عاجل

النفوذ التركي في سوريا... قوة صاعدة أم مصدر للتوتر؟

تركيا - سوريا - الإيكونوميست
تركيا - سوريا - الإيكونوميست

إن استراتيجية تركيا الطموحة لتعزيز نفوذها في سوريا تتبلور مع سعي البلاد إلى تشكيل مستقبل جارتها التي مزقتها الحرب. 

وفقا لتحليل مجلة الإيكونوميست، البصمة التركية المتزايدة في سوريا قد تشعل التوترات، وخاصة مع الدول العربية وإسرائيل، مما يثير تساؤلات حول توازن القوى في المنطقة.

إصرار تركيا على التأثير على مستقبل سوريا

لطالما حافظت تركيا على اهتمامها الشديد بمستقبل سوريا، وقد تزايد هذا الانخراط مع ديناميكيات الصراع السوري المتغيرة. تستضيف البلاد أكثر من 3 ملايين لاجئ سوري ولديها مصلحة راسخة في ضمان استقرار سوريا بما يكفي لعودتهم المحتملة. 

ومع وجود ارتباط تاريخي عميق الجذور بسوريا، بعد أن حكمت أجزاء منها لمدة 400 عام، تضع تركيا نفسها كلاعب رئيسي في تشكيل مستقبل سوريا.

في قلب استراتيجية تركيا تكمن الرغبة في قمع الحكم الذاتي الكردي في شمال سوريا، وتعزيز الجيش السوري الجديد، واستعادة النفوذ في سوريا. لقد شارك المسؤولون الأتراك، بمن فيهم الرئيس رجب طيب أردوغان ووزير الخارجية هاكان فيدان، بنشاط في الجهود الرامية إلى تشكيل الحكم في سوريا بعد الحرب، حتى أنهم عرضوا المساعدة في صياغة دستور سوري جديد. 

لم تمر جهودهم دون أن يلاحظها أحد؛ فبعد سيطرة المتمردين على دمشق، اغتنمت الشركات والمسؤولون الأتراك الفرص بسرعة، حيث من المقرر أن تستأنف الخطوط الجوية التركية رحلاتها إلى سوريا في يناير 2025.

الوجود العسكري التركي واحتلاله لشمال سوريا

إن الوجود العسكري التركي في شمال سوريا لا يمكن إنكاره. فمنذ شن الهجمات ضد الجماعات الكردية مثل وحدات حماية الشعب، عززت تركيا سيطرتها على أجزاء من سوريا. 

تقوم القوات التركية، إلى جانب الجيش الوطني السوري - وهو تحالف من الجماعات المتمردة السورية المدعومة من تركيا - بمراقبة الجيوب الشمالية. وفي هذه المناطق، نفذت تركيا مجموعة متنوعة من الخدمات، بما في ذلك التعليم والرعاية الصحية والبنية الأساسية.

تبرز مدينة إدلب، على وجه الخصوص، نفوذ تركيا، حيث تهيمن المنتجات والعملة التركية وحتى خطوط الكهرباء على الحياة اليومية.

وعلى الرغم من هذا المعقل القوي، فإن الحكومة السورية الجديدة عازمة على توحيد البلاد تحت حكم واحد، الأمر الذي يثير تساؤلات حول استمرار الوجود التركي في المنطقة. 

في حين لم تظهر تركيا أي علامات على سحب قواتها، فإنها تواجه تحديات من التزام سوريا بإعادة تأكيد السيطرة ومفاوضاتها المحتملة مع الفصائل الكردية، التي تعتبرها تركيا خصماً رئيسياً.

وحتى الآن، لا تزال الحسابات الاستراتيجية التركية تركز على مواجهة الميليشيات الكردية، ولكن التوازن الدقيق بين الدبلوماسية والقوة العسكرية لا يزال يتكشف.

المشهد الإقليمي المتغير: التوترات مع الدول العربية

لم يمر الدور المتزايد لتركيا في سوريا دون أن يلاحظه جيرانها العرب، وخاصة تلك الموجودة في الخليج، والتي لديها تحفظات بشأن النفوذ التركي المتوسع في سوريا، نظراً لدعمها التاريخي للجماعات الإسلامية. 

كانت التوترات بين تركيا وهذه القوى العربية قد ظهرت بالفعل قبل عقد من الزمان، خلال فترة من العلاقات المتوترة. ورغم أن تركيا كانت حذرة في عدم الضغط على الحكومة السورية بشكل مفرط، فإن مشاركتها النشطة في سوريا تثير المخاوف بشأن عودة محتملة للإسلام السياسي وتحولات في ميزان القوى في المنطقة.

رغم أن تركيا تجنبت الصراع المباشر مع العالم العربي بشأن سياستها في سوريا، فإن أفعالها تساهم في إثارة القلق الإقليمي. وتضيف جهود الحكومة التركية لضمان إعادة إعمار سوريا ودعمها للميليشيات المحلية إلى تعقيد الوضع المتقلب بالفعل.

العامل الإسرائيلي: تحد جديد في شرق البحر الأبيض المتوسط

كما تقابل طموحات تركيا في سوريا بالمقاومة من جانب إسرائيل. وتنظر إسرائيل إلى تركيا باعتبارها عقبة كبيرة أمام أهدافها في سوريا، وخاصة فيما يتصل بدعمها لوحدات حماية الشعب، وهي ميليشيا كردية تعتبرها إسرائيل حليفة في المنطقة. 

كانت إسرائيل تنتقد الإجراءات العسكرية التركية وأعربت عن قلقها إزاء نفوذ أنقرة المتزايد في سوريا.

وتشير التقارير الحكومية الإسرائيلية الأخيرة إلى أن النفوذ التركي المتزايد قد يضع البلدين على مسار تصادم محتمل.

تم نسخ الرابط