عالم أزهري يوضح الفرق بين الستر والنصيحة: الصراحة مطلوبة دون تجريح
تحدث الدكتور محمد حمودة، من علماء الأزهر الشريف، عن القيم الأخلاقية في الإسلام، مشيرًا إلى أن الإسلام يوازن بين فضيلة الستر على الناس وبين واجب النصح والإصلاح، موضحًا أن الستر لا يعني التواطؤ على الخطأ أو كتمان الحق، بل هو أسلوب راقٍ يحفظ كرامة الإنسان دون أن يسمح بانتشار الفساد.
النبي صلى الله عليه وسلم كان يقدم النصيحة بصدق ورحمة
وأوضح حمودة، خلال لقائه عبر قناة الشمس، أن من سأل عن جارة أو فتاة يرغب في الزواج منها وهو يعلم عنها سوء السلوك، لا يجوز له أن يمدحها تزلفًا أو ستراً باطلاً، بل عليه أن يُبيّن الحقيقة بحكمة دون فضيحة، قائلًا: "يجوز أن يقول مثلاً: لا أحبذها لك، أو لعلها لا تناسبك، دون أن يذكر تفاصيل تسيء إليها أو تفضحها".
وأشار إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقدم النصيحة بصدق ورحمة، مستشهدًا بحديث المرأة التي جاءت تسأله عن الزواج من رجلين، فقال لها النبي: أما معاوية فلا مال له، وأما الآخر فضرّاب للنساء، فكان صريحًا في النصح دون أن يجرح أو يفضح.
ونوه الدكتور علاء بأن هذا الموقف النبوي الشريف يعلمنا كيف نفرّق بين الصراحة الهادفة والوقاحة المؤذية، موضحًا أن "الصراحة شيء محمود، أما التجريح والتشهير فهما من البجاحة التي لا تليق بالمؤمن".
وأكد أن الإسلام دعا إلى استخدام "المعاريض" في القول، أي التورية أو التعريض بالحديث، حفاظًا على الصدق دون الوقوع في الكذب أو الإيذاء، مستشهدًا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب.
المثال النبوي في التعامل مع المواقف الاجتماعية
وتابع قائلاً إن المثال النبوي في التعامل مع المواقف الاجتماعية يجب أن يكون قدوة للمسلمين اليوم، داعيًا إلى التحلي بالحكمة عند إبداء الرأي في الآخرين أو النصح لهم، "فالصراحة لا تعني الفظاظة، والنصيحة لا تعني الفضيحة".
وفيما يتعلق بالمواقف العملية في بيئة العمل، أضاف حمودة أن من رأى زميله يرتكب مخالفات مالية أو سلوكيات خاطئة فعليه أن ينصحه أولاً ثلاث مرات بالحسنى، فإن لم يستجب، وجب عليه إبلاغ أصحاب الحق أو المسؤولين حفاظًا على الأمانة العامة.
وأشار إلى أن الستر في هذه الحالة لا يجوز، لأنه يُعد تواطؤًا على الظلم وأكل أموال الناس بالباطل، مؤكدًا أن الستر مطلوب في الأمور الشخصية، أما في الأموال العامة أو الحقوق المشتركة فالصمت عنها خيانة.



