كارت فيزا في الضريح.. عضو بالشؤون الإسلامية يرد على المتربصين بمولد البدوي

حالة من السخرية والجدال حول وضع الأموال داخل مقامات وأضرحة آل البيت والصالحين، كانت سبيلًا للمتربصين للهجوم على احتفال السيد البدوي بطنطا الذي اختتم الجمعة الماضية، فما هي حكاية «كارت فيزا في الضريح» التي أثارت الضجة حول موالد الصوفية وهل الأموال توضح من أجل الميت لينتفع بها أم تصرف في مصارف شرعية للأحياء؟
كارت فيزا في الضريح
من المشاهد التي أثارت ضجة حولها إلقاءالعملات الورقية والمعدنية وكارت فيزا داخل مقام السيد البدوي بطنطا - وهو مشهد متكرر في مقامات وأضرحة آل البيت والصالحين- فهل تلقى لأجل الميت ولماذا لا تذهب الأموال لصالح إحدى دور الرعاية بهدف مساعدة الفقراء والمساكين وتحسين أوضاعهم بدلًا من ذهابها للأموات.

وقال عبدالغني هندي إن الحديث عن أموال صناديق النذور داخل المساجد الكبرى لآل البيت والصالحين مسألة تكشف عن جهلٍ بطبيعتها خاصة وأن لها قانون ينظمها، كما أن لها صندوق بوزارة الأوقاف ولها لجان مختصة، وتنفق في مصارف شرعية منها التعليم والصحة والتصوف أيضا دعم الفقراء والمحتاجين وفي إطار رقابي.
طلب المدد من الأنبياء والأولياء والصالحين الأموات
الأصل في الأفعال التي تصدر من المسلم أن تُحمَل على الأوجه التي لا تتعارض مع أصل التوحيد، ولا يجوز المبادرة برميه بالكفر أو الشرك؛ فإن إسلامه قرينة قوية توجب عدم حمل أفعاله على ما يقتضي الكفر، وتلك قاعدة عامة ينبغي على المسلمين تطبيقها في كل الأفعال التي تصدر من إخوانهم المسلمين.
فأما الاستغاثة وطلب المدد من الأنبياء والأولياء والصالحين الأموات أو الغائبين فجائزٌ شرعًا، وهو قول العلماء سلفًا وخلفًا، والأدلة على جواز ذلك من الكتاب والسنة والمعقول، وجواز ذلك محمول على السببية لا على التأثير والخلق، والقول بأن ذلك شرك هو أعظم بدعة ظهرت في الأمة الإسلامية في الأعصر المتأخرة وهي من جنس بدع الخوارج التي يتوصل بها أصحابها إلى تكفير المسلمين والطعن في عقائدهم.
شد الرحال للمساجد والأضرحة
وأما زيارة القبور وشد الرحال فإن العلماء متفقون على أن زيارة القبور مستحبةٌ للرجال، ومستحبةٌ كذلك للنساء عند الحنفية؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنِّي كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا فَإِنَّهَا تُذَكِّرُكُمُ الآخِرَةَ» رواه مسلمٌ وأحمد واللفظ له.
وإذا كانت زيارةُ القبور مشروعةً فإن شدَّ الرحال من أجلها مستحبٌّ أيضًا، خصوصًا إذا كان الأمر متعلقًا بالأنبياء والصالحين؛ لاتفاق علماء الأصول على أن الوسائل لها حكم المقاصد، فكان القولُ بتحريمه باطلًا لا يُعوَّل عليه.
أما عن الحلف: فإن العلماء متفقون كذلك على أن الحالف بغير الله لا يكون كافرًا حتى يُعَظِّم ما يحلف به من دون الله تعالى، فالكُفْرُ حينئذٍ من جهة هذا التعظيم لا من جهة الحلف نفسه.
والحلف بما هو مُعَظَّم في الشرع؛ كالنبي صلى الله عليه وآله وسلم والإسلام والكعبة لا حرج فيه؛ لأنه لا وجه فيه للمضاهاة، بل هو تعظيمٌ لما عظَّمه الله، وظاهر عموم النهي عن الحلف بغير الله غير مراد قطعًا؛ لإجماع الفقهاء على جواز الحلف بصفاته سبحانه، فهو عموم أريد به الخصوص.
هذا عن الحلف، أما الترجي أو تأكيد الكلام بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم أو بغيره مما لا يُقْصَد به حقيقةُ الحلف فغير داخل في النهي أصلًا، بل هو أمر جائزٌ لا حرج فيه؛ لوروده في كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكلام الصحابة وجريان عادة الناس عليه بما لا يخـالف الشـرع الشـريف، وليس حرامًا ولا شركًا كما يُقال، ولا ينبغي لأحد مهما كان أن يتقول على الله بغير علم، ولا يجوز له أن يتهم إخوانه بالكفر والشـرك فيدخـل بذلك في وعيد قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا كَفَّرَ الرَّجُلُ أَخَاهُ فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا» رواه مسلم.