هل يمثل انسحاب ترامب من اتفاق باريس ضربة لجهود مكافحة التغير المناخي؟

في خطوة متوقعة، قرر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إعادة سحب الولايات المتحدة من اتفاق باريس للمناخ، وهو القرار الذي يعكس تحولًا كبيرًا في السياسة المناخية الأمريكية.
يأتي هذا الانسحاب بعد فترة قصيرة من الانسحاب السابق في ولاية ترامب الأولى قبل أن يعود جو بايدن إلى الاتفاق خلال ولايته.
ومن المتوقع أن يدخل هذا القرار حيز التنفيذ بعد عام من الآن.
وأمام حشد من الآلاف، أعلن ترامب عن انسحاب بلاده من اتفاق باريس للمناخ، واصفا الاتفاق بأنه "احتيال غير عادل ومنحاز"، مؤكداً أن الولايات المتحدة لن تضحي بصناعاتها في حين أن الصين "تواصل التلوث بلا رادع".
وقد وقع ترامب مرسومًا رئاسيًا ورسالة إلى الأمم المتحدة بذلك، في أول يوم من عودته إلى السلطة، معلنًا بذلك اتخاذ خطوة رجعية في مكافحة التغير المناخي، مما يهدد الجهود العالمية الرامية إلى الحد من هذه الظاهرة، وفقا لما أفادت به صحيفة "لو فيغارو" الفرنسية.
اتفاق باريس وتداعياته
تم توقيع اتفاق باريس للمناخ في عام 2015 برعاية الأمم المتحدة، وهو يهدف إلى الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري من خلال تقليص الانبعاثات الغازية المسببة لذلك.
ويعتبر الاتفاق إطارًا عالميًا يضم الغالبية العظمى من الدول، ويهدف إلى الحد من ارتفاع درجات الحرارة العالمية إلى أقل من درجتين مئويتين مقارنة بمستويات ما قبل الثورة الصناعية.
ردود الأفعال
وفي أعقاب الإعلان عن الانسحاب، وُجهت انتقادات حادة لهذه الخطوة، حيث تم اعتبار الانسحاب "تصرفًا غير مفهوم ومؤذيًا لمستقبل كوكب الأرض".
ودعا البعض الولايات المتحدة- التي تعد أكبر قوة اقتصادية وثاني أكبر ملوث تاريخي بعد الصين- أن تتحمل مسؤولية أخلاقية عميقة للتحرك "بشجاعة" لتجنب أسوأ آثار الأزمة المناخية.
كما أعلن ترامب عن عدد من الإجراءات التي تهدف إلى تدمير العديد من السياسات البيئية التي طبقها سلفه جو بايدن، شملت إلغاء التزامات الولايات المتحدة المالية في مجال المناخ، ووقف الدعم لشراء السيارات الكهربائية، وفرض حالة "الطوارئ الطاقة" لتعزيز إنتاج النفط والغاز، في محاولة لزيادة الإنتاج الأمريكي في هذا القطاع، بما في ذلك رفع الحظر على الحفر في بعض المناطق المحمية في ولاية ألاسكا.
التداعيات الاقتصادية والبيئية
ومن المتوقع أن يبطئ هذا القرار من مسار تقليص الانبعاثات في أمريكا بشكل كبير، مما قد يؤثر سلبًا على تقدم الدول الأخرى في خفض انبعاثاتها، مثل الصين والهند.
وبالرغم من استبعاد نهج أيا من الدول الأخرى لخطي واشنطن في الانسحاب، إلا أن الحكومة الأرجنتينية أعربت مؤخرًا عن نية "إعادة تقييم" موقفها بشأن الاتفاق.
من جهة أخرى، أشار سيمون ستيل، المسؤول عن المناخ في الأمم المتحدة، إلى أن هذا الانسحاب "مؤسف"، لكنه لا يعني نهاية العمل متعدد الأطراف في هذا المجال، موضحًا أن الوضع اليوم يختلف عن عام 2017، وأن هناك زخماً اقتصادياً هائلًا يدفع نحو التحول إلى الطاقة المتجددة، التي تعتبر "الفرصة الاقتصادية الأهم" لهذا العقد، مشيرا إلى أن القطاع ينمو بشكل مستمر، وأن تجاهله يعني منح ميزة اقتصادية للاقتصادات المنافسة، مثل الصين والاتحاد الأوروبي.