لم يكن ليمر حادث أفراد السفارة القطرية مرور الكرام لولا شجاعة الدولة المصرية التي تعاملت سريعا وفي شفافية تامة مع الواقعة القدرية التي أراد المتعطشون للبكائيات أن تكون فرصة لإفساد ملحمة السلام على الأراضي المصرية.
تلك الملحمة التي فضحت أدعياء نصرة القضية وقوافل الصمود ومؤامرات الحصار المختلق وقبول التهجير والتصفية وغيرها من الأكاذيب والأقاويل التي تمرست عليها الجماعة المنبوذة وأرضعت براثنها وكتائبها على ترويجها خشية أن تكلل مساعي الدولة المصرية ورئيسها عبدالفتاح السيسي بإيقاف نزيف الدم في القطاع وإحباط مخطط الكيان الصهيوني في تفريغ الأرض مستغلًا أحداث السابع من أكتوبر من العام قبل الماضي.
وأيا ما كان من نتائج القمة الدولية التي شهدت تفاعلا دوليًا وثناءً على الدور المصري في المضي قدما في اتفاق غزة، إلا أن حديث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن نظيره المصري الذي لم يخلو من وصفه بالجنرال والزعيم القوي والصديق الذي يرأس دولة تصل لستة آلاف سنة من الحضارة متجاوزة الصين، وأن «القيادة هنا قوية للغاية»، مضيفًا «لن تصدق مدى قوتهم لا يعانون من نوع الجريمة التي نواجهها في الولايات المتحدة» ما يخرس ألسنة المنظمات المشبوهة والمدفوعة وفي مقدمتها هيومن رايتس وواتش وغيرها عن النظام المصري والدولة وما قدمته وتقدمه في سبيل إنجاز هذا الشأن بعد سنوات من التحديات والإرهاب.
فلم تكن هذه المرة تحليق طائرات الـ F-16 في الأجواء المصرية رفقة الرئيس ترامب جزء من تأمين قدر ما هي رسالة ترحيب ومغزى آخر يدركه الجميع ويعلمونه جيدًا عن قوة العسكرية المصرية في الذكرى الـ 52 لإحدى انتصاراتها الخالدة، وهو مغزى كشفته عبارة ترامب:«أريد أن أشكر الرئيس السيسي على إرسال 6 مقاتلات مصرية لمرافقة طائرتي الرئاسية.. نظرنا من النافذة ورأينا المقاتلات، وأضاف مازحًا: فكرت قائلا آمل أن تكون تلك المقاتلات مسالمة.. كانوا 3 على كل جانب وكانوا رائعين للغاية».
فمع رمزية العدد 6 ورمزية التنوع الذي يشهده السلاح الجوي المصري الذي سبق وأن كانت الرافال جزءً من رسالة ترحيب بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إبان زيارته لمصر، فشكرا للعبقرية المصرية وقيادتها الفطنة على ما سطرته رغم الأزمات الاقتصادية الطاحنة من مجدٍ نفخر به من نصرة للأشقاء وإن خذلهم من خذلهم فكانت رايتهم حاضرة بألوانها الزاهية وسلطتهم متواجدة لتجبر ترامب على تحيتها وإن حاول تجنب ذلك.. فعاشت مصر وفلسطين جارتين شقيقتين لا يفرقهما زمان ولا يحدهما مكان ولا يبقى بينهما مستعمر.
ختامًا لعل مشهد قمة شرم الشيخ للسلام تكون سبيلًا للجهات المعنية في الترويج للسياحة بشكل أمثل يعوض ما عانته أعقاب يناير 2011، وأن تكون الدعاية الترامبية للأمن والأمان فرصة لدعم السياحة مع اقتراب الحدث العالمي بافتتاح المتحف المصري الكبير، وأن يكون حديثه عن الجهود الأمنية فرصة للبناء مع تصحيح ما يقع من أخطاء قد تتسبب في تعكير صفو المشهد، فصدق رسول الله يوسف عليه السلام حين قال: «ادْخُلُوا مِصْرَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ».