خان يونس تستقبل أبنائها الأسرى.. وحنان المصري: عادوا كالأشباح من المعتقلات

في مشهد إنساني مهيب، تابعت كاميرات «العربية» لحظة وصول الحافلات التي تقل الأسرى الفلسطينيين محررين من السجون الإسرائيلية إلى مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، حيث استقبلتهم عائلاتهم وسط مشاعر مختلطة من الفرح والحزن والذهول، بعد شهور من انقطاع الاتصال الكامل بهم وظروف اعتقال وُصفت بـ«المرعبة».
وقالت الصحفية حنان المصري، المختصة بالشأن الفلسطيني، خلال تغطية مباشرة من استوديو قناة العربية، إن هؤلاء الأسرى من بين ما يقارب 1750 معتقلاً أفرجت عنهم إسرائيل مؤخرًا، كانوا قد اعتُقلوا بعد 7 أكتوبر ضمن حملة جماعية طالت أكثر من 11,000 فلسطيني في قطاع غزة، قبل أن يتقلّص العدد إلى قرابة 5,000 بحسب تقديرات حقوقية، في ظل انعدام المعلومات الدقيقة من الجانب الإسرائيلي.
"نُقلوا في شاحنات مواشٍ وتعرضوا للتعذيب"
وكشفت حنان المصري، خلال لقائها عبر قناة العربية، استنادًا إلى شهادات بعض المفرج عنهم، عن ظروف قاسية ولا إنسانية تعرض لها الأسرى داخل معتقل "سيدي تيمان"، الذي شُبّه بـ"معسكرات النازية"، حيث كانوا يُنقلون في شاحنات لنقل الأبقار، مكبّلي الأيدي ومعصوبي الأعين، ويتعرضون للتعذيب، والحرمان من الطعام والدواء، إضافة إلى حالات من الاعتداء الجنسي والضرب بالكلاب البوليسية، بحسب التسريبات التي خرجت من المعتقل.
وأضافت أن بعض الأسرى الذين أُطلق سراحهم كانوا في حالة نفسية وعقلية متدهورة، لدرجة أن بعضهم بدا وكأنه "أشباح" عند خروجه، وغير مدرك لما حوله، في حين لا تزال عائلات آلاف المعتقلين تجهل مصير أبنائها.
"فرح الحرية يصطدم بواقع غزة المدمر"
ورغم لحظات الفرح الظاهرة على وجوه الأسرى وذويهم، إلا أن المشهد كان ممزوجًا بالحسرة، إذ عادوا إلى قطاع مدمر بالكامل، وسط غياب شبه تام للبنية التحتية الصحية، حيث تشير التقارير إلى أن المستشفيات في غزة تعاني من نقص شديد في الأدوية والمستلزمات الطبية، بل تعجز عن إجراء فحوصات بسيطة كقياس السكر.
وتسائلت المصري عن مدى جاهزية القطاع الطبي في غزة لاستقبال هؤلاء المحررين، الذين يعانون من آثار جسدية ونفسية خطيرة، في ظل الدمار الذي طال 90% من القطاع.
فوضى أمنية وصدامات بين العائلات وحماس
وفي سياق أمني متوتر، قالت المصري إن الفوضى الأمنية عادت لتخيّم على غزة بعد انتهاء الحرب، مشيرة إلى اشتباكات مسلحة دموية بين بعض العائلات الكبرى في القطاع وعناصر من حركة حماس، أسفرت عن عشرات القتلى والجرحى.
وأوضحت أن حماس، التي أعادت انتشار عناصرها بناءً على «تفويض مؤقت» ضمن خطة السلام الدولية بقيادة دونالد ترامب، تحاول فرض السيطرة على مناطق غير محتلة من غزة (قرابة 47% من القطاع)، في ظل فراغ أمني شامل، بعد أن بقيت مناطق واسعة مثل رفح وبيت حانون تحت الاحتلال الإسرائيلي.
وأشارت إلى أن الصدام الأخير بين حماس وإحدى العائلات شرق مدينة غزة، جاء بعد رفض العائلة إخلاء مبنى مشفى لجأت إليه خلال الحرب، وراح ضحيته 7 عناصر من كتائب القسام، ما دفع الحركة لإرسال قوة كبيرة لاستعادة السيطرة، في رسالة واضحة لمنع "تطاول" عائلات أخرى.
العين على "اليوم التالي"... من يحكم غزة؟
في ختام التغطية، أكدت حنان المصري أن ما يحدث الآن في غزة ليس فقط صراعًا على الأمن، بل أيضًا صراع على من يحكم اليوم التالي، مشيرة إلى أن كل من في الداخل والخارج يراقب هذا المشهد المركب، حيث تزداد الأسئلة حول مستقبل الحكم في القطاع، ومدى قدرة حماس على الاستمرار في ظل ما يوصف بـ"ضعف غير مسبوق".