هل يستوي الأجر عند استخدام الفرشاة والمعجون بدلا من السواك؟
أكدت دار الإفتاء أن استخدام الفرشاة مع معجون تنظيف الأسنان يحصل به ثواب الإتيان بأصل سنة السواك ما دام يحقق الغاية المقصودة من ذلك الأسنان وتنظيفها وتطييب رائحة الفم، مع التأكيد على تمام سنة السواك باستخدام عود الأراك، ثم ما كان من شجرة الزيتون، ومراعاة غسل العود بعد الاستخدام، واستعماله بطريقة صحية.
تعريف فرشاة الأسنان
فرشاة الأسنان: هي أداةٌ صغيرةٌ مصنوعةٌ من شعيراتٍ تستخدم في تنظيف الأسنان واللثة مما يبقى عليها من بقايا الطعام وغير ذلك.
تعريف الاستياك وحكمه وفضله لأمة النبي صلى الله عليه وسلم
الاستياك لغةً: مصدر استاك. واستاك: نظّف فمه وأسنانه بالسواك، ومثله تسوك. ويقال: ساك فمه بالعود يسوكه سوكًا إذا دلكه به. ولفظ السواك يطلق ويراد به الفعل، ويطلق ويراد به الآلة التي يستاك بها، ويسمى أيضًا المسواك.
وفي الاصطلاح: استعمال عودٍ أو نحوه في الأسنان لتذهب الصُّفرة وغيرها عنها.
وهو سنةٌ من السنن النبوية المطهرة، حافظ عليها النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ورغب فيها؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي -أَوْ عَلَى النَّاسِ- لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ صَلَاةٍ» متفقٌ عليه.
والسواك مرضاةٌ للرب سبحانه وتعالى ومطهرةٌ للفم؛ فأخرج الإمام البخاري في “صحيحه” عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ».
ونص بعض العلماء على أن السواك من الأمور التي خص اللهُ بها أمةَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ فالسواك قبل أمة النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان خاصًّا بالأنبياء دون أممهم، فلم يكن لأمةٍ قبل الأمة الإسلامية.
قال الإمام البيجوري: [وهو من الشرائع القديمة؛ كما يدل له قوله صَلَّى الله عليه وآله وسلم: «هَذَا سِّوَاكِي وسِّوَاك الأَنبياءِ من قَبلِي» أي من عهد إبراهيم عليه السَّلام، لا مطلقًا؛ لأنَّه أول من استاك. ونص بعضهم على أنَّه من خصائص هذه الأمة بالنسبة للأمم السابقة، لا للأنبياء؛ لأنَّه كان للأنبياء السابقين من عهد إبراهيم دون أممهم].
وهو أيضًا من سنن الفطرة؛ لِمَا روى مسلمٌ في “صحيحه” عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ: قَصُّ الشَّارِبِ، وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ، وَالسِّوَاكُ، وَاسْتِنْشَاقُ الْمَاءِ، وَقَصُّ الْأَظْفَارِ، وَغَسْلُ الْبَرَاجِمِ، وَنَتْفُ الْإِبِطِ، وَحَلْقُ الْعَانَةِ، وَانْتِقَاصُ الْمَاءِ».
بيان إجماع العلماء على أفضلية السواك
أفضلية استخدام السواك محل إجماعٌ بين العلماء؛ قال الإمام بدر الدين العيني الحنفي: [وقال أبو عمر: فضل السواك مجمعٌ عليه لا اختلاف فيه، والصلاة عند الجميع به أفضل منها بغيره، حتى قال الأوزاعي: هو شطر الوضوء، ويتأكد طلبه عند إرادة الصلاة وعند الوضوء وقراءة القرآن والاستيقاظ من النوم وعند تغير الفم، ويستحب بين كل ركعتين من صلاة الليل ويوم الجمعة وقبل النوم وبعد الوتر وعند الأكل في السحر].
ونصُّوا على أفضلية الاستياك بعود الأراك وشجرة الزيتون؛ قال الإمام العيني: [المستحب أن يستاك بعودٍ مِن أراك، وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «نِعْمَ السواك الزيتونُ؛ مِن شجرةٍ مباركةٍ، يطيب الفم ويذهب بالخفر، وهو سِوَاكِي وسِوَاكُ الأنبياء قبلي»].
وصرَّح غير واحدٍ منهم بحصول أصل سنة السواك بكلِّ آلةٍ وأداةٍ يتم بها تنظيف الأسنان إذا تحقَّق بها المقصود ونوى التسنُّن بذلك، وسواء تم ذلك بعود الأراك أو الزيتون أو النخيل أو غيره؛ كفرشاة الأسنان، ما دامت يتحقق بها المقصود من السواك وهو دَلْك الأسنان وتنظيفها.
وقال بعض الفقهاء: [الأفضل أن يكون السواك بعود لين، والأفضل أن يكون من أراك، ويكفي الأُصبُعُ أو الخرقة عند عدمه].
وقال آخرون: [ويستحب أن يستاك بعودٍ من أراكٍ، وبأيِّ شيءٍ استاكَ مما يُزِيلُ التَّغَيُّرَ حَصَلَ السواك؛ كالخرقة الخشنة].
وقال غيرهم: [ويحصل بكل خشنٍ ولو نحو سعدٍ وأُشنان؛ لحصول المقصود من النظافة بهما. نعم، يكره بمبردٍ وعودِ ريحانٍ يؤذي، ويحرم بِذِي سمٍّ ومع ذلك يحصل به أصل سنة السواك؛ لأن الكراهة والحرمة لأمرٍ خارج].
وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي: [ويستحب أن يكون السواك عودًا لينًا ينقي الفم ولا يجرحه ولا يضره ولا يتفتت فيه؛ كالأراك والعرجون… وإن استاك بأصبعه أو خرقة؛ فقد قيل: لا يصيب السنة؛ لأن الشرع لم يَرِدْ به، ولا يحصل الإنقاء به حُصُولَهُ بالعود، والصحيح أنه يصيب بقدر ما يحصل من الإنقاء، ولا يترك القليل من السُّنَّةِ للعجز عن كثيرها].
العلة من تحصل سنة السواك بفرشاة الأسنان
على ذلك: فتحصل سنة السواك بفرشاة الأسنان؛ وذلك لأمور عدةٍ؛ منها:
أولًا: أن السواك في اللغة يُطلَق ويراد به الفعل وهو عملية دَلْكِ الأسنان وتنظيفها، وأيضًا يُطلَق ويراد به الآلة التي يقوم بها هذا الفعلُ كما سبق البيان.
ثانيًا: الآلة المستخدمة في السواك الواردة في السنة متعددةٌ؛ فهناك رواياتٌ واردةٌ في الأراك، ورواياتٌ واردةٌ في شجرة الزيتون، وأخرى واردةٌ في النخيل، واختلاف الروايات يدل على الجواز في استخدام الأراك وغيره مما يؤدي عمله.
ثالثًا: نص الفقهاء على سنية السواك ولم يقصروا الآلة المستخدمة في عودٍ بعينه؛ كالأراك أو غيره، بل إنهم نصوا على أن السواك يحصل بالأراك وبغيره مما يحقق المقصود.



