00 أيام
00 ساعات
00 دقائق
00 ثواني

🎉 افتتاح المتحف الكبير ! 🎉

عاجل

هل يمكن رؤية الله تعالى في الدنيا والآخرة.. وكيف يكون؟

الإفتاء
الإفتاء

أكدت دار الإفتاء المصرية أنه يجوز عقلًا وشرعًا رؤيته عز وجل في الآخرة باتفاق أهل السنة والجماعة، أما في الدنيا فلا نزاع في وقوعها منامًا وصحتها، أما يقظة فاختلف الصحابة ومن بعدهم في حصول ذلك لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من عدمه، أما غيره صلى الله عليه وآله وسلم فلا تصح دعواه الرؤية في اليقظة، ومن زعمها كان من الضالين.

الرؤية لغة


الرؤية لغة: النظر بالعين أو بالقلب. قال العلامة الزبيدي في “تاج العروس”: الرؤية بالضم: إدراك المرئي، وذلك أضرب بحسب قوى النفس: الأول: النظر بالعين التي هي الحاسة، وما يجري مجراها، ومن الأخير قوله تعالى: ﴿وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله﴾، فإنه مما أجري مجرى الرؤية بالحاسة، فإن الحاسة لا تصح على الله تعالى، وعلى ذلك قوله: ﴿يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم﴾، والثاني: بالوهم والتخيل؛ نحو: أرى أن زيدًا منطلق. والثالث: بالتفكر؛ نحو: ﴿إني أرى ما لا ترون﴾. والرابع: بالقلب، أي بالعقل، وعلى ذلك قوله تعالى: ﴿ما كذب الفؤاد ما رأى﴾، وعلى ذلك قوله: ﴿ولقد رآه نزلة أخرى﴾. قال الجوهري: الرؤية بالعين يتعدى إلى مفعول واحد، وبمعنى العلم يتعدى إلى مفعولين، يقال: رأى زيدًا عالمًا. وقال الراغب: رأى إذا عدي إلى مفعولين اقتضى معنى العلم، وإذا عدي بـ”إلى” اقتضى معنى النظر المؤدي إلى الاعتبار.
وقال أبو هلال العسكري في “الفروق”: والرؤية في اللغة على ثلاثة أوجه: أحدها: العلم، وهو قوله تعالى: ﴿ونراه قريبًا﴾ أي نعلمه يوم القيامة، وذلك أن كل آت قريب. والآخر: بمعنى الظن، وهو قوله تعالى: ﴿إنهم يرونه بعيدًا﴾ أي يظنونه، ولا يكون ذلك بمعنى العلم؛ لأنه لا يجوز أن يكونوا عالمين بأنها بعيدة وهي قريبة في علم الله، واستعمال الرؤية في هذين الوجهين مجاز. والثالث: رؤية العين، وهي حقيقة.

رؤية الله تعالى عند أهل السنة والجماعة


وقد اختلف المتكلمون في تحديد معنى الرؤية، والذي عليه أهل السنة والجماعة أنها: قوة يجعلها الله تعالى في خلقه، لا يشترط فيها اتصال الأشعة، ولا مقابلة المرئي ولا غير ذلك، فإن الرؤية نوع من الإدراك يخلقه الله تعالى متى شاء ولأي شيء شاء.

