عقوبات واشنطن على عمالقة النفط الروسية تهدد استقرار قطاع الطاقة في الصين
تشهد صناعة النفط الصينية اضطرابًا متزايدًا جراء العقوبات الأميركية التي فرضتها إدارة الرئيس دونالد ترامب على شركتي "روسنفت" و"لوك أويل" الروسيتين، حيث تواجه المصافي الحكومية والخاصة ضغوطًا متصاعدة لضمان استمرار الإمدادات مع تفادي الوقوع تحت طائلة العقوبات.
واردات الصين من النفط الروسي
ويُشكل النفط الروسي نحو 20% من واردات الصين من الخام، أي ما يعادل حوالي مليوني برميل يوميًا خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2025، ما يجعل روسيا أحد أكبر موردي النفط للصين التي تعتمد عليه لتكرير منتجات مثل الديزل والبنزين واللدائن.
وجاء إدراج الشركتين الروسيتين على القائمة السوداء ضمن سلسلة من الإجراءات التي تتخذها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، والتي تستهدف مشتري النفط الروسي والدعم المالي لموسكو في حربها على أوكرانيا. وأعلنت واشنطن أن جميع التعاملات مع "روسنفت" و"لوك أويل" يجب أن تنتهي بحلول 21 نوفمبر المقبل.
تأثير القرار على دول أخرى
ويُثير هذا القرار مخاوف كبيرة لدى الصين والهند، أكبر مستهلكي النفط الروسي، حيث قد تؤدي استمرار التعامل مع الكيانات الخاضعة للعقوبات إلى تعرض شركاتهما لعقوبات ثانوية قد تشمل فقدان الوصول إلى الأنظمة المصرفية الغربية والدولار الأميركي، بالإضافة إلى استبعادها من شبكات الشحن والتأمين الغربية التي تعد أساسًا لأسواق السلع العالمية.
ويشدد المتعاملون في الأسواق على أن الدور الحيوي الذي تلعبه الشركات الغربية كمستثمرين ومشغلين في مناطق إنتاج النفط، مثل الشرق الأوسط وأفريقيا، يزيد من تعقيد الوضع، إذ يواجه المشترون الصينيون والهنديون خيارات صعبة بين المخاطرة بالعقوبات أو فقدان إمدادات النفط الرخيصة.
وتفاقم المخاوف خطوة المملكة المتحدة الأخيرة بإدراج شركتي "روسنفت" و"لوك أويل" إضافة إلى شركة "شاندونغ يولونغ بتروكيميكال" الصينية، بسبب وارداتها من النفط الروسي، مما دفع الشركات الغربية إلى الحذر في توريد الإمدادات لمصافي النفط الخاصة في الصين.
كما استهدفت العقوبات الأميركية مؤخرًا موانئ صينية رئيسية مثل "ريتشاو" و"دونغجياكو"، وهما من الممرات الحيوية لشحن النفط الروسي والإيراني، ما يزيد من التحديات اللوجستية أمام استيراد الخام الروسي.
وتعد العقود طويلة الأمد بين "روسنفت" وشركة "تشاينا ناشونال بتروليوم كورب" (CNPC) المملوكة للدولة، المحور الأساسي للتجارة النفطية بين روسيا والصين، حيث يتم توريد نفط خام من نوع "إسبو" عبر خطوط أنابيب إلى المصافي في منطقة داتشينغ شمال الصين، والتي تعتمد بشكل كبير على الخام الروسي.
مع ذلك، لا تزال هناك حالة من الغموض حول تأثير العقوبات على الإمدادات عبر خطوط الأنابيب التي تقدر بنحو 800 ألف برميل يوميًا، بسبب الطابع الحكومي المباشر للمشروع.
وتمثل شركتا "روسنفت" و"لوك أويل" معًا نحو ربع صادرات النفط الروسية إلى الصين، حيث تصدران خام "إسبو" من ميناء كوزمينو شرق روسيا إلى المصافي الخاصة في إقليم شاندونغ وعلى السواحل الصينية، مما يجعل أي اضطراب في علاقتهما مع الصين مهددًا لاستقرار إمدادات الطاقة في البلاد.
في ظل هذه التطورات، يبقى قطاع الطاقة الصيني في موقف حرج بين الالتزام بالعقوبات الدولية والمحافظة على أمن إمداداته النفطية الحيوية.