رسالة أزعجت إثيوبيا.. خبراء: بيان الاتحاد الأوروبي صفعة لدبلوماسية أديس أبابا
عبّر الاتحاد الأوروبي عن قلقه إزاء التصرفات الأحادية في ملف سد النهضة، ودعا الأطراف المعنية إلى التفاوض والتوصل إلى اتفاق مشترك، على سبيل المثال، في 8 يوليو 2021، أعرب المتحدث باسم السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي عن أسفه لإعلان إثيوبيا تعبئة النظام الثاني للسد من دون اتفاق مع الدول المتأثرة، وقال إن “التصرفات الأحادية من أي طرف غير مفيدة لإيجاد حل تفاوضي”.
وفي بيان سابق بتاريخ 17 يوليو 2020 أشار نائب رئيس المفوضية الأوروبية إلى أن الاتحاد الأوروبي يعبّر عن دعمه لجهود الوساطة التي تقودها الاتحاد الأفريقي، ويشجع الأطراف على التوصل إلى تسوية جماعية.
وفي البيان الأخير المشترك الصادر عن الاتحاد الأوروبي ومصر بتاريخ 22 أكتوبر 2025 (ضمن قمة مصر - الاتحاد الأوروبي) وردت إشارة واضحة إلى تأكيد “اعتماد مصر على نهر النيل في سياق ندرة المياه” ولدى الاتحاد الأوروبي “دعم أمن المياه، بما في ذلك في سياق سد النهضة الإثيوبي”.
البيان مخيب للآمال للغاية
ومَن جانبها أعربت سفارة جمهورية إثيوبيا في بروكسل عن “استيائها الشديد” من البيان المشترك الصادر عن الاتحاد الأوروبي ومصر بتاريخ 22 أكتوبر 2025، واصفةً إياه بأنه “إشكالي ومخيب للآمال للغاية”.
البيان الأوروبي-المصري، الذي صدر عقب أول قمة بين الجانبين في العاصمة البلجيكية، تناول قضايا الأمن المائي لمصر، وأكد التزام الاتحاد الأوروبي بدعم أمن المياه المصري. إلا أن إثيوبيا اعتبرت أن هذا الموقف “يتجاهل حقوق ومصالح الدول الأخرى المشاطئة لنهر النيل”، ويكرّس ما وصفته بـ”المطالبات الاستعمارية والاحتكارية” من جانب القاهرة.
انتقادات إثيوبية حادة
البيان الإثيوبي الرسمي اتهم الاتحاد الأوروبي بتقويض موقف أديس أبابا عبر منصة ثنائية مع مصر، وبترويج “مواقف غير دقيقة ومتحيزة وعدائية” تتناقض مع علاقات طويلة الأمد بين إثيوبيا وأوروبا. كما أشار إلى أن الموقف الأوروبي يتعارض مع المعايير الدولية لإدارة المياه العابرة للحدود، بما في ذلك اتفاقية الإطار التعاوني لحوض النيل (CFA)، واتفاقية الأمم المتحدة لعام 1997، واتفاقيات لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأوروبا.
ومن جانبه وصف الدكتور عباس شراقي، الخبير المائي وأستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، بيان الاتحاد الأوروبي الأخير بشأن حقوق مصر والسودان المائية بأنه "خطوة طيبة"، مشيرًا إلى أهمية دعم الاتحاد الأوروبي للأمن المائي المصري والسوداني.
وقال "شراقي" في تصريحات خاصة لـ "نيوز رووم": "إن دعم الاتحاد الأوروبي يأتي استكمالًا للمواقف الدولية والإقليمية السابقة، مثل موقف جامعة الدول العربية الذي أكد على ضرورة التوصل إلى اتفاق ملزم ومرضٍ للجميع، وفقًا للأعراف والقوانين الدولية التي تنظم استخدام المياه المشتركة.
بيان الاتحاد الأوروبي حمل رسائل واضحة
وأكد الخبير المائي أن بيان الاتحاد الأوروبي حمل رسائل واضحة، منها التأكيد على مبدأ عدم الإضرار بدول المصب وضرورة الإخطار المسبق، وهي مبادئ أساسية في التعامل مع الأنهار المشتركة. واعتبر شراقي أن البيان بمثابة دعوة للأطراف المعنية للعودة إلى طاولة المفاوضات للوصول إلى اتفاق يسمح بالتعاون المشترك في إدارة الموارد المائية.
مفاوضات السد الإثيوبي
وقارن "شراقي" هذا الموقف بمواقف دولية أخرى، مثل تدخلات الرئيس الأمريكي ترامب في مفاوضات سد النهضة، مشيرًا إلى أن كل هذه التحركات الدولية تصب في صالح مصر والسودان، وتُعد "خطوات جيدة" يمكن البناء عليها دبلوماسيًا لتوحيد المواقف والضغط على إثيوبيا، خاصة بعد تأثير الفيضانات الأخيرة.
التعنت الإثيوبي تسبب في قطع العلاقات المائية بين دول المصب
واعترف "شراقي" بأن سد النهضة "أصبح أمرًا واقعًا"، لكنه شدد على أن ذلك لا يغني عن ضرورة وجود اتفاق ملزم، وأوضح: "التعنت الإثيوبي تسبب في قطع العلاقات المائية بين دول المصب والمنبع، وهو ما خلق حالة من العداء والخصومة، لكن حل هذه المشكلة وخصوصًا بعد تجاوز السد لسنوات الملء الصعبة، سيسهل الوصول إلى اتفاق".
