عاجل

مشهد إنساني من جزيرة العوامية يعكس أصدق معاني الوحدة الوطنية

قصة فرح العم«أبو مينا» الذي بَدْء بتلاوة القرآن الكريم بالأقصر

ابو مينا والد العريس
ابو مينا والد العريس

في قلب مدينة الأقصر، وتحديدًا في جزيرة العوامية المطلة على النيل، عاش الأهالي واحدة من أجمل ليالي المحبة والتآخي الإنساني، حين قرر المواطن القبطي صدقي النوبي، المعروف بـ"أبو مينا"، أن يجعل من زفاف نجله الأكبر "مينا" رسالة حب وسلام تتجاوز الفرح لتصل إلى ضمير كل مصري.

 فرح العم أبو مينا 

ففي الوقت الذي يتباعد فيه الناس لأسباب صغيرة، اختار "أبو مينا" أن يقيم فرحًا مختلفًا، يجمع بين تلاوة القرآن الكريم وسورة مريم، وبين الولائم المصرية الأصيلة بطابعها الشعبي، حيث امتزج صوت المقرئ المسلم مع زغاريد النساء، ليصنع مشهدًا خالدًا للوحدة الوطنية.

فرحة على الطريقة المصرية.. عجل بلدي وكمونية وقلوب عامرة بالمحبة

لم تكن ليلة زفاف "مينا" مجرد احتفال عائلي، بل مهرجان محبة إنسانية بكل المقاييس.
"أبو مينا" البالغ من العمر 57 عامًا، ويعمل مدير حسابات، عاش بين أهالي جزيرة العوامية أكثر من أربعة عقود حتى أصبح واحدًا منهم، يعرفه الجميع بابتسامته وكرمه وبساطته.

قرر أن تكون الفرحة مميزة، فذبح عجلًا بلديًا وأقام وليمة كمونية ضخمة شارك في إعدادها كبار الطهاة، ودعا إليها جميع جيرانه المسلمين.
وقال مبتسمًا:

"فرحتنا مش في زفة العريس بس.. فرحتنا في لمتنا مع بعض".

سورة "مريم" تزين الليلة.. ومقرئ مسلم يفتتح الفرح بآيات الرحمة

في بادرة فريدة تجسد روح التسامح الديني، دعا "أبو مينا" أحد جيرانه المقرئين ليتلو سورة "مريم" في بداية الحفل، لتعلو كلمات القرآن في أرجاء المكان، ممتزجة بزغاريد الفرح ودقات الطبول.
وبين دموع الفرح والدهشة، شعر الجميع أن الديانات تتلاقى في رحمة الله، وأن ما يجمع المصريين هو حبهم للحياة والإنسان قبل أي شيء آخر.

أبٌ لخمسة من ذوي الهمم

لم يتوقف العطاء عند حدود الفرح، فـ"أبو مينا" معروف بين سكان العوامية بأنه الأب الروحي لخمسة من جيرانه الصم والبكم من الأسر المسلمة، يرعاهم ويوفر احتياجاتهم اليومية، ويشاركهم أفراحهم وأحزانهم دون تمييز.
يقول عنه جيرانه إنه رجل يرى في المحبة رسالة، وفي الخير عبادة، مؤمنًا بأن الإنسانية لا تُقاس بالعقيدة بل بالفعل.

من الأقصر إلى مصر.. رسالة حب وسلام

تحولت ليلة الفرح إلى رسالة إنسانية من الأقصر إلى كل ربوع مصر.
فقد جسّد "أبو مينا" وأهالي العوامية أسمى معاني الأخوّة والوحدة، وأثبتوا أن التعايش ليس شعارًا يُرفع، بل واقعًا يُعاش يوميًا.

واختتم “أبو مينا” حديثه قائلاً:

"أنا بحب جيراني وجيراني بيحبوني.. الدين للديان والوطن للإنسان، والبصمة اللي بتقعد هي بصمة الخير."

وهكذا، خرجت من جزيرة العوامية رسالة صافية كالنيل تقول للعالم:
يحيا الهلال مع الصليب.. ويحيا الإنسان في وطن يحتضن الجميع.

تم نسخ الرابط