باحث: الكتلة الصوفية القوة الصامتة القادرة على ترجيح كفة الانتخابات في مصر|خاص
أكد الباحث الصوفي مصطفى زايد المشهد الانتخابي في مصر يتكرر فيه مشهد لافت كل موسم انتخابي، إذ يتم تجاهل كتلة صوفية ضخمة تمتد في مختلف محافظات الجمهورية، ويتجاوز عددها وفق بعض التقديرات خمسة عشر مليون ناخب، رغم ما تمثله من ثقل شعبي واجتماعي وروحي كبير.
وقال مصطفى زايد في تصريح خاص لـ"نيوز رووم" أن هذا التجاهل يعكس غياب رؤية سياسية واضحة لدى كثير من المرشحين تجاه الصوفية، الذين لا يدركون عمق تأثيرها في الشارع المصري، ولا طبيعة شبكاتها الاجتماعية المتغلغلة في القرى والنجوع،مؤكدا أن الطرق الصوفية ليست مجرد تجمعات روحية، بل مؤسسات اجتماعية لها دور فاعل في التربية والإصلاح والخدمة العامة، وقادرة على تحريك آلاف الناخبين عند اقتناعها بجدوى المشاركة.
وأضاو «زايد» أضاف أن اعتماد المرشحين على التحالفات التقليدية مع رموز قبلية أو عائلية يجعلهم يغفلون عن الكتلة الصوفية التي تمثل الامتداد الحقيقي للوجدان الشعبي.
وأشار الباحث إلى أن بعض المرشحين يخشون الارتباط العلني بالتصوف خشية أن يُساء فهم موقفهم أو يُصنفوا كـ"مرشحين دينيين"، رغم أن التصوف يعبر عن أعمق صور الاعتدال الديني وأقربها إلى روح المجتمع المصري.
وأوضح «زايد» أن التحدي لا يكمن فقط في غياب وعي المرشحين، بل أيضاً في غياب الكيان التنظيمي الموحد داخل البيت الصوفي، إذ لا توجد هيئة أو مجلس سياسي جامع يُعبّر عن الطرق المختلفة، ما يجعل التواصل مع الصوفية أمراً معقداً،مضيفا أن انتشارهم الواسع في القرى والمناطق الريفية يجعلهم أحياناً خارج حسابات النخب السياسية المتمركزة في المدن.
النظرة النمطية القديمة
وتابع قائلاً إن النظرة النمطية القديمة التي تصوّر الصوفية كمنشغلين بالذكر والعبادة فقط، لا تعكس واقعهم الحقيقي، متجاهلة تاريخهم الطويل في الدفاع عن الوطن ومواجهة الاستعمار ونشر قيم التسامح والسلام الاجتماعي. وأكد أن التصوف المصري اليوم يعيش حالة وعي متجدد، يتفاعل مع قضايا العدالة والتنمية، ويرى المشاركة السياسية جزءاً من مسؤوليته الاجتماعية.
وأشار زايد إلى أن تجاهل هذه الكتلة له عواقب سياسية مباشرة، إذ يمكن للصوت الصوفي أن يحسم نتائج الانتخابات في كثير من الدوائر، خاصة في المناطق الريفية التي تمتزج فيها الروابط العائلية بالولاء الروحي،لافتا إلى أن غياب التمثيل الصوفي في البرلمان يؤدي إلى تهميش ملفات مهمة مثل الحفاظ على التراث الديني، ورعاية الأضرحة، وتنظيم الموالد الشعبية التي تشكل ركناً من أركان الهوية المصرية.
وأوضح «زايد» أن هناك تجارب ناجحة في بعض المحافظات، حيث تمكن عدد من المرشحين في الدلتا والصعيد من بناء جسور من الثقة مع الصوفية عبر خطاب يجمع بين القيم الدينية والاحتياجات التنموية. كما أشار إلى أن التجربة المغربية تقدم نموذجاً يُحتذى، إذ استطاعت الأحزاب هناك دمج الطرق الصوفية في الحياة السياسية دون صدام، مستفيدة من تأثيرهم الروحي والاجتماعي.
وأكد الباحث الصوفي مصطفى زايد أن الحل يكمن في وعي متبادل بين الطرفين، موضحاً أن على الطرق الصوفية أن تُنشئ هيئات تمثيلية تعبّر عنها، وتُدرّب أبناءها على المشاركة السياسية الواعية، وتحدد أجندة مطالبها بوضوح، فيما ينبغي على المرشحين أن يدركوا أن الصوفية ليست كتلة هامشية، بل ركيزة أساسية في التوازن الاجتماعي والسياسي بمصر.
وقال إن تجاهل الكتلة الصوفية لا يُعد مجرد تقصير انتخابي، بل هو غياب عن رؤية أوسع لمستقبل الحياة السياسية في البلاد، مؤكداً أن الصوفية لا يسعون إلى سلطة، وإنما إلى صوت يُعبّر عنهم ويحفظ مكانتهم ودورهم في خدمة الناس والوطن.