رد إثيوبيا على بيان الاتحاد الأوروبي
وعن رد الفعل الإثيوبي الغاضب من بيان الاتحاد الأوروبي، قال شراقي: "بيان إثيوبيا الذي صدر ردًا على الاتحاد الأوروبي يعكس رؤية الجانب الإثيوبي الذي يعتاد على رفض أي بيان يدعم حقوق دول المصب"، لافتا إلى أن إثيوبيا ترى أن الاتحاد الأوروبي لم يراعِ بنود القانون الدولي، خاصة فيما يتعلق بـ"الاستخدام المنصف والمعقول"، وهو ما يؤكد قوة البيان ووزنه لدى المجتمع الدولي.
أهمية ومركزية القضية المائية في المنطقة
واختتم الدكتور عباس شراقي تصريحه بالقول: "إن قوة بيان الاتحاد الأوروبي ورد الفعل الإثيوبي عليه يؤكدان أهمية ومركزية القضية المائية في المنطقة، إنها لحظة مناسبة للدفع نحو تفعيل المفاوضات والتوصل إلى اتفاق يضمن التعاون والاستقرار، بدلاً من حالة الخصومة الحالية".
البيان يُمثل خطوة إيجابية ودعمًا للدبلوماسية المصرية
ومن جانبه أكد الدكتور محمد نصر علام، وزير الري الأسبق، أن بيان الاتحاد الأوروبي الأخير بشأن حقوق مصر المائية في قضية سد النهضة يُمثل خطوة إيجابية ودعمًا للدبلوماسية المصرية، مشيرًا إلى أن رد الفعل الإثيوبي المتشنج على البيان "فضح حقيقة" الموقف الإثيوبي، الذي يعكس تعنتًا مستمرًا في المفاوضات.
قوة بيان الاتحاد الأوروبي
أوضح نصر علام، في تصريحات له، أن قوة بيان الاتحاد الأوروبي تكمن في أنه جاء ليؤكد على الثوابت القانونية والدولية التي تؤكد عليها مصر باستمرار، مثل مبدأ "عدم الإضرار" بدول المصب، وضرورة التوصل إلى اتفاق ملزم ومرضٍ للجميع، لافتاً إلى أن البيان، الذي صدر بعد القمة المصرية الأوروبية، يعكس فهمًا أوروبيًا عميقًا لحساسية القضية وتأثيرها على الأمن المائي والغذائي لمصر.
رد إثيوبيا على بيان الاتحاد الأوربي
وفيما يتعلق بالسد الأثيوبي، أكد البيان المشرك أهمية تعاون دول حوض النيل على أساس الإخطار المسبق وعدم الإضرار (قاعدتين أساسيتين في القانون الدولي)، واللتان لا تلتزم بهما أثيوبيا، وجاء الرد الأثيوبي على بيان الاتحاد عنيفا وبشكل (فى رأيي) لا يليق.
وتابع:: أثيوبيا أصدرت بيانا عنيفا ردا على بيان الاتحاد الأوروبي المشترك مع مصر، اتهمت فيه الاتحاد الأوروبي بدعم ما تدعيه مصر من سياسات الهيمنة الاستعمارية على مياه النيل وبدون اعتبار لوجهة نظر وتوجهات وحقوق 500 مليون مواطن من دول حوض النيل.
الاستقواء بدول الهضبة الاستوائية
و أكد وزير الري الأسبق، أن أغرب ما جاء فى البيان الأثيوبي، هو لوم الاتحاد الأوروبي لعدم استخدامهم مسمى "سد النهضة الأثيوبي الضخم"، لأنه فى رأيهم يعبر عن الاعتماد الذاتى لأثيوبيا واليقظة الأفريقية، مشيرا إلى أن الرد الأثيوبية يذكرني بالدور التى كانت تجيده أثيوبيا وقت مفاوضات اتفاقية عنتيبي، وهو الاستقواء بدول الهضبة الاستوائية ومحاولة تشكيل جبهة واحدة معهم ضد مصر والسودان، ونجد فى خطابها للاتحاد الأفريقي تتحدث بإسم هذه الشعوب، بالرغم أنهم ليس لهم أى علاقة هيدرولوجية بالنيل الأزرق وبالسد الأثيوبي، بل إن معظم رؤساء هذه الدول لم يحضروا الحفل الذى نظمته أثيوبيا لافتتاح هذا السد، إحتراما لموقف كل من مصر والسودان.
عنف الرد الأثيوبي على بيان الاتحاد الأوروبي
وأضاف علام، إنه في الحقيقة اندهشت من عنف الرد الأثيوبي على بيان الاتحاد الأوروبي والذى يشجع التعاون بين دول الحوض لفائدة الجميع. وأعتقد (شخصيا) أن السبب الرئيسي وراء هذا الانفعال الأثيوبي هو الاشارة صراحة لقاعدتي القانون الدولي الأساسيتين لأى مشاريع تقام على الأنهار الدولية وهما "الإخطار المسبق"، و"عدم الاضرار"، والذان تخالفهما أثيوبيا في جميع مشاريعها سواءا على روافد النيل أو الأحواض الأخرى المشتركة مع دول الجوار!!
والرد الأثيوبي العنيف على بيان الاتحاد الأوروبي، يؤكد ماجاء في التصريحات المصرية السابقة، بأنه لم تكن هناك جدوى من الاستمرار فى التفاوض مع الجانب الأثيوبية، وأخيرا أنتهز هذه الفرصة لأهنئ كل من شارك فى صياغة البيان الأوروبي المصري، والذى أظهر بكل وضوح طبيعة التوجه الأثيوبي في هذا الملف.