00 أيام
00 ساعات
00 دقائق
00 ثواني

🎉 افتتاح المتحف الكبير ! 🎉

عاجل

رموز إسلامية|الصحابي أنس بن مالك.. شاهد النبوة وحارس السنة عبر العصور

أنس بن مالك
أنس بن مالك

 الصحابي الجليل أنس بن مالك الأنصاري الخزرجي النجاري رمز من الرموز الإسلامية التي سجلها التاريخ الإسلامي ,فهو من أبرز رواة الحديث النبوي الشريف، وأحد الذين حظوا بشرف خدمة الرسول محمد ﷺ عن قرب.

نشأته

 ولد رضي الله عنه في المدينة المنورة قبل الهجرة النبوية بنحو عشر سنوات، ونشأ في بيتٍ مؤمنٍ عرف بالولاء للإسلام منذ فجره الأول, وكانت والدته أم سليم بنت ملحان من أوائل المسلمات، وقد عرفت بإيمانها الراسخ وحكمتها، إذ قدمت ابنها الصغير أنسا للنبي ﷺ عند قدومه المدينة قائلة: "يا رسول الله، هذا أُنيس ابني، غلام لبيب كاتب، أتيتك به يخدمك فادعُ الله له"، فقبله النبي ودعا له بقوله: "اللهم أكثر ماله وولده وبارك له، وأدخله الجنة".

خدمة النبي ﷺ

بدأ أنس بن مالك خدمته للنبي ﷺ وهو ابن عشر سنين، فكان شاهدًا على حياة الرسول في بيته، ومرافقًا له في حله وترحاله. وقد أحبه النبي وكنّاه بـ"أبي حمزة"، وكان يعامله معاملة الأب لابنه، فيقول له أحيانًا: "يا بنيّ". وقد روي عن أنس قوله: "خدمت النبي عشر سنين، فما قال لي لشيء فعلته لِمَ فعلت كذا، ولا لشيء تركته لِمَ تركت كذا".

شارك أنس في عدد من الغزوات، فكان مع النبي ﷺ في خيبر والطائف وحنين وفتح مكة، كما شهد صلح الحديبية وعمرة القضاء وحجة الوداع وبيعة الرضوان، غير أنه لم يُقاتل في بدر لصغر سنه آنذاك، وكان فيها يخدم النبي وأصحابه.

بعد وفاة النبي ﷺ

بعد انتقال الرسول الكريم إلى الرفيق الأعلى، واصل أنس بن مالك مسيرة الدعوة والجهاد. فقد شارك في حروب الردة في عهد الخليفة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وكان من الرماة المهرة في معركة اليمامة. ثم بعثه أبو بكر إلى البحرين لجمع الزكاة، بناءً على مشورة عمر بن الخطاب الذي قال عنه: "ابعثه فإنه لبيب كاتب".

واصل أنس جهوده في عهد عمر بن الخطاب، فشارك في فتوح العراق وبلاد فارس، وشهد القادسية وفتح تُستر، وكان هو من جاء بالأسير الهرمزان إلى المدينة. ثم استقر في البصرة، واتخذها دارًا له، يُحدّث الناس بما حفظ من سنة النبي ﷺ.

الراوي المكثر عن النبي ﷺ

يُعدّ أنس بن مالك من أكثر الصحابة رواية للحديث النبوي الشريف، إذ روى عنه ما يزيد على 2200 حديث، وبلغ عدد من نقلوا عنه من الصحابة والتابعين أكثر من 285 راويًا، من أبرزهم: محمد بن سيرين، ثابت البناني، الحسن البصري، قتادة، الزهري، وعمر بن عبد العزيز.

أما الذين روى عنهم فكان في مقدمتهم سيدنا النبي محمد ﷺ، إضافة إلى عدد من كبار الصحابة، مثل أبي بكر الصديق، عمر بن الخطاب، عثمان بن عفان، ومعاذ بن جبل رضي الله عنهم.

ومن الأحاديث التي نقلها عنه البخاري ومسلم حديثه المشهور: "رأيت رسول الله ﷺ وحانت صلاة العصر، فالتمس الناس الوضوء فلم يجدوه، فأُتي رسول الله ﷺ بوضوء، فوضع يده في الإناء، وأمر الناس أن يتوضؤوا منه، قال: فرأيت الماء ينبع من تحت أصابعه حتى توضؤوا من عند آخرهم."

عبادته وأخلاقه

كان أنس بن مالك مثالًا في العبادة والزهد والورع. قال عنه أبو هريرة رضي الله عنه: "ما رأيت أحدًا أشبه بصلاة رسول الله ﷺ من ابن أم سليم". وكان حفيده ثمامة بن عبد الله يقول: "كان أنس يصلي حتى تفطر قدماه دمًا من طول القيام".

بركة دعاء النبي ﷺ وطول عمره

تحققت في أنس بن مالك بركة دعاء النبي ﷺ، فعاش عمرًا طويلًا، ورُزق من البنين والحفدة عددًا كبيرًا، حتى قيل إن أحد بساتينه كانت تثمر في السنة مرتين. وظلّ يحدث الناس عن رسول الله ﷺ حتى وفاته في البصرة، وكان آخر الصحابة موتًا فيها، وقد جاوز المئة من العمر.

قدم دمشق أيام الوليد بن عبد الملك، ثم رحل إلى البصرة يحدث الناس، وفيها توفي رضي الله عنه، قيل: توفي يوم الجمعة سنة 91، وقيل: سنة 92، وقيل: سنة 93 من الهجرة النبوية، وهو آخر من مات من الصحابة عن صفوان بن هبيرة، عن أبيه قال: قال لي ثابت البناني: قال لي أنس بن مالك رضي الله عنه: هذه شعرة من شعر رسول الله فضعها تحت لساني. قال: فوضعتها تحت لسانه، فدفن وهي تحت لسانه، وقال مؤرق العجلي لما مات أنس بن مالك ذهب اليوم نصف العلم.

إرث خالد

خلّد أنس بن مالك رضي الله عنه أثرًا علميًا وروحيًا عظيمًا في الأمة الإسلامية، إذ حفظ بذاكرته وسرده آلاف الأحاديث والمواقف النبوية، فكان حلقة وصل بين جيل الصحابة والتابعين، وواحدًا من أعمدة نقل السنة المطهرة التي حفظت سيرة النبي ﷺ للأجيال من بعده.

تم نسخ الرابط