إلى أين يتجه اتفاق وقف حرب غزة بعد اشتباكات رفح ؟

قال الدكتور جهاد أبو لحية أستاذ القانون والنظم السياسية الفلسطيني، إن اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة يواجه واحدة من أخطر لحظات الاختبار منذ سريانه.
وأكد الدكتور جهاد أبو لحية في تصريح خاص لموقع نيوز رووم، أن منذ الساعات الأولى لدخول الاتفاق حيز التنفيذ، سجلت خروقات واسعة من جانب الاحتلال الإسرائيلي، تمثلت في استمرار القصف لمناطق متفرقة من القطاع وسقوط عشرات الضحايا من المدنيين.

د. جهاد أبو لحية: إسرائيل تتعامل مع الاتفاق باعتباره أداة تكتيكية
وأضاف أبو لحية أنه وفقًا لبيانات المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، فإن عدد القتلى جراء هذه الخروقات تجاوز الثمانية والثلاثين، فيما بلغ عدد المصابين نحو مئة وخمسين شخصًا، وهو ما وثقته صحيفة الجارديان التي تحدثت عن 47 خرقًا إسرائيليًا خلال الأيام الأولى من الهدنة، ما تعكس بوضوح أن إسرائيل تتعامل مع الاتفاق باعتباره أداة تكتيكية لإعادة التموضع العسكري أكثر من كونه التزامًا إنسانيًا أو سياسيًا.
وتابع أن البنود الجوهرية في الاتفاق لم تُنفذ بالشكل المطلوب، وعلى رأسها فتح معبر رفح الحدودي لدخول المساعدات الإنسانية وخروج الجرحى وعودة الفلسطينيين من الخارج عبر المعبر، إلى جانب تقليص عدد الشاحنات المسموح بدخولها وتقنين الوقود والإمدادات الطبية، مؤكدًا أن الاحتلال يواصل استخدام الورقة الإنسانية كأداة ضغط ميداني وسياسي، في تناقض واضح مع روح الاتفاق ومع وعود الوسطاء الدوليين.
تأثير اشتباكات رفح على اتفاق غزة
أوضح أبو لحية أن ما جرى في رفح خلال الساعات الماضية، زاد من حالة الغموض والتوتر، حيث تنفي حركة حماس أي علاقة لها بهذه الأحداث، مؤكدة الحركة أن ما جرى وقع في مناطق تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة، وهو ما يجعل الاحتلال مسؤولاً عنها قانونياً وأخلاقياً.
وأكد هذا الموقف يعكس رغبة حماس في إبعاد نفسها عن أي مبرر يمكن أن تستخدمه إسرائيل لاستئناف الحرب، بينما يظهر في الوقت نفسه أن تل أبيب تحاول توظيف تلك الحوادث لتبرير تصعيد جديد أو على الأقل لإضعاف الاتفاق القائم، في إطار ما يبدو أنه سعي متعمد نحو “صناعة الذريعة” للعودة إلى العمليات العسكرية الشاملة، وفي ضوء هذه الوقائع، يتضح أن الاحتلال لا يتعامل مع وقف إطلاق النار بوصفه التزامًا مُلزِمًا، بل كمرحلة مؤقتة لإعادة ترتيب صفوفه العسكرية والسياسية.

وأردف الخبير الفلسطيني أن استمرار القصف، ومنع المساعدات، وإغلاق المعابر، كلها مؤشرات على نية واضحة لإبقاء غزة تحت الحصار، مع منع أي تحسن ملموس في الوضع الإنساني يمنح الاتفاق مصداقية أمام الشارع الفلسطيني.
وشدد على أن هذا السلوك، في جوهره، يتنافى مع بنود اتفاق غزة التي رعتها كل من مصر وقطر وتركيا والولايات المتحدة، والتي يفترض أن تكون ضامنة لتنفيذ الاتفاق، مشيًا إلى أن مسؤلية الوسطاء باتت مضاعفة، والمطلوب الآن منهم أن تمارس ضغوطًا مباشرة على الوسيط الأمريكي ، بوصفه الجهة التي تملك النفوذ الأكبر على حكومة الاحتلال الإسرائيلي، من أجل إلزامها بوقف خروقاتها فورًا واحترام التزاماتها الإنسانية والسياسية.
ولفت إلى أن إذا كانت الولايات المتحدة جادة فعلًا في منع عودة الحرب على غزة، فإن عليها أن تثبت ذلك عبر خطوات عملية، أولها الضغط لفتح معبر رفح دون تأخير والسماح بدخول المساعدات الإنسانية بالوتيرة المتفق عليها، مؤكدًا أن أن ما يجري الآن هو اختبار حقيقي لمدى صدقية الاتفاق وقدرته على الصمود أمام الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة.
وتابع أنه إذا استمر الوضع على ما هو عليه من خروقات وقتل مدنيين وعرقلة دخول المساعدات فإن الاتفاق سيتحول تدريجيًا من تهدئة إلى مجرد هدنة هشة مهددة بالانفجار في أي لحظة، وأما إذا تدخل الوسطاء بفاعلية وألزمت إسرائيل بفتح المعابر واحترام البنود، فقد يعاد إحياء الأمل في مسار إنساني وسياسي أكثر استقرارًا