العقل المصري لا يُهزم.. شاب من قنا يبتكر ذراعًا روبوتية قادرة على تحليل الصور

قدم المبتكر محمود علي أحمد حسن، ابن قرية الخطارة بمركز نقادة، بمحافظة قنا، والطالب بقسم الميكاترونيكس بالمعهد العالي للهندسة بالقاهرة، عرضًا مميزًا عن أحدث مشروعاته الابتكارية أمام الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وذلك خلال زيارة الوزير لمحافظتي قنا والأقصر، حيث استعرض مشروعه الرائد الذي يحمل اسم "الروبوت أرم (Robot Arm)"، والذي يعتمد على تقنية معالجة الصور (Image Processing) ويعد أحد الابتكارات الواعدة في مجالات الصناعة والقطاع العسكري والقطاع الصحي.
وأوضح محمود علي حسن خلال العرض أن فكرة المشروع تقوم على دمج تقنيات الرؤية الحاسوبية بالذكاء الاصطناعي لتمكين الذراع الروبوتية من اكتشاف الأجسام وتحديد مواقعها بدقة، وتنفيذ مهام متعددة في بيئات مختلفة، مما يجعلها أداة فعالة قادرة على أداء وظائف معقدة بسرعة ودقة تفوق القدرات البشرية في بعض المجالات، مشيرًا إلى أن المشروع يمثل نقلة نوعية في مجال استخدام الروبوتات الذكية داخل مصر، ويعكس مدى التطور الذي يشهده قطاع الابتكار التكنولوجي تحت رعاية الدولة.
وتناول المبتكر في عرضه الاستخدامات المتعددة للروبوت أرم في القطاع الصناعي، مؤكدًا أن هذا النظام يمكن أن يلعب دورًا محوريًا في خطوط الإنتاج الحديثة من خلال قدرته على تنفيذ العديد من العمليات الدقيقة. فالروبوت يستطيع اكتشاف الأجسام وتحديد مواقعها بدقة عالية، والقيام بعمليات الالتقاط والتموضع (Pick & Place)، والتركيب الآلي للمكونات، إلى جانب الفحص البصري للمنتجات (Visual Inspection) لرصد أي عيوب أو مخالفات في عملية التصنيع. كما يمكن استخدامه في كشف العيوب الصناعية، والقياس والتحقق من الأبعاد، والفرز والتصنيف حسب الشكل أو اللون، بالإضافة إلى التغليف والتعبئة الآلية، والمعايرة وضبط المحاذاة، والمراقبة والتحكم في الجودة بشكل مستمر.
ويضيف محمود أن الروبوت يمكنه أيضًا أداء مهام تحميل وتفريغ خطوط الإنتاج، ومراقبة الحالة التشغيلية للآلات، واكتشاف الأعطال أو التآكل قبل وقوعها، مما يسهم في تقليل الهدر وتحسين الكفاءة التشغيلية. كما يعمل على ضمان السلامة ومنع الاصطدام في بيئات العمل الصناعية المزدحمة، ويمكنه التعامل مع المكونات الحساسة التي تتطلب دقة متناهية. ومن بين مهامه المتقدمة أيضًا تتبع المنتجات عبر الكاميرات (Tracking)، والعمل في بيئات نظيفة (Clean Room Handling)، والمساعدة في عمليات اللحام الدقيقة، ودعم الاختبارات النهائية للمنتجات، ونقل المواد والأجزاء بين مراحل الإنتاج المختلفة في المصانع الكبرى.
أما في المجال العسكري، فقد أشار محمود علي حسن إلى أن الروبوت أرم يمتلك إمكانيات استثنائية تؤهله لتنفيذ مهام معقدة في البيئات الخطرة، حيث يمكن استخدامه في مهام الكشف والاستطلاع (Detection & Surveillance) بفضل الكاميرات عالية الدقة التي تُحلل الصور وتتعرف على الأجسام أو الأشخاص من مسافات بعيدة، مما يجعله مثاليًا لأعمال المراقبة الحدودية والكشف عن محاولات التسلل. كما يمكن استخدام الذراع الروبوتية في التعامل مع المتفجرات (Bomb Disposal)، حيث يتم التحكم فيها عن بُعد باستخدام رؤية الكاميرا لتحليل شكل الجسم المشبوه، ومن ثم تنفيذ عمليات نزع أو تفكيك القنابل دون تعريض حياة الجنود للخطر.
