عاجل

بعد انتهاء الحرب |خبراء يكشفون لـ «نيوز رووم» تكلفة إعادة إعمار قطاع غزة

إعادة إعمار غزة
إعادة إعمار غزة

منذ أن نجحت مصر في تحقيق وقف إطلاق النار في قطاع غزة وتوقيع اتفاقية السلام بين حماس والاحتلال الإسرائيلي ويتسأل الجميع عن خطة إعمار قطاع غزة بعد تدمير القطاع من قبل الاحتلال الإسرائيلي على مدار العامين الماضيين.

خطة مصر لإعادة إعمار غزة

ووضعت خِطَّة متكاملة لإعادة إعمار القطاع، تمتد على مدة 5 سنوات وتركز على الإغاثة الطارئة، وإعادة البناء، والتنمية المستدامة، وأقرت هذه الخطة في القمة العربية الطارئة بالقاهرة في مارس 2025.

وتعتمد الخطة على إنشاء صندوق ائتماني دولي بالتعاون مع السلطة الفلسطينية والأمم المتحدة لضمان الشفافية، مع خطط لاستضافة مؤتمر وزاري في نوفمبر المقبل لجمع الدعم من الدول المانحة والقطاع الخاص، لتمويل عمليات إعادة إعمار قطاع غزة.

تفاصيل خطة مصر لإعادة إعمار غزة

وتنقسم الخِطَّة المصرية إلى ثلاث مراحل لضمان الكفاءة، تبدأ المرحلة الأولى، المخصصة للتعافي المبكر، بتكلفة 3 مليارات دولار على مدى ستة أشهر، وتشمل إزالة الأنقاض من محور صلاح الدين ومناطق أخرى، وتوفير 200 ألف وحدة سكن مؤقتة تستوعب 360 ألف فرد، إلى جانب ترميم 60 ألف وحدة مدمرة جزئياً، وتشمل هذه المرحلة أيضاً إنشاء سبعة مواقع إيواء لأكثر من 1.5 مليون شخص.

وتمتد المرحلة الثانية حتى عام 2027 بتكلفة 20 مليار دولار، وتركز على بناء المرافق، الشبكات، الوحدات السكنية الدائمة، إلى جانب استصلاح الأراضي الزراعية. أما المرحلة الثالثة، التي تستمر حتى 2030 بتكلفة 30 مليار دولار، فتهدف إلى إنشاء مناطق صناعية، وميناء صيد، وميناء بحري، ومطار لتعزيز الاقتصاد المحلي

تحديد تكلفة إعمار غزة

ومن جانبه قال الدكتور خالد الشافعي الخبير الاقتصادي، إن تكلفة إعمار قطاع غزة يجب أن تتم بنائا على المساحة التي يتم فيها الأعمار هل مساحة القطاع بأكمله أو جزء منه وهل هذا يحدث مع إزالة الركام.

وأضاف الشافعي، في تصريحات خاصة لـ نيوز رووم، أن يجب تحديد تكلفة إعمار غزة على أرض الواقع ومن الذي سوف يحدد هذه التكلفة هل الولايات المتحدة أو الدول الأوروبية ام مصر، لافتا إلى أن إزالة الركام يكلف مبالغ ضخمة وخاصة وأنه يوجد ما يقرب من 50 مليون طن من الأنقاض في قطاع غزة.

رؤية متكاملة لإعادة الأعمار

وأوضح الخبير الاقتصادي ، إنه وفقا للبيانات تم تدمير 300 ألف وحدة سكنية بشكل كلي و200 ألف جزئيا، وأخرجت 25 مستشفى عن الخدمة من أصل 38 مؤسسة علاجية، إضافة لتدمير 103 مراكز للرعاية الصحية الأولية، كما تضررت 95% من مدارس القطاع، فضلا عن خروج 85% من مرافق المياه والصرف الصحي عن الخدمة، وأن إعادة بناء كل هذه المنشآت يحتاج كميات كبيرة من الحديد والأسمنت ومواد البناء، فيجب أن تكون هناك رؤية متكاملة لإعادة الأعمار، كما أن أسعار مواد البناء هل ستكون وفقا الأسعار العالمية أو أقل أو أكثر.

قال الدكتور علي الإدريسي الخبير الاقتصادي، إن إعادة إعمار قطاع غزة بعد حجم الدمار الواسع الذي طال ما يزيد عن 300 ألف وحدة سكنية ليست عملية بسيطة، بل هي تحدٍ اقتصادي وهندسي هائل.

التكلفة المطلوبة تتراوح بين 60 و70 مليار دولار

وأضاف الإدريسي، في تصريحات خاصة لـ "نيوز رووم"، أن تقديرات المؤسسات الدولية تشير إلى أن التكلفة المطلوبة لإعادة الإعمار قد تتراوح بين 60 و70 مليار دولار أمريكي، وهو مبلغ ضخم يعكس حجم الكارثة التي حلت بالقطاع، مشيرًا إلى أن من المتوقع أن تمتد عملية الإعمار لفترة طويلة قد تصل إلى 10 أو 15 عامًا على أقل تقدير.

وأوضح الخبير الاقتصادي، أن الأمر لا يقتصر على بناء الوحدات السكنية فحسب، بل يتطلب إعادة بناء البنية التحتية بشكل كامل، بما يشمل شبكات الكهرباء والمياه والطرق والمستشفيات، وكل ما يضمن حياة كريمة للمواطنين.

