أصل وفصل العيدية.. رحلة بدأت من عصر الفاطميين إلى يومنا هذا

المحتويات
يرتبط العيد بمظاهر الفرح والتكافل، ومن أبرز هذه المظاهر "العيدية"، التي أصبحت جزء أساسي من الاحتفال بالعيد.
والعيدية عبارة عن مبلغ مالي يمنح للأطفال والأقارب في الأعياد، تعبير عن الفرح والمودة، وتعتبر من أبرز طقوس العيد التي ينتظرها الصغار والكبار وتميز المناسبات.

جذور العيدية في الإسلام
يمكن العثور على جذور العيدية في العهد النبوي، حيث حرص النبي ﷺ على تعزيز قيم الفرح والعطاء في العيد، في عيد الفطر، كانت زكاة الفطر تؤدى قبل صلاة العيد لتحقيق التكافل الاجتماعي وإدخال السرور على الفقراء.
وفي عيد الأضحى، كانت الأضاحي وسيلة لنشر الفرح بين الناس، وذه التقاليد الإسلامية ساهمت في ترسيخ ثقافة العطاء، والتي تطورت لاحقًا إلى ما يعرف اليوم بـ"العيدية".
العصر الفاطمي.. نشأة العيدية بمفهومها النقدي
بلغت الاحتفالات الإسلامية ذروتها في العصر الفاطمي، حيث أولى الخلفاء الفاطميون اهتمام كبير بالمناسبات الدينية وجعلوها جزء من الثقافة الاجتماعية، وكانوا يحتفلون برمضان، والمولد النبوي، والأعياد بطريقة مميزة، ومن هنا ظهرت "العيدية" كهبة نقدية توزع في العيد.
ويعود أول ذكر للعيدية إلى عهد الخليفة الفاطمي المعز لدين الله، الذي كان يوزع الأموال والهدايا على رجال الدولة وعامة الشعب مع حلول العيد.
كما كان يهدي الدراهم الفضية للفقهاء والمؤذنين بعد ختم القرآن ليلة العيد، وكان يشرف شخصيًا على نثر الدنانير الذهبية على الناس في يوم العيد، وهو تقليد أُطلق عليه "التوسعة".
العصر المملوكي.. تطور العيدية وانتشارها
مع تراجع الدولة الفاطمية وانشغال الأيوبيين بالحروب الصليبية، تراجعت بعض طقوس الاحتفال بالعيد، لكن مع قدوم الدولة المملوكية، عادت هذه العادات بقوة، وبدأ الحكام المماليك في تقديم العيدية للجنود وكبار رجال الدولة، ثم انتشرت لاحقًا بين عامة الناس.
وفي هذه الفترة، تحول مصطلح "التوسعة" إلى "العيدية"، وهو الاسم الذي بقي حتى يومنا هذا.

من تقليد سلطاني إلى عادة شعبية
مع مرور الزمن، لم تعد العيدية مقصورة على الحكام، بل أصبحت تقليد شعبي، ينتقل بين الأجيال.
وبعد أن كانت تمنح للفقهاء والجنود، أصبحت تعطى للأطفال والأقارب، واتخذت أشكال متنوعة من الأموال إلى الهدايا والملابس والحلوى.
واليوم، ورغم تغير العملات والأزمنة، لا يزال الجميع ينتظرون العيدية كجزء لا يتجزأ من فرحة العيد.
العيدية اليوم.. استمرار تقليد عمره قرون
على الرغم من تغير العصور، لم تفقد العيدية مكانتها في قلوب الناس، ولا تزال تمنح للأطفال والكبار، وتبقى رمز للفرح والاحتفال، تماما كما كانت في عصر الفاطميين، فمنذ أن بدأ المعز لدين الله هذا التقليد، مرت العيدية بمراحل من التطور، لكنها بقيت دائمًا جزءًا من روح العيد وفرحته.
