لماذا يغضب الأطفال؟ أسباب نوبات الغضب التي لا تعرفها الأمهات
قد تكونين في المتجر أو في زيارة عائلية حين يفاجئك طفلك الصغير بانفجار من الغضب صراخ وبكاء وربما رمي للأشياء.
هذا المشهد المحرج والمربك هو جزء طبيعي من مرحلة النمو، لكن فهم أسبابه وكيفية التعامل معه يمكن أن يحول لحظة الفوضى إلى فرصة للتعلم والهدوء.
ما هي نوبة الغضب لدى الصغار؟
نوبة الغضب هي رد فعل عاطفي طبيعي يظهر عندما يعجز الطفل عن التعبير بالكلمات عن مشاعر الإحباط أو الغضب أو الحزن.
يحدث هذا لأن الأطفال في سنواتهم الأولى لم يكتسبوا بعد مهارات ضبط الانفعالات أو التعبير اللفظي عن رغباتهم، فيلجأون إلى الصراخ أو البكاء أو الرفض الجسدي للتعبير عن مشاعرهم.
وقد تختلف شدة النوبات بين طفل وآخر؛ فبعضها يقتصر على الدموع والتذمر، فيما قد يصل الآخر إلى الصراخ والتدحرج على الأرض أو رمي الأشياء.
متى تبدأ نوبات الغضب؟
تبدأ عادة بين عمر السنة والنصف إلى خمس سنوات، أي في المرحلة التي يكتسب فيها الطفل الاستقلال الجسدي قبل أن تتطور لديه القدرة على التعبير اللفظي.
الخبر الجيد هو أن معظم هذه النوبات لا تدوم أكثر من عشر دقائق، وتقل تدريجياً مع النمو والنضج.
أسباب نوبات الغضب عند الأطفال
تحدث نوبات الغضب غالباً نتيجة تراكم مجموعة من العوامل، منها:
التعب أو الجوع: الإرهاق أو انخفاض الطاقة يجعل الطفل أكثر حساسية تجاه المواقف.
الإحباط أو الحرمان: عندما لا يستطيع الحصول على ما يريد، سواء كان لعبة أو اهتماماً فورياً من الأم.
الرغبة في الاستقلال: في هذه المرحلة يبدأ الطفل بتجربة شعور "أنا أقرر"، فيرفض الأوامر ليثبت استقلاله.
البيئة المرهقة: الضوضاء، الزحام، أو تغير الروتين قد تثير غضبه.
كيف تتعاملين مع نوبات الغضب؟
الخطوة الأولى هي تذكر أن نوبة الغضب ليست تحدياً شخصياً لك، بل طريقة بدائية للتعبير. إليك ما ينصح به الخبراء:
حافظي على هدوئك: لا يمكن للأم الغاضبة أن تهدئ طفلاً غاضباً.
تنفسي بعمق وذكري نفسك أن طفلك "يمر بلحظة صعبة، لا يسببها عمداً".
تعاملي بتعاطف لا بتنازل: عبري عن تفهمك لمشاعره دون أن توافقي على السلوك. قولي مثلاً: "أفهم أنك غاضب لأننا لم نشتر اللعبة، لكن الصراخ لن يغير القرار."
انقلي الطفل إلى مكان آمن: إذا بدأ برمي الأشياء أو ضرب نفسه، أبعديه عن أي سطح صلب أو أدوات مؤذية.
حولي انتباهه: بعد أن يهدأ، اقترحي نشاطاً مختلفاً أو خياراً بسيطاً يمنحه شعوراً بالتحكم مثل "هل نلعب أو نقرأ كتاباً؟".
تعلمي من الموقف: بعد انتهاء النوبة، تحدثي معه ببساطة عمّا حدث، وعلّميه كلمات يستخدمها عندما يغضب مثل: "أنا حزين" أو "أنا متضايق".
ما الذي يجب تجنبه أثناء نوبة الغضب؟
هناك بعض التصرفات التي تزيد الموقف سوءاً:
الصراخ أو العقاب: الغضب لا يعلم الانضباط، بل الخوف. الطفل يحتاج نموذجاً للهدوء لا مرآة للانفعال.
الاستسلام لرغباته: إذا حصل على ما يريد بعد الصراخ، سيتعلم أن الغضب وسيلة فعالة لتحقيق مطالبه.
تجاهله تماماً: تركه وحيداً قد يجعله يشعر بعدم الأمان أو يدفعه لكبت مشاعره في المستقبل.
محاولة الإقناع بالعقل: في لحظة الغضب، لا يمكن للطفل استيعاب المنطق، لذا لا جدوى من الشرح المطوّل.
كيف تقي طفلك من نوبات الغضب؟
لا يمكن منعها تماماً، لكنها تقل كثيراً مع الملاحظة والاهتمام المسبق:
تجنبي المواقف المرهقة: لا تذهبي للتسوق إن كان مرهقاً أو جائعاً.
امنحيه وقتاً خاصاً: حتى خمس دقائق من التواصل الفردي يومياً تخفف التوتر وتحسن سلوكه.
امدحي السلوك الإيجابي: أثني عليه عندما يعبّر بالكلام بدلاً من البكاء.
امنحيه اختيارات بسيطة: مثل اختيار لون الكوب أو القصة قبل النوم، فهذا يمنحه إحساساً بالتحكم.
علّميه طرق التهدئة: كأخذ نفس عميق أو العدّ حتى الثلاثة عند الغضب.
في النهاية، تذكري أن نوبات الغضب ليست علامة على سوء التربية، بل على أن طفلك يتعلّم التعامل مع مشاعره.
كل نوبة غضب هي في الحقيقة خطوة نحو النضج العاطفي، وفرصة لكِ لتكوني المرآة التي يتعلم منها كيف يهدأ، ويعبّر، ويكبر بثقة.