كيف تشرحين لأطفالك قرار الانفصال بطريقة صحية وآمنة نفسيا؟”
الحديث مع الأطفال عن قرار الانفصال أو الطلاق من أصعب المحادثات التي قد يمر بها أي والدين، ليس فقط لما يرافقها من مشاعر متوترة، بل لأن هذه اللحظة تحفر في ذاكرة الطفل وتؤثر في إحساسه بالأمان وثقته بعائلته.
لذلك، فإن الطريقة التي يُدار بها هذا الحديث قد تحدد شكل العلاقة المستقبلية بين أفراد الأسرة بعد الانفصال.
نصائح حول إخبار أطفالك بقرار الطلاق
إليك أبرز النصائح التي قدمتها آن بوشو (Ann Buscho, Ph.D.)، المتخصصة في العلاج الأسري والتعامل مع حالات الانفصال، عبر Psychology Today. حيث تشرح بوشو أن الهدف من الحديث مع الأطفال ليس شرح أسباب الطلاق، بل مساعدتهم على الشعور بالأمان والاطمئنان في مرحلة مليئة بالتغيرات
التحضير المسبق قبل الحديث
من المهم أن يتفق الوالدان على ما سيقال ومتى وأين سيتم الحديث.
يفضل اختيار يوم هادئ يتيح للأسرة وقتًا كافيًا للنقاش، مثل عطلة نهاية الأسبوع، وتجنب الأعياد أو المناسبات الخاصة.
وإذا كان التواصل بين الزوجين صعبًا أو يسوده التوتر، يمكن الاستعانة بوسيط أو مستشار أسري لتنسيق طريقة الإبلاغ. المهم ألا يُقال القرار بشكل مفاجئ أو في لحظة غضب.
التحدث بصوت واحد
ينصح الخبراء بأن يبلغ الوالدان الأطفال بالخبر معًا، لأن ذلك يمنحهم شعورًا بأن العلاقة الوالدية ما زالت قائمة رغم الانفصال.
كما أنه يمنع نقل الخبر بطريقة غير متوازنة أو سماعه من أحد الإخوة قبل الآخرين.
بعد الحديث الجماعي، يمكن تخصيص وقت منفصل للحديث مع الأطفال الأكبر سنًا الذين قد يحتاجون لتوضيحات إضافية.
من دون لوم أو اتهام
يجب أن يتجنب الوالدان إلقاء اللوم أو الحديث عن "السبب الحقيقي" للانفصال. الهدف ليس تبرير القرار بل حماية مشاعر الطفل ومنع انقسام ولائه.
من الأفضل استخدام عبارات محايدة مثل: “حاولنا إصلاح العلاقة، لكننا لم نتمكن من ذلك” أو “نريد أن تتوقف الخلافات، لذلك قررنا أن يعيش كل واحد منا في مكان مختلف”.
شرح ما يحدث ببساطة
الأطفال بطبيعتهم يبحثون عن الأسباب، خصوصًا المراهقين. لذلك من الطبيعي أن يسألوا "لماذا؟".
لا يجب أن تتضمن الإجابة تفاصيل شخصية، بل توضيحًا عامًا يناسب أعمارهم.
يمكن القول مثلًا: “لم نعد نشعر بالسعادة معًا، لكننا ما زلنا نحبك ونهتم بك”.
ما الذي سيتغير وما الذي سيبقى؟
أهم ما يشغل الأطفال هو مصير حياتهم اليومية. أين سيعيشون؟ هل سيستمرون في المدرسة نفسها؟ ماذا عن أصدقائهم وأنشطتهم؟
من المهم توضيح ما هو معروف، والاعتراف بما لم يُحسم بعد.
وإذا تم الاتفاق على نظام السكن أو الزيارة، يجب شرحه بطريقة تطمئن الطفل، مع التأكيد أن حب الوالدين له لن يتغير. كما يُستحسن تكرار عبارة مطمئنة مثل: “نحن سنبقى عائلة، لكن في بيتين مختلفين”.
الطمأنينة فوق كل شيء
ينبغي طمأنة الأطفال بأن الانفصال ليس ذنبهم، وأن لا شيء كان بإمكانهم فعله لمنعه.
من الأفضل تجنب الوعود التي قد لا تنفذ، مثل عدم الانتقال من المنزل أو الحفاظ على كل تفاصيل الروتين.
وبدل ذلك، يمكن قول: “قد يتغير بعض الأشياء، لكننا سنتأكد أنك بخير وسعيد”.
التعامل مع ردود الفعل
ردود فعل الأطفال تختلف من طفل إلى آخر: بعضهم قد يبكي، وآخر قد يصمت أو يبدو غير مبالٍ.
جميع هذه المشاعر طبيعية. المهم أن يظهر الوالدان تفهّمًا وصبرًا، وأن يتيحا مساحة للتعبير من دون ضغط.
من الطبيعي أيضًا أن يروا أحد الوالدين متأثرًا أو يبكي، فهذا يعلّمهم أن الحزن مشاعر مشروعة، لكن يُفضل أن يبقى الكبار متماسكين بما يكفي ليشعر الأطفال بالأمان.
مساحة للأسئلة والوقت للتأقلم
قد لا يطرح الأطفال الأسئلة فورًا، لذلك من المهم إخبارهم بأن بإمكانهم السؤال في أي وقت. ويُستحسن تكرار الحديث لاحقًا لتوضيح ما قد يتغير بمرور الأيام.
التأقلم مع الانفصال عملية تستغرق وقتًا، وعلى الأهل التحلي بالصبر. مع مرور الوقت، حين يلاحظ الأطفال أن والديهم يواصلان الاهتمام بهم ويعيشان حياة متوازنة، سيشعرون بالاستقرار مجددًا.
في النهاية، الطريقة التي يُدار بها هذا الحديث يمكن أن تخفف كثيرًا من الألم النفسي الذي يرافق الانفصال. فالانفصال لا يعني انهيار العائلة، بل إعادة تشكيلها بطريقة مختلفة، يكون فيها الحب والرعاية أساس العلاقة بين الوالدين وأطفالهما.