السياسات النقدية الأمريكية وتوقعات خفض الفائدة تضغط الذهب وتدعم الأصول الخطرة

تواصل السياسة النقدية الأمريكية لعب دور محوري في توجيه حركة الأسواق المالية، حيث ساهمت التصريحات الأخيرة لمسؤولي الاحتياطي الفيدرالي بشأن احتمالات خفض أسعار الفائدة، في تعزيز شهية المخاطرة لدى المستثمرين، ما أدى إلى تراجع الطلب على الذهب كملاذ آمن، رغم استمراره في مسار صاعد على المدى الطويل.
توقعات خفض الفائدة
وأعلن عدد من أعضاء مجلس الاحتياطي الفيدرالي، من بينهم ألبرتو موسالم وكريستوفر والر ونيل كاشكاري، دعمهم لتوجه البنك نحو خفض أسعار الفائدة خلال اجتماع أكتوبر المقبل، مؤكدين في الوقت ذاته التزام الفيدرالي باستهداف معدل تضخم عند 2%. وتوقع المستثمرون خفضًا مزدوجًا للفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماعي أكتوبر وديسمبر، ما يشير إلى توجه أكثر تيسيرًا في السياسة النقدية خلال الفترة المقبلة.
في هذا السياق، تترقب الأسواق العالمية صدور مؤشر أسعار المستهلك الأمريكي نهاية الأسبوع المقبل، والذي من المتوقع أن يقدم إشارات مهمة حول مسار التضخم، وقد يشكل عنصرًا حاسمًا في قرارات الفيدرالي القادمة بشأن السياسة النقدية.
تهدئة المخاوف الجيوسياسية
من جهة أخرى، أسهمت التصريحات السياسية في تهدئة المخاوف الجيوسياسية، حيث أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن "الرسوم الجمركية المفروضة على الصين بثلاثة أرقام غير مستدامة"، في إشارة إلى استعداد بلاده لإعادة النظر في الاتفاقات التجارية مع بكين، ما عزز التفاؤل بقرب حدوث تهدئة في النزاع التجاري بين أكبر اقتصادين في العالم.
ومن المقرر أن يلتقي ترامب نظيره الصيني شي جين بينج خلال أسبوعين في كوريا الجنوبية لبحث مستقبل الاتفاق التجاري، وهي خطوة قد تسهم في تقليل التوترات التي ألقت بظلالها على الأسواق طوال الأشهر الماضية.
على صعيد المعادن الثمينة، تراجع الذهب عالميًا بنسبة 2% من أعلى مستوى تاريخي له عند 4379 دولارًا للأوقية، بينما فقدت الفضة نحو 5% من مكاسبها الأخيرة، إلا أنها لا تزال تتداول فوق مستوى 50 دولارًا للأوقية، مما يعكس بقاء جاذبية هذه الأصول في ظل استمرار الضبابية الاقتصادية.
ورغم التراجع الأخير، لا يزال الاتجاه العام للذهب صاعدًا، بدعم من التوترات الجيوسياسية، وزيادة المشتريات المؤسسية، واستمرار البنوك المركزية العالمية في تعزيز احتياطاتها من المعدن الأصفر كوسيلة للتحوط ضد تقلبات الأسواق.
وفي التوقعات المستقبلية، رفعت مؤسسات مالية كبرى توقعاتها لأسعار الذهب خلال العامين المقبلين، حيث رجّح بنك HSBC أن يبلغ متوسط سعر الذهب 3455 دولارًا للأوقية في 2025، مع احتمالية وصوله إلى 5000 دولار في النصف الأول من 2026، فيما توقعت "ستاندرد تشارترد" أن يبلغ متوسط السعر 4488 دولارًا العام المقبل، في ظل استمرار توجهات التيسير النقدي عالميًا.