إعادة إعمار غزة تتأثر بعوامل حاسمة

ولفت الإدريسي، أن وتيرة الإعمار لن تكون ثابتة، بل ستتأثر بعدة عوامل حاسمة، أبرزها حجم المساعدات الدولية التي سيتم تقديمها، وسرعة إدخال مواد البناء اللازمة، بالإضافة إلى استقرار الأوضاع الأمنية والسياسية في المنطقة. فبدون حل سياسي مستدام، ستظل جهود الإعمار عرضة للخطر.

مبالغ مالية ضخمة تتجاوز كل التصورات

قال الدكتور محمد الطماوي الباحث في العلاقات الدولية، إن  التقديرات الدولية تشير إلى أن عملية إعادة إعمار قطاع غزة بعد الحرب الأخيرة ستحتاج إلى مبالغ مالية ضخمة قد تتجاوز كل التصورات، في ظل حجم الدمار الهائل الذي لحق بالبنية التحتية والمرافق العامة والمنازل، مشيرًا إلى أنه وفقا لتقرير مشترك صادر عن البنك الدُّوَليّ والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي في فبراير 2025، تبلغ التكلفة التقديرية لإعادة الإعمار نحو 53.2 مليار دولار أمريكي، تغطي فترة زمنية تمتد إلى عشرة أعوام، وتشمل إزالة الأنقاض، وبناء المساكن المدمرة، وإصلاح شبكات الكهرباء والمياه والصرف الصحي، وإعادة تشغيل المؤسسات التعليمية والمرافق الصحية.

تأهيل المرافق العامة

وأضاف الطماوي في تصريحات خاصة لـ "نيوز رووم"،  أن الأمم المتحدة قدرت في تقرير صدر في مايو 2024 أن التكلفة الأولية للإعمار تتراوح بين 30 و40 مليار دولار، مع توقعات بارتفاعها تدريجيًا مع توسع المسح الميداني واكتشاف مزيد من الأضرار، مشيرة إلى أن الكلفة النهائية قد تتضاعف إذا شملت إعادة تأهيل المرافق العامة ومشروعات التنمية الاقتصادية طويلة الأجل.

المبادرات المطروحة

وأكد الباحث في العلاقات الدولية، أن مصر وضعت خطة شاملة لإعادة إعمار غزة بتكلفة تبلغ نحو 53 مليار دولار على مدى خمس سنوات، وهي الخطة التي حظيت بإشادة واسعة من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وعدد من الدول العربية والغربية، نظرًا لكونها الأكثر واقعية وتنظيمًا بين المبادرات المطروحة.

وتشمل الخطة المصرية تنفيذ مشروعات إسكان جديدة، وإعادة تأهيل الطرق، وبناء محطات كهرباء ومياه، وتطوير المدارس والمستشفيات، وإنشاء مناطق صناعية لتوفير فرص عمل للفلسطينيين، في إطار رؤية متكاملة تجمع بين البعد الإنساني والتنموي.

إزالة الأنقاض وتهيئة المناخ الملائم لبدء مرحلة الإعمار

وتأتي هذه الخطة امتدادًا للدور المصري التاريخي في دعم الشعب الفلسطيني ورعاية الهدنة وإحياء العملية السياسية، إلى جانب الجهود الميدانية في إدخال المساعدات وإزالة الأنقاض وتهيئة المناخ الملائم لبدء مرحلة الإعمار. وقد وصفت مؤسسات دولية هذه الخطة بأنها تعكس نهجًا استراتيجيًا قائمًا على تحقيق الاستقرار الإقليمي والتنمية المستدامة في الأراضي الفلسطينية.

الشفافية في إدارة الأموال

ولفت الطماوي، أن تنفيذ هذه الخطط تواجهها تحديات كبيرة لا تتعلق بالتمويل فقط، بل تمتد إلى العقبات الميدانية واللوجستية، مثل فتح المعابر والسماح بإدخال مواد البناء وتأمين المناطق المنكوبة وضمان استمرار الهدنة، كما يشترط المانحون الدوليون وجود آليات رقابة وإشراف دقيقة لضمان الشفافية في إدارة الأموال وتوجيهها نحو مشروعات حقيقية، مؤكدين أن نجاح العملية يعتمد على التنسيق الكامل بين الأطراف الفلسطينية والجهات المانحة والمؤسسات الدولية لتفادي أي عراقيل سياسية أو إدارية.

وتابع: أن المؤسسات الدولية تقدر أن عملية إعادة الإعمار قد تستغرق أكثر من عشر سنوات، نظرًا لحجم الدمار الهائل وضعف البنية التحتية، إذ تشير التقييمات إلى أن نحو 70% من المنازل دُمّرت كليًا أو جزئيًا، وتضرر ما يقرب من 80% من شبكة الكهرباء و60% من المؤسسات التعليمية والصحية، هذه الأرقام تعكس مدى تعقيد المهمة وصعوبة العودة إلى الحياة الطبيعية في المدى القريب، خاصة في ظل استمرار الحصار وتعدد الأطراف المتداخلة في عملية التمويل والتنفيذ.

عملية إعمار غزة هي عملية سياسية وإنسانية شاملة

وعليه، فإن إعادة إعمار غزة لا تمثل مجرد مشروع هندسي أو مالي، بل هي عملية سياسية وإنسانية شاملة ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالاستقرار الأمني وتعاون المجتمع الدولي، وبينما تتراوح التقديرات بين 30 و80 مليار دولار، تبقى الإرادة الدولية، والقدرة على تنفيذ الخطط المتكاملة والمستدامة، والاعتماد على الدور المصري المحوري، هي العوامل الحاسمة في تمكين الفلسطينيين من استعادة حياتهم وإعادة بناء ما دمرته الحرب، بما يضمن تحقيق تنمية حقيقية ومستقبل أكثر استقرارًا للقطاع والمنطقة بأكملها.

تم نسخ الرابط