سد النهضة: هل تدفع الإجراءات الأحادية إلي نقطة الا عودة ؟

أخذ ملف سد النهضة الأثيوبي منحنيات خطيرة، تحديدًا بعد كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي الأخيرة، التي أكد فيها عليها حرص مصر على أمنها المائي، وأنه لن يسمح بالمساس به، وقد شهد الملف عدة تطورات، منذ بداية الأزمة، خصوصًا أن القضية لاتمس دول النيل الثلاث، بل تخص أمن واستقرار المنطقة بالكامل، وقد تؤدي إلى حدوث توترات عدة.
نقاط الخلاف الرئيسية
بدأت أثيوبيا العمل على المشروع في عام 2011، كان الهدف الأساسي والمعلن وقتها، هو توليد الطاقة لتلبية إحتياجات الشعب الأثيوبي، بهدف التنمية الإقتصادية، وتصدير الكهرباء، لكن بما يضمن عدم الإضرار بحقوق دول حوض النيل أو، التأثير على الأمن المائي للدول الأخرى، ولكن المشكلة تكمن في عدم التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم بين دول حوض النيل.
لاشك أن النيل هو شريان الحياه المصري، ويتم الاعتماد علي مياه النيل بنسبة 95% تقريبًا، لذلك أي محاولة لملئ السد الأثيوبي دون التنسيق مع الدول المعنية، قد تؤثر على مصر من سواء جفاف أو فيضانات، هذا الذي اعتبرته القيادة المصرية تعدي واضح وصريح على أمن مصر المائي، لأن مصر تعتبر دولة زراعية وأي مساس ولو طيف لأمنها المائي سيؤثر بشكل كبير علي الإقتصاد المصري.
تُعد أزمة السد إختبارًا حقيقيًا لمبادئ القانون الدولي للمياه الحدودية، ففي نظر دولتي المصب، تمثل أفعال أثيوبيا إنتهاكً جسيم في حق دول المصب، وتري دولة المنبع أنها تريد أن تضمن حياه إقتصادية افضل لشعبها، نتائج هذه الأزمة ستشكل سابقة وقد تؤثر على طريقة إدارة الأنهار المشتركة الأخرى في العالم.
القانون الدولي للمياه
يحكم نهر النيل قواعد القانون الدولى واجبة التطبيق على األنهار الدولية، سواء كانت إتفاقية أو عرفية، وتقع الانهارالدولية تحت سيادة وإختصاص الدول التى تمر بها، ونتيجة الإذدواج أو تعدد السيادة عليها، لابد من وجود قيود على أى نشاط فردى يؤثر على استخدامها من جانب الدول الواقعة على مجراها، وقد استقرت مجموعة من الضوابط القانونية التى تحكم عمليات إنشاء وتدشين السدود، وهذه الضوابط تم إقرارها فى العديد من المواثيق واإلتفاقيات الدولية، وتبناها القضاء الدولى فى أحكامه، وجرت عليها الممارسة العملية على صعيد الأحواض النهرية.
حل الأزمة..تدخل إقليمي وعالمي"
أكد مسعد بولس مستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للشئون الإفريقية، إن ملف سد النهضة مهم واستراتيجي بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، وأعرب أن بلاده تسعى إلى إيجاد حل سلمي وسريع للأزمة.
حاولت أكثر من جهة ومنظمة التدخل لحل الأزمة الراهنة، وكان من أبرزها الإتحاد الإفريقي، حيث استضاف جولات عدة للوصول إلى اتفاق وحل نهائي إلي تلك الأزمة ، لكن كل المحاولات انتهت دون تحقيق الهدف المرجو منها، كما تدخلت الولايات المتحدة الأمريكية، لتلعب دور الوسيط لحل الأزمة، لتنسحب أثيوبيا في الجولة الأخيرة من الإتفاق ، ودعا مجلس الأمن الدول الثلاث إلي استئناف المفاوضات والتوصل إلى اتفاق سريع وملزم لكن دور إصدار أي إجراء عقابي أو ملزم، قامت جامعة الدول العربية هي الأخري بالتدخل، لتؤكد علي حق مصر المائي وتدعم الموقف المصري.
الأمن والسلام المائي
استمرار الأزمة ووصولها لطريق مسدود يزيد من خطر التوتر الجيوسياسي في المنطقة، بعض المراقبين يحذرون من أن الصراع حول المياه قد يتحول إلى صراع عسكري، وهو ما يهدد الأمن والسلم في أفريقيا والشرق الأوسط، ويثير قلق القوى الكبرى التي لديها مصالح في المنطقة.
السيسي يحذر الإقتراب من أمن مصر المائي
أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي أن ملف المياه هو قضية وجودية تمس حياة لأكثر من 100 مليون مصري، وأن الأمن المائي المصري ليس ترفاً، بل هو حق أصيل، ولا يمكن المساومة عليه أو تهديده، وأعرب عن رفض مصر القاطع لأي إجراءات أحادية تُتخذ على نهر النيل، مؤكداً أن هذه الإجراءات تتجاهل الأعراف والاتفاقيات الدولية وتهدد مصالح شعوب الحوض وتقوض أسس العدالة والاستقرار الإقليمي، كما وجه الرئيس تحذيراً صريحاً لإثيوبيا، مشدداً على أن مصر "لن تقف مكتوفة الأيدي" أمام النهج "غير المسؤول" الذي تتبعه إثيوبيا في إدارة السد، وأن مصر "ستتخذ كافة التدابير" التي يكفلها القانون الدولي لحماية مصالحها وأمنها المائي.
رفض الرئيس بشكل واضح "المزاعم الباطلة بالسيادة المنفردة" على نهر النيل، مؤكداً أن "الحقيقة الثابتة أن النيل ملكية مشتركة لكافة دول الحوض ومورد جماعي لا يُحتكر" من قبل أي طرف.
قضية كبيرة وملف يهدد إستقرارالمنطقة، تحتاج إلي التعاون بين الدول علي صعيد واسع لحل الازمة، فهل ستتخذ الأزمة شكلًا جديدًا؟، أم سيتم وضع أسس وقوانين ملزمة لحماية حقوق الشعوب ومصالحها.