المتحف المصري الكبير مشروع حضاري ينعش الاقتصاد ويجذب النقد الأجنبي
في أجواء مهيبة تمزج بين عبق الماضي وروح الحاضر، جاء افتتاح المتحف المصري الكبير ليشكّل لحظة تاريخية تُعيد إلى الأذهان عظمة الحضارة المصرية القديمة، وتؤكد قدرة الدولة على الجمع بين حماية تراثها وبناء مستقبلها برؤية حديثة، هذا الصرح العالمي لم يكن مجرد مشروع أثري، بل بوابة مصر نحو عصر جديد من التنمية الشاملة والسياحة الثقافية والاستثمار الواعد، وهو ما أجمع عليه قادة الاقتصاد والصناعة والبنوك والعقارات المشاركون في الجلسة الحوارية التي أُقيمت على هامش الافتتاح تحت عنوان «من قلب الحضارة.. مصر تبني المستقبل».
في بداية الجلسة، قال المهندس حسن علام، الرئيس التنفيذي لمجموعة حسن علام القابضة، إن المشاركة في إدارة وتشغيل المتحف المصري الكبير تُعد واحدة من أهم التجارب الوطنية الفريدة التي تعكس قدرة الدولة على تنفيذ مشروعات عالمية المستوى تجمع بين كفاءة القطاع العام ومرونة القطاع الخاص، لتقديم نموذج يحتذى به في الإدارة الحديثة والتعاون المؤسسي.
وأوضح أن الشركة بدأت العمل في المشروع منذ أكثر من أربع سنوات من خلال شركة "نجرسكي للخدمات"، إحدى الشركات التابعة للمجموعة، مشيرًا إلى أن إدارة هذا الصرح كانت تحديًا كبيرًا نظرًا لضخامته وأهميته التاريخية والثقافية.
وأضاف أن المشروع نجح في توحيد الجهود الحكومية والخاصة لتقديم تجربة متكاملة تعكس صورة مصر الجديدة أمام العالم، لافتًا إلى أن عدد العاملين ارتفع من 400 إلى أكثر من 5000 موظف ومهندس، مع خطط للتوسع ليصل العدد إلى 15 ألف مع اكتمال التشغيل الكامل للمتحف، ما يبرهن على حجم الجهد المبذول والفرص التي يخلقها في سوق العمل.
وأكد علام أن المتحف المصري الكبير ليس مجرد مشروع أثري أو سياحي، بل رمز لإحياء الهوية المصرية وتطوير البنية التحتية الثقافية والسياحية، مضيفًا أن ما يحدث في مصر الآن من طفرات تنموية غير مسبوقة سيجعل من المتحف نقطة انطلاق جديدة لجذب الاستثمارات والسياحة العالمية.
واتفق معه في الرؤية رجل الأعمال المهندس طلعت مصطفى، رئيس مجلس إدارة مجموعة طلعت مصطفى القابضة، الذي وصف افتتاح المتحف بأنه نقطة تحول حقيقية في الاقتصاد المصري، موضحًا أنه لا يقتصر على البعد الثقافي فقط، بل يمتد أثره إلى جذب الاستثمارات وتنشيط التدفقات النقدية الأجنبية بما ينعكس على استقرار السوق المحلي وخفض معدلات التضخم.
وأشار إلى أن الدولة نجحت في ربط التنمية السياحية بالمشروعات القومية الكبرى، مؤكدًا أن القطاع السياحي يشهد مؤشرات نمو غير مسبوقة منذ ثلاثة عقود، سواء في نسب الإشغال أو في حجم الطلب على المقاصد المصرية.
وأوضح أن نسب الإشغال في مدينة شرم الشيخ تجاوزت 85% بالتزامن مع انعقاد مؤتمر السلام، ما يعكس عودة مصر بقوة إلى خريطة السياحة العالمية، متوقعًا أن تشهد الفترة المقبلة مزيدًا من التدفقات السياحية والاستثمارية مع اكتمال افتتاح المتحف وتوسع حركة الطيران والفعاليات الدولية.
وكشف عن تنفيذ المجموعة مشروعًا فندقيًا تابعًا لسلسلة "فور سيزون" العالمية على مساحة 350 ألف متر مربع خلف المتحف، من المقرر افتتاحه خلال ثلاث سنوات، مؤكدًا أن المشروع سيشكل نقلة نوعية في مستوى الخدمات الفندقية بالعاصمة.
