عاجل

ترامب يقترح إعفاء مئات السلع من الرسوم الجمركية في إطار صفقات تجارية

الرئيس الأمريكي دونالد
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

شهد المشهد التجاري الأمريكي، بقيادة الرئيس دونالد ترامب، تحولًا مستمرًا، تميز بالتركيز الحاد على استراتيجية "أمريكا أولًا"، حيث كانت الرسوم الجمركية هي الأداة الأساسية لإعادة صياغة العلاقات التجارية العالمية، ومع استمرار الجدل حول تأثير هذه الرسوم على المستهلك والصناعات الأمريكية، برز مؤخرًا مقترح جديد يعكس رؤية ترامب، وهو “إعفاء مئات السلع من الرسوم الجمركية كجزء من صفقات تجارية ثنائية أو إطارية مع شركاء محددين”.


صفقات مقابل إعفاءات

وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أوامر تنفيذية تمنح بعض الإعفاءات الجمركية لشركاء تجاريين يبرمون صفقات تغطي صادرات صناعية هامة، مثل النيكل، والذهب، والمستحضرات الصيدلانية، والمواد الكيميائية، ويُحدد القرار أحياناً أكثر من 45 فئة لإلغاء الرسوم الجمركية على واردات من "الشركاء المتحالفين" الذين يلتزمون بخفض الرسوم الجمركية "المضادة" التي فُرضت سابقاً، هذا التحول ليس تراجعاً عن مبدأ الحماية، بل هو استخدام للرسوم كـ"ورقة مساومة" فعالة لدفع الشركاء التجاريين إلى طاولة المفاوضات وإجبارهم على تقديم تنازلات، كما حدث في بعض الاتفاقيات مع حلفاء مثل اليابان والاتحاد الأوروبي، حيث تم خفض الرسوم الجمركية على بعض السلع كالسيارات اليابانية.

الخطوة الأخيرة التي اتخذها ترامب أو يلوح بها في إطار حملاته وخططه المستقبلية، بخصوص تقديم إعفاءات جمركية على مئات الفئات من السلع، تمثل تطورًا ضمن فلسفته التجارية، فبدلًا من تطبيق تعريفات جمركية شاملة ومشددة على الجميع، بدأ الإعفاء يصبح بمثابة "مكافأة" للدول التي توافق على إبرام اتفاقيات تجارية "عادلة" و"متبادلة" مع واشنطن، وهي الاتفاقيات التي يراها ترامب تحقق مصالح الولايات المتحدة بوضوح.


تداعيات الرسوم الجمركية

 أدت الرسوم الجمركية على الواردات إلى ارتفاع تكلفة السلع الاستهلاكية، بدءاً من المواد الغذائية الأساسية وصولاً إلى قطع غيار السيارات والأثاث، وفي النهاية، يتحمل المستهلك الأمريكي جزءاً كبيراً من هذه التكاليف في صورة أسعار أعلى، ولقد تضررت بعض الصناعات الأمريكية التي تعتمد على واردات مدخلات الإنتاج، على سبيل المثال، توقعت شركات صناعة السيارات الكبرى تضرر أرباحها بسبب ارتفاع تكلفة قطع الغيار المستوردة الخاضعة للرسوم، ما أدى إلى اضطراب في القطاع الذي كان من المفترض أن تحميه هذه الرسوم.


تصاعد الحرب التجارية

 أثارت الإجراءات الأمريكية ردود فعل متبادلة من دول أخرى، أبرزها الصين، التي اتهمت واشنطن بانتهاك قواعد منظمة التجارة العالمية، هذا التصعيد المستمر، الذي يشمل فرض رسوم متبادلة على مئات المليارات من الدولارات، يهدد الاقتصاد العالمي بالركود ويُدخل الشركات الأمريكية في حالة من التقلب وعدم اليقين.

إجراءات انتقامية والصين ترد

أوضحت "بكين" أن قرار الحكومة جاء ردًا مباشرًا على قرار أمريكي مماثل بفرض رسوم موانئ على السفن المرتبطة بالصين، والذي بدأ تطبيقه أيضًا اعتبارًا من اليوم، واتهمت بكين واشنطن بالانتهاك الصريح لقواعد منظمة التجارة العالمية، مؤكدة أن هذه الرسوم تلحق ضررًا كبيرًا بالتجارة البحرية بين البلدين.


ترامب وصناعة السيارات: مثال على التناقض

تُعدّ صناعة السيارات مثالاً بارزاً على هذه الاستراتيجية المتناقضة، فبينما كان ترامب يفرض رسوماً جمركية لحماية القطاع، أقر مؤخراً إعفاءات جمركية لإنتاج السيارات، تتيح للشركات الحصول على ائتمان لتعويض الرسوم الجمركية على قطع الغيار، هذه الخطوات تكشف عن محاولة لتحقيق التوازن بين حماية المنتج النهائي والاعتراف بالحاجة إلى سلاسل توريد عالمية لمدخلات الإنتاج، خاصة في قطاعات معقدة مثل تصنيع السيارات.


هل الرسوم الجمركية دائمة؟


أكد الأمريكي ترامب أن بعض الرسوم الجمركية المرتفعة، خاصة تلك المفروضة بنسبة 100% على الصين، "ليست مستدامة"، لكنه يبررها بأنها "اضطر إليها" ويهدف من خلالها للتوصل إلى "صفقات تجارية عادلة"، هذا التصريح يوضح أن الرسوم ليست غاية، بل وسيلة للضغط لتحقيق مكاسب تجارية أحادية الجانب.


إن اقتراح إعفاء مئات السلع، إذن، هو خطوة نحو تخفيف حدة التوتر الانتقائي، واستبدال الحرب التجارية الشاملة بنظام تفاوضي قائم على "الصفقات"، حيث تستفيد الدول التي تخضع للمطالب الأمريكية وتنال "مكافأة" الإعفاء الجمركي، إنه يمثل جهداً لإعادة صياغة النظام التجاري العالمي على أساس المصالح الأمريكية، ولو أدى ذلك إلى مزيد من الاحتكاكات الاقتصادية والسياسية مع الحلفاء والخصوم على حد سواء، يظل المشهد التجاري في أمريكا والعالم يترقب مدى استمرارية هذه التعديلات وتأثيرها النهائي على الاقتصاد العالمي، والمعركة الإقتصادية بين الصين وأمريكا.

تم نسخ الرابط