بعد 3 قرون.. المحامون البريطانيون يودعون الشعر المستعار في قاعات المحكمة
شهدت التقاليد القضائية البريطانية تحولاً تاريخيًا مع قرار مجلس نقابة المحامين بالسماح للمحامين بالتخلي عن ارتداء الشعر المستعار التقليدي في بعض الحالات، منهيًا تقليدًا قضائيًا دام أكثر من 3 قرون.
الثورة القضائية البريطانية.. السماح بالتخلي عن "الباروكة" للمحامين
وجاء هذا القرار بعد مراجعة استمرت عامين، حيث أصبح بمقدور محامي القضايا الجنائية في إنجلترا وويلز عدم ارتداء الـ"بيروك"، الشعر المستعار الأبيض المجعد المصنوع من شعر الخيل، في الحالات التي يعتبر فيها غير مريح أو غير عملي.
تلبية احتياجات المحامين من خلفيات متنوعة
ويركز التعديل الجديد على تلبية احتياجات المحامين من خلفيات متنوعة، بما في ذلك أصحاب التسريحات الأفريقية مثل شعر "الأفرو" والجدائل الطويلة، والمحاميات الحوامل، والنساء اللواتي يعانين من أعراض انقطاع الطمث، بالإضافة إلى ذوي الإعاقات الجسدية التي تجعل ارتداء الزي التقليدي صعبًا.
صعوبة ارتداء الشعر المستعار
ويأتي هذا التغيير استجابة لشكوى أحد المحامين حول صعوبة ارتداء الشعر المستعار على شعره الكثيف، مما أثار نقاشًا وطنيًا وانتشارًا واسعًا في وسائل الإعلام البريطانية.
وحظي القرار بدعم من عدد من المحامين البارزين، على رأسهم ليزلي توماس، الذي وصف الخطوة بأنها نهاية للتمييز غير المقصود ضد المحامين من الأقليات العرقية، مؤكدًا أن هيبة القضاء وجودة المرافعة لا تعتمد على مظاهر تقليدية تعود إلى القرن السابع عشر.
الشعر المستعار جزء أصيل من هوية العدالة البريطانية
ولكن القرار لم يخلو من المعارضة، حيث يرى بعض المحافظين أن الشعر المستعار جزء أصيل من هوية العدالة البريطانية ورمز للهيبة القضائية، ومن أبرز المعارضين روبرت باكلاند، المدعي العام السابق، الذي أشار إلى أن الشعر المستعار يوفر نوعًا من المساواة والحماية للمحامين خارج قاعات المحكمة.
صناعة الشعر المستعار القضائي
الجدير بالذكر أن صناعة الشعر المستعار القضائي البريطاني لها تقاليد عريقة، حيث تصل تكلفة القطعة الواحدة إلى أكثر من 800 دولار، وتستغرق أسابيع لصناعتها يدويًا على يد شركات متخصصة مثل "إيد آند رافنسكروفت" التي تأسست عام 1689.
ويعد هذا القرار امتداداً لمسار تحديث النظام القضائي البريطاني، الذي شهد سابقًا استبدال الشعر المستعار بالعمامة للمحامين المسلمين والسيخ، وتخلي محاكم الأسرة عن الزي الرسمي منذ عام 2008.
ومن المقرر تقييم هذه التعديلات بعد تجربة مدتها 3 سنوات، مع التأكيد من قبل مجلس نقابة المحامين أن الإلغاء الكامل للزي التقليدي غير مطروح حاليًا، ويظل القرار النهائي بيد القضاة لتحديد مدى ملاءمة زي المحامين في قاعات المحكمة.
وأوضحت سام ميرسر، رئيسة قسم السياسات في النقابة، أن الوسط القانوني لا يزال منقسمًا بين دعاة التجديد وحماة التقاليد، مما يجعل هذه القضية نقطة التقاء بين الأصالة والمعاصرة في واحدة من أعرق النظم القضائية في العالم.
