المنيا تُعيد إحياء تاريخها الفرعوني.. من مقابر بني حسن إلى المتحف المصري
تقف مقابر بني حسن، جنوب المنيا، كأنها تروي قصة مصر القديمة بلسان الحجر والنقش واللون، في قلب صخور الجبل الشرقي لمدينة أبوقرقاص، وعلى ضفاف النيل الذي ينساب بهدوء بين الحقول الخضراء، هناك حيث صمت آلاف السنين لا يُكسره سوى وقع خطوات الزائرين، تتجلى عبقرية المصري القديم في مشاهد الصيد والرقص والرياضة التي ما زالت تحتفظ بألوانها الزاهية رغم مرور القرون.
كنوز أثرية فريدة
تزامن هذا المشهد الآسر مع حالة من الحراك الثقافي والسياحي تشهدها محافظة المنيا في الأيام الأخيرة، بالتوازي مع الاستعدادات الرسمية لافتتاح المتحف المصري الكبير، إذ تسعى المحافظة إلى إبراز ما تملكه من كنوز أثرية فريدة تمتد على طول ضفتي النيل، وفي مقدمتها منطقة بني حسن التي تُعد واحدة من أهم وأجمل مواقع المقابر الصخرية في مصر الوسطى.
وأكد الدكتور محمد جلال، مدير منطقة آثار المنيا، أن المحافظة تُكثف جهودها بالتنسيق مع وزارة السياحة والآثار لتطوير الخدمات المحيطة بالمواقع الأثرية، وعلى رأسها مقابر بني حسن، التي تعود لعصر الدولة الوسطى، مشيرًا إلى أن أعمال الترميم والتطوير مستمرة للحفاظ على الرسوم والنقوش الجدارية النادرة التي توثق جوانب الحياة اليومية للقدماء المصريين.
مقابر لحكام إقليم الغزال
وأضاف أن المقابر، التي نُحتت في الصخر منذ أكثر من أربعة آلاف عام، كانت مقابر لحكام إقليم الغزال في ذلك الوقت، وتضم 39 مقبرة بينها مقبرة خنوم حتب وباكت الثالث وأمنمحات، التي تعد من أروع ما أنتجه الفن المصري القديم في دقة التصوير وإتقان الألوان.
تطوير المناطق الأثرية والسياحية
وفي السياق نفسه، أعلن اللواء عماد كدواني محافظ المنيا، عن خطة شاملة لتطوير المناطق الأثرية والسياحية بالمحافظة، خاصة في مراكز أبو قرقاص، والمنيا، ومغاغة، ضمن مبادرة تهدف إلى تحويل المحافظة إلى وجهة سياحية متكاملة تستقبل الزائرين المحليين والأجانب، بالتوازي مع ترويج المقاصد الفرعونية والقبطية والإسلامية التي تزخر بها المحافظة.
وأشار المحافظ إلى أن المنيا تستعد لإطلاق حملة ترويجية جديدة بالتعاون مع وزارة السياحة، لربط آثار بني حسن وبقايا مدينة تل العمارنة القديمة بمسار المتحف المصري الكبير، بما يسهم في إنعاش السياحة الثقافية، ويعيد للمنيا مكانتها كـ"عاصمة التاريخ والحضارة في صعيد مصر".
ومع اقتراب موعد افتتاح المتحف المصري الكبير، تُطل المنيا من جديد على خريطة السياحة العالمية، ليس فقط كحافظة للتاريخ، بل كأرض ما زالت تنبض بالحياة بين الماضي والحاضر، تحمل على جبالها وشواطئها حكاية مصر التي لا تنتهي.




