تحليل محتوى الرسوم المتحركة وأثرها القيمي.. منتدى بالمركز القومي لثقافة الطفل
أقام المركز القومي لثقافة الطفل برئاسة الكاتب محمد ناصف، منتدى ثقافة الطفل بعنوان “تحليل محتوى الرسوم المتحركة وأثرها القيمي عند الأطفال”، بالمجلس الأعلى للثقافة، شارك في المنتدى الدكتورة حنان سمير عبد العظيم أستاذ الرسوم المتحركة بالمعهد العالي للفنون التطبيقية، والفنان أحمد عبد النعيم، وأدارت المنتدى الدكتورة مروة عادل مدير إدارة بحوث ودراسات ثقافة الطفل بالمركز، بحضور نخبة من فناني ومتخصصي الرسوم المتحركة وثقافة الطفل، منهم الفنان محسن عبد الحفيظ، والسيناريست وليد كمال، والمخرجة الدكتورة مريم الجزايرلي.
تحليل محتوى الرسوم المتحركة وأثرها القيمي عند الأطفال
جاء المنتدى تحت رعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة، وإشراف الدكتور أشرف العزازي أمين عام المجلس الأعلى للثقافة.
وبدأ المنتدى بحديث الدكتورة مروة عن أهمية الرسوم المتحركة للأطفال، وانتشار الأعمال الغربية التي تحوي في كثير منها قيما وعادات وسلوكيات غير مقبولة في مجتمعاتنا العربية، وتتعارض مع القيم الدينية.


ثم تحدثت الدكتورة حنان عن تاريخ مصر في الرسوم المتحركة والتي بدأت منذ ثلاثينيات القرن الماضي حتى احتلت مصر المركز الثاني في مجال الرسوم المتحركة عام ١٩٣٥، وكيف ظهر أشهر أفلام الرسوم المتحركة وقتها وهو "مفيش فايدة" وشخصية "مشمش أفندي" حين طُلب من الاقتصادي الكبير طلعت حرب تمويل وفي كل مرة يؤكد أنه "مفيش فايدة"، وفي آخر مرة قال "في المشمش"، ومن هنا جاء اسم الفيلم والبطل.
وأوضحت دور الأخوين مهيب في تطوير الرسوم المتحركة، ومن ثم تطورها عبر الأجيال، حتى وصلنا لأنجح هذه الأعمال وأكثرها شهرة عند أجيال كثيرة وهو بكار وأعمال الدكتورة منى أبو النصر والدكتورة زينب زمزم والدكتور مصطفى الفرماوي والمخرج أحمد حسن، وغيرهم ممن قدموا أعمالا كثيرة ناجحة أثرت في نفوس الأطفال، وكيف أصبحنا نواجه أزمة ليست في المبدعين، ولكن في عرض هذه الأعمال ووصولها للجماهير، وأكدت على ضرورة بحث أسباب هذه الأزمة للوصول لحلول لها.


اجتياح الغرب لأطفالنا
ثم تحدث الفنان أحمد عبد النعيم عن اجتياح الغرب لأطفالنا من خلال محتوى يقدم بصناعة متميزة تغزو مجتماعتنا العربية بجودة وتقنية عالية، وهو ما يجب أن نواجهه لا بالمنع ولكن من خلال تقديم محتوى جيد يضاهي جودة الغربي، ونحن نمتلك مبدعين يستطيعون تقديم ذلك، ولكن أزمتنا تكمن في عدم تعامل الدولة في مصر مع الرسوم المتحركة كأداة تعليمية قادرة على تقديم القيم والسلوكيات الإيجابية التي يجب التأكيد عليها من خلال محتوى درامي جذاب، فالرسوم المتحركة ليست مجرد وسيلة للترفيه فقط.
وتحدث عن تجربته الشخصية في لقاء عظماء العالم في الرسوم المتحركة، وكذلك في مجال الأنمي ورسوم المانجا، وكيف يتعاملون مع هذا الفن كصناعة، يشترك فيها الكثيرون، ودور كل منهم التخصص فقط في مجاله، فالكاتب يتفرغ للكتابة والرسام يظل طوال العام وقد يظل لأكثر من عامين يرسم فقط في تفصيلة صغيرة لفيلم كامل دون باقي الرسوم، وكيف أنهم في الأسد الملك ظلوا يوميا لمدة 6 أشهر يتواجدون في غابات مفتوحة ومحميات بوسائل آمنة يشاهدون ويرسمون الأسود بكل تفاصيلها.
