عاجل

ما أسباب عزوف الإيطاليين عن الإنجاب؟ وما هي السياسات التحفيزية؟

أم إيطالية- أرشيفية
أم إيطالية- أرشيفية

تشير بيانات المكتب الوطني في إيطاليا للإحصاء إلى أن إيطاليا تواجه تراجعًا مستمرًا في عدد المواليد، حيث من المتوقع أن يسجل العام الجاري أدنى مستوى في تاريخ البلاد، مما يعمق الأزمة الديموغرافية التي تعصف بها، وفق ما نقلته وكالة رويترز.

ففي العام الماضي 2024، لم يتجاوز عدد الأطفال المولودين 370 ألفًا، وهو أدنى رقم يسجل منذ توحيد إيطاليا عام 1861، مع استمرار هذا الانخفاض لمدة ستة عشر عامًا على التوالي. 

ولم تتوقف هذه الظاهرة عند هذا الحد، حيث كشفت الإحصاءات أن الأشهر السبعة الأولى من عام 2025 شهدت ولادة حوالي 198 ألف طفل، بانخفاض نسبته 6.3% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024.

الأسرة الإيطالية
الأسرة الإيطالية

أسباب العزوف عن الإنجاب في إيطاليا

يرتبط هذا التراجع في المواليد بأزمة أعمق تشمل شيخوخة متسارعة للسكان وهجرة الشباب، حيث إن في عام 2023، هاجر نحو 21 ألف شاب إيطالي تتراوح أعمارهم بين 25 و34 عامًا إلى الخارج، بزيادة قدرها 21% عن العام السابق، وهو رقم قياسي جديد في أعداد المغادرين. 

ويشكل هؤلاء المهاجرون، الذين يضم أكثر من نصفهم خريجين جامعيين، خسارة كبيرة للبلاد على صعيد هجرة الأدمغة، الأمر الذي يضعف الجهود الوطنية لتنشيط الاقتصاد.

ويرى الكثير من الشباب أن فرص العمل في إيطاليا محدودة، كما تعاني بيئة العمل من نقص في الحيوية والديناميكية مقارنة بدول أوروبية أخرى مثل ألمانيا والمملكة المتحدة وسويسرا وإسبانيا، حيث يتجه معظم الخريجين الإيطاليين للبحث عن مستقبل أفضل، فيما أظهرت الإحصائيات أن أكثر من مليون إيطالي غادروا البلاد خلال العقد الماضي، من بينهم مئات الآلاف من الشباب الجامعيين.

رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني
رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني

السياسات التحفيزية

رغم أن رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني تسعى لتعزيز الاقتصاد الوطني الذي حقق نموًا ضعيفًا نسبته 0.7% فقط في العام الماضي، إلا أن تدفق الشباب إلى الخارج يعوق هذه الخطة. 

بالإضافة إلى ذلك، فإن معدل التحاق الشباب بالجامعات في إيطاليا لا يتجاوز 21.6%، أي أقل من نصف المعدل في دول أوروبية مثل إسبانيا وفرنسا.

أما سوق العمل فقد شهد زيادة في معدل التوظيف بنسبة 1.5% العام الماضي، إلا أن الوظائف الجديدة كانت في الغالب للموظفين الأكبر سنًا، بينما يبقى الشباب مهمشين، وهذا يتزامن مع ارتفاع نسبة الفقر أو التهميش الاجتماعي التي تهدد نحو ربع السكان، مع تركيز هذه الظاهرة في المناطق الجنوبية الفقيرة.

ويتمثل الجانب الآخر للأزمة في تأجيل الإيطاليين لإنجاب الأطفال، وهو ما ينعكس في انخفاض معدلات الخصوبة التي لا تتجاوز 1.14 طفلًا لكل زوجين إيطاليين، فيما تسهم الهجرة فقط بنحو 13.5% من المواليد الجدد، لكن حتى الأسر المهاجرة بدأت تنجب عددًا أقل من الأطفال، ويلجأ الكثير من الأزواج لتأخير الإنجاب بسبب صعوبة تأمين عمل مستقر وسكن مناسب.

خبراء: تكلفة تربية الطفل جعلت الكثير من الأسر تتردد في الإنجاب

يرى الخبراء أن تكلفة تربية الطفل من الولادة حتى سن 18 تبلغ حوالي 178 ألف يورو، مما يجعل الكثير من الأسر تتردد في الإنجاب، ومع ارتفاع هذه التكاليف، يواجه المجتمع الإيطالي تحديًا مزدوجًا من انخفاض المواليد وهجرة الشباب.

فيما تشير التوقعات إلى أن محاولة رفع معدلات الإنجاب إلى متوسط طفلين ستستغرق أجيالاً عدة، بينما يستمر السكان في التقدم في السن، مع وجود أكثر من مليون شخص تتجاوز أعمارهم 90 عامًا، وارتفاع عدد البالغين المائة عام فما فوق إلى أكثر من 22 ألفًا.

وفي ظل هذه المعطيات، يقترح البعض توجيه الجهود نحو تعزيز مشاركة كبار السن في الاقتصاد من خلال دعم إنشاء شركات ناشئة ومشاريع جديدة، ما قد يعوض جزءًا من الخسائر الاقتصادية الناجمة عن نقص القوى الشابة.

تم نسخ الرابط