الخلاف بين الفرق الإسلامية في مسألة رؤية الله تعالى
ومسألة رؤية الله تعالى من المسائل التي وقع فيها الخلاف بين أهل السنة والجماعة من الأشاعرة والماتريدية، وبين غيرهم من الفرق الإسلامية الأخرى؛ كالمعتزلة والشيعة والإباضية.
أما أهل السنة فقد أجمعوا على أن رؤية الله تعالى مما يدخل في الممكنات، وأن العقل لا يحيل رؤية العباد لربهم، وهي من المسائل التي لا يعدّ الخلاف فيها مستوجبًا للكفر والردة، وإن كانت مخالفة أهل السنة والجماعة تستوجب الفسق والجنوح عن الحق.
والنافون للرؤية قالوا: إن الرؤية هي انطباع صورة المرئي في الحدقة، ومن شرط ذلك انحصار المرئي في جهة معينة من المكان حتى يمكن اتجاه الحدقة إليه، ومن المعلوم أن الله ليس جسمًا ولا تحده جهة من الجهات، وبذلك يكون مرادهم من الرؤية هو المعنى الحاصل بين المخلوقات الذي يلزم منه اشتراط وجود الجهة والمقابلة وغير ذلك من الأمور التي تستدعي التشبيه الذي ينزه عنه الله عز وجل.
أما الكرامية والمجسمة، فإنهم جوزوا رؤيته تعالى بالمواجهة؛ لاعتقادهم كونه تعالى في الجهة والمكان، وهذا مخالف لما عليه اعتقاد المسلمين قاطبة.
ومذهب الأشاعرة أنه لا تلازم بين الرؤية والتشبيه، فيثبتون رؤية الله لكن ليست كرؤيتنا للأشياء في الدنيا، فإن الكيفية التي تحصل الرؤية بها اليوم ليست إلا كيفية من كيفيات كثيرة، كان الله عز وجل ولا يزال قادرًا على ربط حقيقة الرؤية بما شاء منها، وقد جرت العادة في رؤية بعضنا لبعض من حصول مقدمات يترتب عليها انطباع صورة المرئي في سطح عين الرائي، أو خروج شعاع من عين الرائي يقع على المرئي، وما كل ذلك إلا على جهة الاتفاق العادي، لا على سبيل الاشتراط العقلي، فالله سبحانه وتعالى قادر على خلق صورة الشيء بدون هذه المقدمات، فليست هذه المقدمات شرطًا عقليًا لا يجوز تخلفه، بل هي عبارة عن ترتيبات عادية تحصل بإرادة من الله تعالى، ولو شاء الله عز وجل ألا يجعلها كذلك لفعل.

رؤية الله تعالى في الآخرة


فرؤية الله تعالى في الآخرة معناها: انكشافه لعباده المؤمنين في الآخرة انكشافًا تامًا، ولا يلزم من رؤيته تعالى إثبات جهة، بل يراه المؤمنون لا في جهة كما يعلمون أنه لا في جهة.

أدلة أهل السنة على إمكان رؤية الله في الآخرة بالكتاب والسنة والإجماع
وقد استدل أهل السنة على إمكان رؤية الله في الآخرة بالكتاب والسنة والإجماع:

الأدلة من القرآن
أما استدلالهم بالقرآن فبعدة آيات:
أولًا: قوله تعالى: ﴿وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة﴾.
وجه الدلالة: أن النظر إما أن يكون عبارة عن الرؤية بالمعنى المراد عند أهل السنة، أو عن تقليب الحدقة نحو المرئي طلبًا لرؤيته. والأول هو المطلوب، والثاني تعذر حمله على ظاهره؛ لأن تقليب الحدقة إلى المرئي يستلزم أن يكون في الجهة والمكان، فيحمل النظر على الرؤية التي هي كالمسبب للنظر بالمعنى الثاني، وإطلاق السبب وإرادة المسبب من وجوه المجاز البليغة.
ثانيًا: قوله تعالى: ﴿كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون﴾.
وجه الدلالة: أنه تعالى أخبر عن الكفار على سبيل الوعيد في هذه الآية أنهم لا يرونه؛ عقوبة لهم، وذلك يدل على أن المؤمنين يومئذ غير محجوبين عن ربهم، وإلا لم يكن في الإخبار عن الكفار على سبيل الوعيد بهذا التعبير فائدة.
ثالثًا: قوله تعالى: ﴿للذين أحسنوا الحسنى وزيادة﴾، فإن الحسنى: هي الجنة، والزيادة: هي النظر لوجهه الكريم كما قال جمهور المفسرين.
ويدعم هذا التفسير ما روي عن صهيب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إذا دخل أهل الجنة الجنة، يقول الله تبارك وتعالى: تريدون شيئًا أزيدكم؟ فيقولون: ألم تبيض وجوهنا؟ ألم تدخلنا الجنة، وتنجنا من النار؟ فيكشف الحجاب، فما أعطوا شيئًا أحب إليهم من النظر إلى ربهم عز وجل» رواه مسلم.
رابعًا: قوله تعالى: ﴿ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل جعله دكًا وخر موسى صعقًا فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين﴾.
والاستدلال من هذه الآية من وجهين:
الأول: أن موسى عليه السلام سأل ربه الرؤية، فلو استحالت الرؤية لكان سؤال موسى عليه السلام جهلًا أو عبثًا؛ لأنه نبي يعلم ما يجب في حق الله وما يستحيل وما يجوز، إذ لا يجوز على أحد من الأنبياء الجهل بشيء من أحكام الألوهية، ولكن لما سألها موسى عليه الصلاة والسلام دل على أنها جائزة.
والثاني: أن رؤية الله تعالى معلقة على أمر ممكن، فإنه سبحانه وتعالى علق الرؤية باستقرار الجبل حال تجليه تعالى له، وهو أمر ممكن في نفسه، وكل ما علق على الممكن لا يكون إلا ممكنًا، فيكون المعلق باستقراره أيضًا ممكنًا، فالرؤية ممكنة.