ومن جانبه، أكد المهندس خالد عباس، رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية، أن مشاركة الشركة في افتتاح المتحف تمثل مصدر فخر واعتزاز كبير، مشيرًا إلى أن الحدث يعكس عظمة مصر ومكانتها التاريخية والحضارية وقدرتها على الجمع بين حماية التراث وبناء المستقبل في آن واحد.
العرض داخل المتحف جاء بطريقة مبتكرة تُبرز عبقرية المصريين
وأوضح أن أسلوب العرض داخل المتحف جاء بطريقة مبتكرة تُبرز عبقرية المصريين في تقديم تاريخهم للعالم بأسلوب حديث ومتطور يروي قصة وطنٍ حافظ على ثقافته وهويته رغم تغير الأزمنة، معتبرًا أن ما يقدمه المتحف من تجربة فنية وثقافية هو تجسيد حي لتاريخ مصر العريق ورسالة تؤكد أن الحضارة المصرية لا تزال تنبض بالحياة.
وأضاف أن المتحف يعد منارة ثقافية وسياحية ستسهم في جذب ملايين الزوار والاستثمارات وتؤكد أن مصر ما زالت تبهر العالم كما كانت دائمًا.
وفي السياق نفسه، أكد محمد الإتربي، رئيس مجلس إدارة البنك الأهلي المصري، أن افتتاح المتحف المصري الكبير يمثل حدثًا عالميًا ورسالة حضارية من مصر إلى العالم، موضحًا أن هذا الصرح العملاق يجسد عراقة الدولة المصرية وقدرتها على المزج بين أصالة التاريخ وروح العصر الحديث.
وأشار إلى أن البنك الأهلي، الذي يمتد تاريخه لأكثر من 127 عامًا، كان ولا يزال شريكًا رئيسيًا في دعم المشروعات القومية الكبرى إيمانًا بدوره الوطني ومسؤوليته في دعم الاقتصاد المصري ووضع مصر على الخريطة الاستثمارية العالمية.
وأضاف أن البنك يمتلك حصة سوقية تصل إلى نحو 48% من إجمالي البنوك العاملة في السوق المحلي، مؤكدًا أن دعم الثقافة والفنون هو دعم مباشر للاقتصاد والهوية الوطنية.
وقال: “مصر هي مزيج من الحضارة الخارقة التي لا تنطفئ أنوارها، ورسالتنا للعالم أن يأتوا ليشاهدوا عظمة مصر وتاريخها العريق”.
أما المهندس أحمد عز، رئيس مجلس إدارة مجموعة حديد عز، فأكد أن مشروع المتحف المصري الكبير يعد إعادة بث للحضارة المصرية القديمة، مشيرًا إلى أن مصر من خلال هذا الصرح تؤكد للعالم أنها صاحبة حضارة تمتد لأكثر من 7 آلاف عام وقادرة على استعادتها بقوة.
وأوضح أن شركة حديد عز كانت المورد الأساسي لمواد البناء الخاصة بالمشروع، قائلًا: «نحن شركاء في هذا الإنجاز الوطني، ونفخر بأننا وفرنا الأساس البنائي لكل المشروعات القومية في مصر، وعلى رأسها المتحف المصري الكبير».
وأشار إلى أن إنتاج الشركة يقترب من 6.5 مليون طن سنويًا مع هدف لتجاوز 7 ملايين خلال العام المقبل، مؤكدًا أن صادراتها بلغت نحو 1.6 مليار دولار خلال السنتين الأخيرتين، وهو ما يعكس قوة الصناعة الوطنية ودورها في دعم الاقتصاد المصري.
واختتم الجلسة المهندس محمد منصور، رئيس مجلس إدارة مجموعة منصور، مؤكدًا أن افتتاح المتحف المصري الكبير يعد حدثًا عالميًا ضخمًا يتحدث عنه الجميع، مشيرًا إلى أن العالم كله ينظر إلى مصر اليوم بإعجاب لما حققته من إنجازات ملموسة في البنية التحتية والطرق والتنمية السياحية.
وأوضح أن التقديرات تشير إلى أن المتحف سيجذب نحو 5 ملايين سائح سنويًا، لكنه يتوقع أن تتجاوز الأعداد هذه التقديرات بكثير نظرًا لعظمة المشروع ومكانته العالمية، قائلًا: “أنا شايف مستقبل مصر في مجال السياحة رهيب جدًا، وما تحقق من تطوير في الطرق والخدمات يجعلنا جميعًا نفخر بما وصلت إليه بلادنا”