تزامناً مع افتتاخ المتحف الكبير.. المجلس القومي المرأة يحتفي بالملكة حتشبسوت
تُعد الملكة حتشبسوت واحدة من أعظم النساء في تاريخ مصر القديمة، فقد بدأت مسيرتها كملكة نبيلة قوية، ثم أصبحت ملكًا حاكمًا، لتُثبت أن القيادة لا تعرف جنسًا بل عظمةً وإرادة.
وُلدت حتشبسوت ابنةً للملك تحتمس الأول والملكة أحمس من سلالة مؤسِّس الدولة الحديثة، ونشأت في قلب القصر الملكي تتعلّم أصول الحكم وشؤون الدولة منذ نعومة أظافرها.
تزوّجت من أخيها غير الشقيق تحتمس الثاني، وبعد وفاته تولّت الوصاية على العرش باسم ابن زوجها الصغير تحتمس الثالث، لكنها سرعان ما أصبحت الحاكم الفعلي للبلاد، فحكمت مصر بحكمة واقتدار طوال أكثر من عقدين من الزمن.

رغم أن تقاليد مصر القديمة كانت تحصر المُلك في الرجال، فإن حتشبسوت كسرت القاعدة، وأعلنت نفسها فرعونًا لمصر، مؤكدة شرعيتها بنقوش مقدسة في معبدها بالدير البحري تُظهر الإله آمون رع وهو يعلن ميلادها الإلهي كابنة للآلهة ووارثة للعرش.
كانت حتشبسوت رمزًا للبناء والنهضة؛ اشتهرت بمشروعاتها المعمارية الضخمة، من بينها المقصورة الحمراء في الكرنك، وأعمال الترميم في معابد الإلهة موت وباخت، كما أمرت بنحت مسلّتين عظيمتين في أسوان تخليدًا لعبادة آمون رع.
وفي عهدها ازدهرت التجارة المصرية من جديد، فأطلقت بعثة بحرية وتجارية بارزة إلى بلاد بونت (الواقعة بين إثيوبيا والسودان حاليًا) لاستيراد الأخشاب والعطور والأحجار الكريمة، مما جعل مصر مركزًا مزدهرًا للرخاء في العالم القديم.
أما معبدها الجنائزي في الدير البحري بالأقصر، فليس مجرد بناء، بل تحفة معمارية خالدة صمّمها مهندسها المبدع سنموت، تُعانق الجبل كأنها تتحدّى الزمن، شاهدة على عظمة حكمها وعبقريتها.
حكمت حتشبسوت مصر نحو اثنين وعشرين عامًا في سلام ورخاء، ثم اختتمت حياتها بهدوء بعد أن تركت إرثًا معماريًا وسياسيًا خالدًا.
ويُرجَّح أن مقبرتها الأصلية كانت تقع بالقرب من معبدها بالدير البحري، حيث لا يزال شاهدها الحجري يتحدث عن امرأة خُلِقت لتُخلّد.
تاريخ حتشبسوت ليس فصلًا من الماضي، بل هو برهان خالد على أن المرأة المصرية كانت دائمًا، وستظل، قادرة على القيادة وصناعة المجد.
● الصورة تُظهر تمثال الملكة حتشبسوت الراكعة في المتحف المصري الكبير – من مقتنيات الدير البحري.
● تم إعداد هذا المحتوى بالإستناد إلى مصادر المتحف القومى للحضارة، وكتاب سيدة العالم القديم.