الأدلة من السنة
واستدلوا على جواز الرؤية بأحاديث:
أولًا: عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم فنظر إلى القمر ليلة، يعني البدر، فقال: «إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر، لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا»، ثم قرأ: ﴿وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب﴾، متفق عليه.
ثانيًا: وعنه أيضًا قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إنكم سترون ربكم عيانًا» رواه البخاري في صحيحه.

وقال الإمام مالك: لما حجب أعداءه فلم يروه تجلى لأوليائه حتى رأوه، ولو لم ير المؤمنون ربهم يوم القيامة لم يعير الكافرون بالحجاب، قال تعالى: ﴿كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون﴾.
وقال الإمام الشافعي: لما حجب قومًا بالسخط، دل على أن قومًا يرونه بالرضا. وقال محمد بن الفضل: كما حجبهم في الدنيا عن نور توحيده حجبهم في الآخرة عن رؤيته.

الأدلة من الإجماع
أما الإجماع: فإن الصحابة رضي الله تعالى عنهم كانوا مجمعين على وقوع الرؤية في الآخرة وأن الآيات والأحاديث الواردة فيها محمولة على ظواهرها من غير تأويل.

رؤية الله تعالى في الدنيا
أما رؤية الله تعالى في الدنيا: فقد ذهب جمهور العلماء إلى أنه يجوز عقلًا رؤية الله في الدنيا والآخرة، وسؤال موسى عليه السلام إياها دليل على جوازها؛ إذ لا يجهل نبي ما يجوز أو يمتنع على ربه كما سبق ذكره، أما من حيث ورود السمع بذلك في الدنيا فقد اختلف أهل السنة والجماعة في وقوع الرؤية لأحد من الناس في الدنيا: فمنهم من قال: لم يرد السمع إلا بما يدل على الرؤية في الآخرة فقط، بل الذي جاء به السمع هو امتناع رؤية أحد من الناس ربه قبل الموت؛ وذلك لما ورد أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: «تعلموا أنه لن يرى أحد منكم ربه عز وجل حتى يموت» رواه مسلم.
وذهب الأكثرون إلى أنه قد دل السمع على جواز رؤية الله تعالى في دار الدنيا، ولم تثبت في الدنيا لغير نبينا صلى الله عليه وآله وسلم، والراجح عند أكثر العلماء أنه صلى الله عليه وآله وسلم رأى ربه سبحانه وتعالى بعيني رأسه لا بقلبه.
ومن أهم أدلتهم على ذلك حديث الإسراء والمعراج، وقول الله تعالى: ﴿وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس﴾.
وأما حديث: «تعلموا أنه لن يرى أحد منكم ربه عز وجل حتى يموت»، فإنه وإن أفاد أن الرؤية في الدنيا وإن جازت عقلًا فقد امتنعت سمعًا، ولكن من أثبتها للنبي صلى الله عليه وآله وسلم له أن يقول: إن المتكلم -أي: سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم- لا يدخل في عموم كلامه.

تم نسخ الرابط