يسري جبر: وصية النبي في إكرام الخادم درس في التواضع والأمان المجتمعي

قال الدكتور يسري جبر، أحد علماء الأزهر الشريف، إن حديث النبي محمد صلى الله عليه وسلم: "إذا أتى أحدكم خادمه بطعامه، فإن لم يُجلسه معه، فليُناوله لقمة أو لقمتين، أو أكلة أو أكلتين، فإنه وليَ علاجه"، الذي رواه الإمام البخاري، يُجسد أسمى معاني التواضع والرحمة في السيرة النبوية.
الحديث يشير إلى ضرورة تقدير الخادم الذي يُعد الطعام بيده
وأوضح الدكتور جبر، خلال لقائه في برنامج "اعرف نبيك"، المُذاع عبر قناة "الناس"، أن الحديث يشير إلى ضرورة تقدير الخادم الذي يُعد الطعام بيده، وأن من أدب الإسلام أن يُعرض عليه الجلوس إلى المائدة مع سيده، فإن امتنع أو استحيا، وجب على السيد أن يُطعمه من نفس ما أعده، تقديرًا لتعبه وربما لرغبته في تذوق ما طهاه بنفسه.
وأشار إلى أن هذا التوجيه النبوي يحمل بعدًا أخلاقيًا وإنسانيًا راقيًا، يعكس عظمة شخصية النبي، الذي أراد أن تُعامل الأمة خدمها ومعاونيها بروح الأخوّة، لا على أساس الطبقات الاجتماعية أو الفروق الدنيوية.
الأخلاق لا تقتصر على الجانب التربوي فحسب
ونوه الدكتور جبر إلى أن هذه الأخلاق لا تقتصر على الجانب التربوي فحسب، بل تمتد إلى بعد أمني بالغ الأهمية، حيث تزرع المحبة والطمأنينة في قلب من يخدم، وتُقلل من احتمالات الضرر أو الخيانة، لافتًا إلى أن التاريخ شهد حالات كثيرة لوفاة ملوك وساسة بسبب أطعمة مسمومة، بينما هذا الهدي النبوي يُسهم في حماية النفس والأسرة.
وأضاف أن الحديث يشمل الأطعمة المشتهاة بطبيعتها، دون أن ينطبق على الأطعمة الخاصة بالمرضى أو التي لا يُشتهى طعمها، مؤكدًا أن من الحكمة مراعاة حال الخادم، وألا يُجبر على أكل ما لا يرغب فيه، تطبيقًا لقاعدة الإسلام الراسخة: “لا يُكلّف الله نفسًا إلا وسعها”.
وتابع الدكتور يسري جبر، أن من يعمل بتوصية النبي في هذا الحديث، يزرع داخل بيته أجواء من المحبة والرحمة والاستقرار، مشددًا على أن من صور الاتباع الحقيقي للنبي أن نُعامل من يساعدوننا بنفس القدر من الرحمة والعدل الذي كان ﷺ يُعامل به أصحابه وخدمه.