وأضاف عبد النعيم أنه يجب على الدولة تبني مشروع قومي للرسوم المتحركة كأداة تربوية وتثقيفية وتعليمية بالإضافة لوظيفتها الترفيهية، حتى نستطيع أن ننافس ما يقدمه الغرب، وعدم ترك المجال مفتوحا أمامهم لملء عقول أطفالنا بما يفسد مستقبلهم.
وتحدثت د. منى العيسوي أستاذ الرسوم المتحركة عن ضوررة الاستفادة من كل الجهات التابعة لوزارة الثقافة والقادرة على إنتاج رسوم متحركة، وكذلك المعاهد الأكاديمية التابعة لها، لنتعاون فيما بينها بشكل منظم لتقديم أعمال جماعية تليق باسم وزارة الثقافة؛ يمكن عرضها للجماهير فيما بعد، وتسويقها بالشكل الملائم، مما يستوجب عمل تعاون مع كليات الفنون المختلفة التي تحوي أقساما للرسوم المتحركة، لنصل في النهاية إلى تطوير محال الرسوم المتحركة في مصر بما يليق ببداية مصر الكبيرة عبر التاريخ في الرسوم المتحركة، وبما يليق باسمها وتاريخها كما يجب أن تكون في المستقبل في ذات المجال.
ثم تحدث السيناريست وليد كمال عن تجربته في مجال الكتابة للطفل وبخاصة الرسوم المتحركة والتي تم إنتاج العديد من الأعمال له وعرضت بالتليفزيون المصري، من خلال منتج خاص ويقوم ببيع المسلسل لشركة صوت القاهرة آنذاك، وما كان يواجه ذلك من روتين، حتى توقفت الجهات الإنتاجية الحكومية ومنها التليفزيون وصوت القاهرة ومدينة الإنتاج عن الإنتاج بشكل شبه كامل.
وأضاف كمال أن المشكلة في مصر في التعامل مع الفن كتجارة وليست كصناعة مثل الغرب، ففي الغرب يقوم المؤلف فقط بالتأليف ويقوم وكيل الأعمال بتسويق ما يكتبه سواء كان مطبوعا أو مسرحيا أو سينمائيا أو تليفزيونيا بعكس ما يحدث عندنا، فالمؤلف يجب أن يكتب ويقوم بتسويق ما يكتبه، وهو ما يعوق المؤلف عن استكمال إبداعه.
وأكد على ضرورة وجود وكيل أعمال ومسوقين وفريق لعمل دراسات جدوى اقتصادية ليتحول الفن في مصر مثل كثير من دول العالم ومنهم الهند إلى صناعة وليس تجارة.
وتحدث الفنان محسن عبد الحفيظ عن امتلاك مصر لمواهب شابة وخبرات كبيرة أنتجت أعمالا ناجحة مثل بكار، ولكن لم يتم العمل على تطوير هذه المواهب بما يتلائم مع تطور العصر، ودخول أدوات الذكاء الاصطناعي لمجال الرسوم المتحركة، فأي مجال يجب أن يتم تطوير العاملين فيه، ولكن نظرا لضعف الإمكانات، وضعف التسويق فإن كثيرا من المبدعين أصبحوا غير قادرين على تطوير أنفسهم لمنافسة الغرب، ومن ثم نشكو من اجتياح وغزو أفلام الغرب بكل مضامينها لأطفالنا.
وطالب عبد الحفيظ بضرورة تبني وزارة الثقافة لمسابقة ضخمة في مجال الرسوم المتحركة بجوائز مالية كبيرة تشجع على المنافسة، وتعطي بارقة أمل لأجيال جديدة لتطوير أنفسهم، وتقديم أعمال جيدة من حيث المحتوى والشكل، فالمسابقات لها دور كبير في خلق أجيال جديدة وتشجيعهم على الاستمرار.
ثم قام الحضور بعمل مداخلات ونقاشات كثيرة ومنهم مبدع في مجال الرسوم المتحركة يأمل في أن تقوم وزارة الثقافة بعمل قناة متخصصة أو موقع ويب لعرض كل أعمال الرسوم المتحركة، وتسويق القناة أو الموقع بما يدر دخلا من الإعلانات يساعد على تطوير المجال.
واختتمت د. مروة عادل المنتدى مؤكدة أن الحوار لم ينتهِ بعد، وسوف يتم استكماله في مرات قادمة، وأنه سوف يتم رفع هذه التوصيات للمجلس الأعلى للثقافة، للاستفادة منها والعمل على تفعيلها.