بعد قدوم أحد الأشخاص بإلقاء نفسه من إحدى المولات.. ما حكم الانتحار في الإسلام؟

شهدت وسائل التواصل الإجتماعي حادث عن إلقاء أحد الأشخاص بنفسه من الطابق الثامن بمول سيتي ستارز، فما حكم الانتحار في الإسلام؟.
الانتحار في الإسلام يعد من الأفعال المحرمة والتي تتعارض مع المبادئ الأساسية التي يقوم عليها الدين الإسلامي. الإسلام يحث على الحفاظ على الحياة والتمسك بها كنعمة من نعم الله التي يجب أن تُشكر. وعلى الرغم من شدة تحريمه، فإن الحكم على المنتحر لا يصل إلى درجة تكفيره، بل يعتبر فعله معصية كبيرة وعقوبته في الآخرة شديدة.
الانتحار كفعل محرم
الانتحار في الإسلام يُعد من الكبائر، وهو محرم بشدة بناءً على النصوص الشرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية. جاء في القرآن الكريم في سورة النساء: “وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّاٰهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا” (النساء: 29)، وهذه الآية تدل على تحريم قتل النفس بما في ذلك الانتحار.
كما ورد في الحديث النبوي الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “من قتل نفسه بحديدة، حُشِرَ يوم القيامة وهو يَجرُّ تلك الحديدة في بطنه” (رواه مسلم).
هل يُعتبر المنتحر كافرًا؟
من خلال النظر في الأدلة الشرعية، يتضح أن المنتحر لا يُعتبر كافرًا لمجرد ارتكابه لهذه الفعلة، وإنما يُعد فاعلًا لمعصية كبيرة.
يُعتبر المنتحر من أهل المعاصي الذين يعاقبهم الله في الآخرة إذا لم يتوبوا قبل وفاتهم. ولكن الإسلام لا يُنزل حكم الكفر على أي مسلم ارتكب هذه المعصية، بل يظل مسلمًا، حتى وإن كان فعله يعد من أعظم الكبائر.
العقوبات في الآخرة:
يُعتقد أن المنتحر سيتعرض لعقوبات شديدة في الآخرة بناءً على النصوص النبوية، وقد ورد في الحديث الصحيح أن المنتحر سيُحشر يوم القيامة في حالته التي انتهت بها حياته، أي في صورته وهو يعذب نفسه بنفسه. ويفيد هذا الحديث بأن العذاب سيكون متناسبًا مع نوع المعصية التي ارتكبها، وسيبقى في هذا العذاب إلى الأبد، ما لم يُشمل برحمة الله.
أسباب الانتحار والعلاج في الإسلام
الإسلام يدعو إلى الصبر والرجاء في رحمة الله، ويحث المسلم على تحمل صعاب الحياة والابتعاد عن اليأس. في الحالات التي قد تدفع الإنسان للشعور باليأس، مثل الأزمات النفسية أو العاطفية، فإن الإسلام يوصي باللجوء إلى الدعاء، وتجنب التفكير في الانتحار. كما يُشجع على طلب العلاج النفسي والروحي من خلال الصلاة، واللجوء إلى الله تعالى، وكذلك استشارة أهل العلم والدعاء.
الرحمة والعدالة الإلهية
رغم أن الانتحار يعد معصية عظيمة، فإن الإسلام يظل متمسكًا بمبدأ الرحمة والعدالة الإلهية. الله سبحانه وتعالى هو الأعلم بقلوب عباده، ويعلم ظروفهم جميعًا. وبالتالي، لا يُحكم على أي شخص بشكل نهائي إلا من خلال القضاء الإلهي العادل الذي يشمل الرحمة والمغفرة. المسلمون يُشجعون على الدعاء للمتوفين، بما في ذلك المنتحرين، رجاء أن يشملهم الله برحمته وعفوه.
ويستدل بذلك:
الانتحار في الإسلام يُعتبر جريمة كبيرة ومعصية عظيمة، ويجب على المسلم أن يتجنب هذا الفعل، كما يجب على المجتمع أن يقدم الدعم النفسي والروحي للأشخاص الذين يعانون من الأزمات. مع ذلك، لا يُعتبر المنتحر كافرًا، بل يُعاقب على معصيته في الآخرة وفقًا لرحمة الله وعدله.