ما معنى «قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي»؟.. تفسيرها وعلاقتها بالحج والعمرة

ما معنى «قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي»؟، سؤال بينه الدكتور جمال الأكشة عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر، حيث قَالَ اللهُ تَعَالَى:{قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[الأنعام: آية ١٦٢].
ما معنى «قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي»؟
قوله تعالى {قل إن صلاتی و نسکی ومحیای ومماتى الله رب العالمين} يأمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يخبر المشركين الذين يعبدون غير الله، ويذبحون لغير اسمه ، أنه مخالف لهم فى ذلك ، فإن صلاته الله ونسكه على اسمه وحده لاشريك له ، وهذا كقوله تعالى {فصل لربك وانحر} أى أخلص له صلاتك وذبحك ، فإن المشركين كانوا يعبدون الأصنام ويذبحون لها ، فأمره الله تعالى بمخالفتهم والانحراف عما هم فيه ، والإقبال بالقصد والنية ، والعزم على الإخلاص لله تعالى.
قال مجاهد في قوله{إن صلاتي ونسكي}: النسك: الذبح في الحج والعمرة.
وقال الحسن: نسكي ديني.
وقال الزجاج: عبادتي ، ومنه الناسك الذي يتقرب إلى الله بالعبادة.
وقال قوم :النسك في هذه الآية جميع أعمال الطاعات.
{ومحياي} أي ما أعمله في حياتي.
{ومماتي}أي ما أوصي به بعد وفاتي.
{لله رب العالمين}أي أفرده بالتقرب بها إليه.
وقيل: أي ذلك كله لله خالصاً له دون ما أشركتم به.
وقيل:{محياي ومماتي}أي حياتي وموتي له سبحانه.
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي(٢٥٨٨/٤) وما بعدها، تفسير القرآن العظيم(٢٠٢/٢) وما بعدها، صفوة التفاسير للصابوني (٤٣١/٨).
وقد روي عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - عن رَسولِ اللهِ ﷺ ، أنَّهُ كانَ إذا قامَ إلى الصَّلاةِ ، قالَ:" «أي: قصدت بعبادتي» وَجَّهْتُ وَجْهي لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَواتِ والأرْضَ «الحنيف: المخلص في عبادته ، المائل عن الأديان كلها إلى الإسلام» حَنِيفًا، وَما أَنا مِنَ المُشْرِكِينَ، إنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي، وَمَحْيايَ وَمَماتي لِلَّهِ رَبِّ العالَمِينَ ، لا شَرِيكَ له ، وَبِذلكَ أُمِرْتُ وَأَنا مِنَ المُسْلِمِينَ ، اللَّهُمَّ أَنْتَ المَلِكُ لا إلَهَ إلّا أَنْتَ، أَنْتَ رَبِّي وَأَنا عَبْدُكَ ، ظَلَمْتُ نَفْسِي، واعْتَرَفْتُ بذَنْبِي، فاغْفِرْ لي ذُنُوبِي جَمِيعًا ، إنَّه لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلّا أَنْتَ، واهْدِنِي لأَحْسَنِ الأخْلاقِ، لا «أي: ترشدوه إلى الطريق» يَهْدِي لأَحْسَنِها إلّا أَنْتَ، واصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَها، لا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَها إلّا أَنْتَ، «معناه: أنا مقيم على طاعتك إقامة بعد إقامة، يقال: لب بالمكان لبا وألب إلبابا ؛ أي: أقام به» لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، والْخَيْرُ كُلُّهُ في يَدَيْكَ ، والشَّرُّ ليسَ إلَيْكَ ، أَنا بكَ وإلَيْكَ، «أي: تكاثر خيرك في الدارين ، وقيل: استحققت الثناء ، وقيل: ثبت الخير عندك. وصفة "تبارك» مختصة به تعالى كما أطلقها على نفسه. وقيل: تباركت ، أي: تعاليت وتعاظمت" تَبارَكْتَ وَتَعالَيْتَ ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إلَيْكَ.
وإذا رَكَعَ قالَ: اللَّهُمَّ لكَ رَكَعْتُ، «أي: وبك صدقت» وَبِكَ آمَنْتُ ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ ، «الخشوع: الخضوع والذل» خَشَعَ لكَ سَمْعِي وَبَصَرِي، وَمُخِّي، وَعَظْمِي «العصب: طنب المفاصل ، وهو ألطف من العظم» وَعَصَبِي .
وإذا رَفَعَ قالَ: اللَّهُمَّ رَبَّنا لكَ الحَمْدُ مِلْءَ السَّمَواتِ وَمِلْءَ الأرْضِ ، وَمِلْءَ ما بيْنَهُما وَمِلْءَ ما شِئْتَ مِن شَيءٍ بَعْدُ.
وإذا سَجَدَ قالَ: اللَّهُمَّ لكَ سَجَدْتُ، «أي: وبك صدقت» وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ، «أي: خضع وذل وانقاد» سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ، وَصَوَّرَهُ، وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ، تَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الخالِقِينَ.
ثُمَّ يَكونُ مِن آخِرِ ما يقولُ بيْنَ التَّشَهُّدِ والتَّسْلِيمِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي ما قَدَّمْتُ وَما أَخَّرْتُ، وَما أَسْرَرْتُ وَما أَعْلَنْتُ، وَما أَسْرَفْتُ، وَما أَنْتَ أَعْلَمُ به مِنِّي، أَنْتَ المُقَدِّمُ وَأَنْتَ «التقديم والتأخير صفتان من صفات الأفعال التابعة لمشيئته تعالى وحكمته، وهما أيضاً صفتان للذات؛ إذ قيامهما بالذات لا بغيرها، و»المقدم" و«المؤخر» اسمان لله تعالى، والمؤخر: الذي يؤخرها إلى أماكنها ، فمن استحق من الأشياء التقديم قدمه ، ومن استحق من الأشياء التأخير أخره" المُؤَخِّرُ، لا إلَهَ إلّا أَنْتَ".