مع بداية العام الدراسي، تزداد الضغوط على كثير من الأسر المصرية بسبب أعباء المعيشة ومتابعة الأبناء في المذاكرة. وفي ظل هذه الضغوط، قد يلجأ بعض الآباء أو الأمهات إلى استخدام العنف أو الضرب باعتباره وسيلة لتأديب الأطفال.
لكن الحقيقة أن الضرب ليس وسيلة للتربية، بل هو فعل مرفوض قانونًا ومؤذٍ نفسيًا وجسديًا.
القانون المصري لا يعترف بشيء اسمه «حق التأديب بالضرب».
فالمادة (٢٤٢) من قانون العقوبات تنص على أن من يعتدي بالضرب أو الجرح على شخص آخر، حتى لو كانت الإصابة بسيطة، يُعاقب بالحبس لمدة تصل إلى سنة أو بالغرامة.
وإذا تسبب الضرب في عاهة مستديمة، تُشدد العقوبة لتصل إلى السجن من ثلاث إلى خمس سنوات، وفقًا للمادة (٢٤٠).
أما إذا أدى الضرب إلى وفاة الطفل، حتى وإن لم يكن القصد القتل، فإن القانون يعتبر ذلك قتلًا خطأ يعاقب عليه بالحبس لسنوات طويلة، طبقًا للمادة (٢٣٦) من القانون.
كما يؤكد قانون الطفل رقم ١٢ لسنة ١٩٩٦ وتعديلاته أن للطفل الحق في الحماية من كل أشكال العنف أو الإيذاء أو الإهمال، حتى لو كان من والديه.
وتنص المادة (٩٦) على أن أي طفل يتعرض لعنف بدني أو نفسي من أي شخص، من حقه أن يتلقى الحماية، وللمجلس القومي للطفولة والأمومة والنيابة العامة سلطة التدخل والتحقيق.
بالتالي، لا يبيح القانون المصري للوالدين ضرب أبنائهما، وأي أذى بدني أو نفسي يُعد جريمة يُحاسب عليها الفاعل.
التأثير النفسي للعنف على الأطفال
من الناحية النفسية، يترك العنف آثارًا عميقة في نفس الطفل.
الطفل الذي يتعرض للضرب يعيش في خوف دائم، ويفقد ثقته بنفسه وبالآخرين.
وقد يصاب بـ الاكتئاب ويشعر بأنه غير محبوب أو دائم الخطأ، ومع مرور الوقت يصبح أكثر انعزالًا أو انطواءً.
وهناك أطفال آخرون يتأثرون بالعنف بطريقة مختلفة، فيتعلمون أن القوة والعنف هما وسيلة التعامل مع الآخرين، فيتحولون إلى أشخاص عدوانيين يكررون ما عاشوه في طفولتهم.
العنف لا يؤثر نفسيًا فقط، بل ينعكس أيضًا على الصحة الجسدية.
فقد يعاني الطفل من اضطرابات في النوم، أو فقدان للشهية، أو آلام متكررة في المعدة والرأس دون سبب عضوي واضح.
وفي الحالات الشديدة، قد يصاب الطفل باضطراب نفسي يسمى «اضطراب ما بعد الصدمة»، فيعيش في حالة من الخوف المستمر أو الكوابيس أو نوبات الفزع.
مسؤولية الأسرة والمجتمع
حماية الطفل مسؤولية الجميع.
فالتربية لا تكون بالخوف، بل بالمحبة والاحترام والحوار.
الطفل الذي ينشأ في بيئة يسودها التفاهم والحنان يصبح أكثر التزامًا وثقة في نفسه، بينما الطفل الذي يعيش تحت التهديد والعقاب يكبر وهو يحمل خوفًا وغضبًا داخليًا.
وفي حال تعرض أي طفل للعنف، يمكن الاتصال بـ الخط الساخن للمجلس القومي للطفولة والأمومة: 16000، أو تقديم بلاغ رسمي في قسم الشرطة مع تقرير طبي يوضح الإصابات.
وللنيابة العامة سلطة التحقيق ومحاسبة المسؤولين عن أي اعتداء.
في النهاية، يجب أن ندرك جميعًا أن العنف ليس تربية، بل جريمة تُرتكب في حق طفل لا يملك أن يدافع عن نفسه.
الطفل الذي ينشأ في بيت يسوده الحب والاحترام هو الذي يستطيع أن يواجه الحياة بثقة ويشارك في بناء مستقبل أفضل لوطنه.