديون، قبل أن تتحول من أزمة مالية إلى كارثة إنسانية شاملة تدفع ثمنها الأجيال الحالية والقادمة.

تم نسخ الرابط