وأضاف أن الروبوت يتمتع بقدرة على التنقل الذكي في المناطق الخطرة (Autonomous Navigation) من خلال تحليل الصور لتحديد الطرق والعقبات، مما يجعله مفيدًا في مهام الاستكشاف داخل الأنفاق أو المباني المدمرة. كما يمكن توظيفه في نقل المعدات أو الإسعافات (Logistics & Medical Support) إلى الخطوط الأمامية عبر ذراع روبوتية تستخدم الرؤية لتحديد المسار بدقة. ويستطيع الروبوت أيضًا التعرف على الأهداف (Target Recognition) وتمييز المركبات والأشخاص والأسلحة باستخدام تحليل الصور الحرارية أو البصرية، بالإضافة إلى إمكانية دمجه مع الطائرات بدون طيار (Drones Integration)، حيث تقوم الطائرة بتصوير المنطقة، بينما ينفذ الروبوت الأرضي المزود بذراع المهام المطلوبة مثل الالتقاط أو الفحص أو إزالة الأجسام الغريبة.
وفي المجال الصحي والطبي، أوضح المبتكر أن الروبوت أرم يقدم حلولًا تكنولوجية متقدمة تسهم في تطوير الخدمات الصحية ورفع دقتها، إذ يمكن استخدامه في إجراء العمليات الجراحية الدقيقة (Surgical Robots) بالاعتماد على الكاميرا لتحليل الصورة أثناء الجراحة، حيث تتحرك الذراع بدقة متناهية لتنفيذ العمليات الحساسة مثل جراحات القلب والعيون. كما يمكن للروبوت المساعدة في العمليات (Assistance Robots) عبر الإمساك بالأدوات الجراحية بناءً على الصورة والموضع المطلوب، مما يخفف العبء عن الأطباء ويزيد من دقة الأداء داخل غرف العمليات.
وأشار محمود إلى أن الروبوت قادر أيضًا على تحليل العينات المخبرية (Lab Automation) من خلال التقاط صور العينات وفرزها أو التعامل معها وفقًا لنتائج تحليل الصورة، وهو ما يساهم في تقليل الأخطاء البشرية وتحسين سرعة ودقة الفحوصات الطبية. كما يمكن استخدام الروبوت في تشخيص الصور الطبية (Medical Image Processing) لتحليل صور الأشعة السينية (X-ray)، والرنين المغناطيسي (MRI)، والأشعة المقطعية (CT) لتوجيه الطبيب نحو المناطق التي قد تحتوي على مشكلات صحية تستدعي التدخل.
ولم يتوقف الابتكار عند هذا الحد، إذ يمكن للروبوت أيضًا مساعدة المرضى وكبار السن (Patient Care Robots) من خلال التعرف على وجوههم أو إشاراتهم البصرية والتفاعل معهم بشكل مباشر، مثل تقديم الدواء أو كوب الماء أو المساعدة في الحركة. كما يدخل الروبوت في مجال التأهيل والعلاج الطبيعي (Rehabilitation Robots) عبر ذراع مزودة بكاميرا تتبع حركة المريض وتضبط المساعدة الحركية بدقة أثناء التمارين العلاجية، بما يضمن سلامة المريض وتحقيق أفضل نتائج للتأهيل.
وفي ختام العرض، أكد المبتكر محمود علي حسن أن مشروع الروبوت أرم يمثل خطوة متقدمة نحو تأسيس قاعدة تكنولوجية مصرية قادرة على المنافسة عالميًا، مشيرًا إلى أنه يسعى من خلال هذا الابتكار إلى دعم القطاعات الإنتاجية والطبية والعسكرية داخل مصر، بما يتماشى مع رؤية الدولة للتحول الرقمي والاعتماد على التكنولوجيا الحديثة تحت رعاية وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، التي تولي اهتمامًا كبيرًا بدعم الكفاءات الشابة والمواهب المبتكرة في مجالات الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة.