ورث الصبر وحب البحر.. عم محمد نجيب: أعمل في صيد "أم الخلول" منذ 60 عاما وأحلم بمعاش يكفي أسرتي

مهنة تقليدية توارثتها الأجيال.. يعملون بها أبا عن جد.. ورغم بساطة الدخل المادي في مقابل الجهد المبذول، إلا أن حب البحر وما أضفاه من صفاته على من يعمل به من صبر ورضا بالرزق المطروح، جعل من مهنتهم مصدرا مهما للثقة بالنفس وحرية الاختيار، حيث يعشق صيادو "أم الخلول" مهنتهم على الرغم من أنه تنشط رحلات صيدها في فصل الشتاء ، وموسمها يأتي في البرد القارص .
وتجد صيادوا " أم الخلول" وسط مياه البحر في أوقات كثيرة ، يعملون بجد دون الإنتباه للجهد الكبير المبذول ، ويتعرضون لأشعة الشمس ، في حين التزامهم بالصيام في شهر رمضان المبارك ، فيتكبدون عناء ومشقة العمل من أجل جنيهات قليلة ، ويتقبلونها بكل رضا ومحبة ، ليقتاتوا قوت يومهم ، راضين صابرين دون كلل أو ملل.

عم محمد نجيب
وهنا على شاطئ البحر المتوسط بمحافظة بورسعيد ، وجدناه يستقل دراجته الهوائية القديمة ، وعليها ادواته البسيطة ، التي يستخدمها في صيد "ام الخلول"، إلتقى موقع "نيوز روم" بعم محمد نجيب ، أحد صيادو " أم الخلول" على شاطئ بحر بورسعيد ، و قال:" اسمي محمد نجيب، من مواليد محافظة بورسعيد ، أبلغ من العمر 73 عاما ولدت في عام 1953 م ، ومحمد نجيب هو اسم مركب ، سميت على اسم الرئيس الراحل ، فلقد ولدت عقب ثورة يوليو بعام واحد وكان حينها كل مواليد مصر من الذكور، يسميهم أسرهم على اسمه تيمناً بالثورة ، وحباً في الضباط الأحرار، ورئيس الجمهورية وقتها.

مهنة متوارثة عبر الأجيال
وأضاف عم محمد نجيب "صياد أم الخلول " ، أنه يعشق البحر ، ومهنته هذه هي ورثته عن أبيه وجده ، فكان أبيه "صياد لأم الخلول" أيضا ، ولأنه لم يكمل تعليمه الابتدائي ، وتوقف عن التعليم وهو في الصف السادس الابتدائي ، فقد بدأ ممارسة مهنة الصيد منذ أن كان في ال 13 من عمره ، أي منذ 60 عاماً ، ومهنته هذه لم تكن اختياره ، بل هي مهنة الآباء والأجداد بالنسبة له .
طريقة صيد " أم الخلول"
وتابع صياد "أم الخلول" قائلا:" ابدأ يومي في ساعات الفجر ، وأحمل معي ادواتي البسيطة ، وهي عبارة عن "الكوريك" (مجرفة) و"المهزة" (منخل) ، واتوجه إلى شاطى البحر ،للبحث عن "أم الخلول" المختبئة تحت الرمال وبين الأحجار ، وأقوم بغربلة الرمال بإستخدام المنخل لفصل المحار عن الشوائب، ثم يحتفظون به في أوعية مملوءة بمياه البحر للحفاظ على حيويته حتى بيعه.

موسم صيد أم الخلول
وأوضح عم محمد نجيب، أنه تزداد كميات "أم الخلول" على شواطئ بورسعيد خلال فصل الشتاء، حيث تلقي الأمواج بكميات كبيرة منها على الساحل، مما يجعلها متاحة للصيادين والمواطنين الذين يجمعونها بسهولة ، حيث أنها وجية محببة إليهم .
وأشار عم محمد نجيب إلى أنه رغم مشقة هذه المهنة، فإن الصيادين يستمرون في ممارستها، معتمدين على خبراتهم المتوارثة ومعرفتهم بقواعد المد والجزر لتحديد أفضل الأوقات والمواقع للصيد ، حيث أن هذه المهنة تُعتبر مصدر رزق للعديد من الأسر، و يعمل فيها الكثيرين الكبار والصغار على حد سواء، مؤكداً على أنه عندما يكون موج البحر عالي يتوقفون عن صيد "ام الخلول" ، حفاظاً على سلامتهم.
عشق البحر ورزقه
وعن حبه للبحر قال: “عشقت البحر منذ صغري ، وارتبطت به ارتباطا وثيقاً ، وتعلمت منه الصبر و حب الرزق الحلال ، وتعلمت أيضاً السباحة بداخله ، فجميعنا كصيادين نمكث بالساعات بحثا عن ارزاقنا ، وما يجود به علينا ، ولا نملك سوا صحتنا هي مصدر قوتنا ، ونحلم دائما بالستر والصحة والا نحتاج لأحد”.
وأكد عم محمد نجيب، أن "أم الخلول" تعد جزءً من التراث الثقافي لبورسعيد، حيث تغنّى بها أهل القنال في أغانيهم الشعبية، مما يعكس مكانتها في حياة سكان المحافظة ، فعلي انغام آلة السمسمية التراثية ، قلنا " طازة وعال يا ام الخلول ، حلوة وعال يا أم الخلول" ، وهذا اكبر دليل على حي أهل بورسعيد لتناولها .
رزق بسيط
واكمل صياد أم الخلول ، حديثه معنا ، بأنه يظل بالساعات ليجمع كيلو من صيده ، يقوم بالاحتفاظ به ، ثم بيعه في الأسواق ، ليحصل على 100 جنيها هي كل مكسبه ، وينهي عمله في وقت العصر ، ثم يذهب الي منزله بعد ساعات من العمل الشاق داخل مياه البحر ، وهو صائم ليستطيع إن يتناول افطاره في رضا وحمد لله على ما رزقه من خيرات البحر.
أحلام بسيطة
وعن أحلامه في الحياة قال " عم محمد نجيب " صياد أم الخلول"، أنه يحلم بأن يحصل على معاش ، يستطيع مساعدته في أعباء الحياة ، وان يرزقه الله سبحانه وتعالي بالشفاء ، وان يموت دون الحاجة لأحد ، فهو يعشق الحرية وحبه لمهنته هذه جائت من عدم حبه لتحكم أحد به .
واختتم عم محمد نجيب حديثه معنا قائلاً:" محافظة بورسعيد جميلة ، وأصبحت الآن اجمل ، بفضل ما تشهده من تطوير في كل المجالات ، وبفضل أهلها الطيبين ومحبين الحياة ، ويحبون بلدهم .
طريقة تناول أم الخلول
وتعتبر "أم الخلول" أو الخلول كما اشتهرت بين أهالي محافظة بورسعيد، من الكائنات الصدفية الرخوة ، والتي توجد بين رمال شاطئ البحر المتوسط، ويحبها الجميع ويتناولونها بعدة طرق، ويأتي أكثرها انتشاراً وهي مملحة كمقبلات بجانب وجبة الإفطار والعشاء، الفول المدمس، والطعمية " الفلافل"، وأيضاً يتم تناولها كوجبة غذاء خفيفة بالصلصة الحمراء أو البيضاء.
وتعتبر طريقة طهي "أم الخلول" بالصلصة سواء الحمراء بالطماطم والثوم ، أو بيضاء بالطحينة ، وجبة بورسعيدية مميزة خاصة بأهالي بورسعيد ، الذين يعشقونها كبار وصغار.