عاجل

عندما طرحت اسم الكاتب المسرحي الشهير علي سالم لإجراء حوار صحفي معه لمجلة الأهرام العربي في شهر يونيو عام 1997 لم أكن أتوقع حجم الاعتراضات من زملاء المهنة وقياداتها على اسمه، وبدأت أستمع إلى مبررات عديدة وراء رفض الفكرة، ومنها كيف تمنح أحد أبرز الكتاب "المطبعين" منبرًا يطل منه على القراء في الأهرام؟.. هذا اجتهاد مرفوض، ولا يخدم المصلحة العامة ولا يضيف للمجلة بل هو خدمة كبيرة للفريق الذى تربطه علاقات مع إسرائيل.

اتسعت دائرة الاعتراض بعد أن عرف بعض كبار الكتاب في الأهرام وأبدت غضبها من مجرد طرح الفكرة.

كنت متحمسًا للحوار وتوقيته بعد أن أصدر الاتحاد العام لكتاب مصر في نفس الأسبوع قرارًا بشطب عضوية الكاتب علي سالم من الاتحاد بعد زيارته المثيرة إلى إسرائيل، يومها أحدث القرار حالة من الجدل، تحمس للحوار الزميلين نصر القفاص مدير التحرير وخيري رمضان عضو مجلس التحرير وطلبت يومها أن يكون التقييم بعد إجراء الحوار، وجاءت موافقة رئيس التحرير الكاتب الصحفي أسامة سرايا.

علي سالم كاتب شهير مؤلف مدرسة المشاغبين واحدة من أشهر المسرحيات التي ارتبط بها الجمهور في مصر وقدمت جيلا من النجوم الكبار في المقدمة منهم عادل إمام ورفاقه.

كل يوم كان يفضل الجلوس في فندق صغير بشارع لبنان بالمهندسين بصحبة الدكتور سمير سرحان أستاذ الأدب الإنجليزي لساعات تمتد حتى الخامسة مساء بعدها ينصرف إلى منزله، ذهبت إليه في الساعة الرابعة عصرًا بعد مرور يوم على قرار اتحاد كتاب مصر بإسقاط عضويته من الاتحاد عقابا له على زيارته إسرائيل، ودعوته للتطبيع.

كان ثائرًا على قرار الاتحاد واثقا في أنه سيعود بعد اللجوء إلى القضاء ساخرا في إجاباته.

بعد نشر الحوار تغيرت الصورة تماما وتلقى الكاتب الصحفي أسامة سرايا إشادات من زملاء بالأهرام وقيادات واعتبره البعض من الأعمال المنشورة بالمجلة التي تستحق القراءة وأنه حمل أسئلة مهمة وطرح أهم الاتهامات المنسوبة للكاتب .

تطورت الفكرة وذهبت لإجراء حوارات مع كتاب ومفكرين يرفضون التطبيع وفى الوقت نفسه كتاب من أنصار التطبيع.

 توالت الحوارات مع قامات مهمة مرت في تاريخ مصر المعاصر أمثال الكتاب سعد الدين وهبة وثروت أباظة وأسامة أنور عكاشة والسيد يسين ومحمود السعدني ونوال السعداوي وعبد المنعم سعيد والمؤرخ عبد العظيم رمضان وجمال بدوى ثم اتسعت دائرة الحوارات مع الدكتور مصطفى محمود والدكتور عبد الصبور شاهين، والشيخ يوسف البدرى والفنان عادل أمام والسيدة جيهان السادات وأمين هويدي وبرلنتي عبد الحميد والرئيس السوداني الأسبق جعفر النميري والصادق المهدى رئيس وزراء السودان الأسبق.

كانت في تلك الفترة تطفو على سطح الأحداث قضية التطبيع وقضية الحسبة.

في كل مرة كنت التقى أحد هؤلاء المبدعين بصرف النظر عن موقفه السياسي تجد لديه فائضا كبيرا من المعرفة والمنطق والصوت الهادئ في طرح وجهة نظره بعيدا عن الانفعال والتشنج ويهتم إلى أبعد حد أن يظهر البعد الإنساني في شخصيته وعندما يتعلق الأمر بموقفه السياسي يدافع عنه بكل القوة وينتقد خصومه بأقسى العبارات تكرر هذا من الكتاب علي سالم والدكتور عبد العظيم رمضان وثروت أباظة ومحمود السعدني وأسامة أنور عكاشة وغيرهم.

عندما أعود إلى حوار علي سالم أتذكر يومها أنه قال: إن المشي في حديقة الاحتفال بالعيد القومي لإسرائيل كان بالكتف! كان يقصد عدد الحضور في هذه المناسبة وهو أمر يكشف عن قناعاته وأنه لا يبحث عن تبرير لزيارته المتكررة إلى إسرائيل بل ويرى فى تصرفه أمرا طبيعيا ويومها قال لست الوحيد الذى زار إسرائيل هناك المئات زاروها هذا السؤال يطربني لأنه يعنى أن الكل لا يعترف بأحد غيرى زار إسرائيل، في حين أن عدد الصحفيين المصريين الذين لم يزوروا إسرائيل أقل بكثير من عدد الذين زاروها، لا أعترف بأن أعضاء نقابة الصحفيين 4 آلاف عضو، أعترف فقط بـ 20 صحفياً في مصر هم الذين زاروا إسرائيل إنهم الأكثر تأثيراً وجماهيرية.

وقال إن تفسيره فوز الكاتب سعد الدين وهبه برئاسة اتحاد كتاب مصر وهو الأبرز في رافضي السلام مع إسرائيل إن ستالين جاء بالانتخاب ولينين أيضاً وكشف عن أنه كاد أن يتبول لا إرادياً عند دخوله للمرة الأولى إسرائيل.

 السنوات مرت وما كان يعتقده الكاتب الكبير عن إسرائيل أصبح عكس الواقع اسرائيل تمارس الإبادة الجماعية فهل يوجد الآن من يعتقد في إسرائيل؟.

 

تم نسخ الرابط