عاجل

ماذا سيذكر التاريخ عن ولاية بايدن الرئيس الـ46 لأمريكا وإرثه التاريخي؟

الرئيس الأمريكي المنتهيه
الرئيس الأمريكي المنتهيه ولايته جو بايدن

تعد رئاسة جو بايدن الـ46 للولايات المتحدة فترة غنية بالأحداث والتحديات التي سيتذكرها التاريخ، كونها تضمنت العديد من الإنجازات والإخفاقات داخليًا وخارجيًا، ما تسبب في طرح العديد من التساؤلات حول إرثه التاريخي، وما الذي سيقوله عنه المؤرخون في المستقبل.

انجازات بايدن المحلية والاقتصادية

استطاع بايدن على الصعيد الداخلي أن يحقق بعض النجاحات الاقتصادية البارزة، خاصةً في مجالات التشريعات الاقتصادية والبيئية، إذ قام  بتمرير "قانون خفض التضخم" الذي سعى إلى التعافي من تداعيات جائحة "كوفيد-19"، بالإضافة إلى قوانين البنية التحتية والاستثمار، كما تمكن من تمرير قوانين تشدد الرقابة على الأسلحة، وتخفيض تكلفة التأمين الصحي والأدوية، وهي قضايا كانت محل اهتمام كبير للأميركيين. حسبما ذكرت صحيفة الشرق الأوسط.

الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن
الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن

ورغم هذه النجاحات، يظل الاقتصاد أحد أبرز التحديات التي واجهها بايدن، فقد شهدت فترته الرئاسية ارتفاعاً كبيراً في مستويات التضخم، مما أثر على القدرة الشرائية للمواطنين، وأصبح من الموضوعات الرئيسية التي استغلها منافسوه في الانتخابات.

التحديات السياسية الداخلية والصراعات الحزبية

كانت هناك صراعات داخل الحزب الديمقراطي بين قياداته حول مستقبل الحزب، ويُذكر أن بايدن، بالرغم من دعمه الكبير من قبل الديمقراطيين، واجه تحديات في إدارة هذه الانقسامات الداخلية، خاصة في ما يتعلق بالانتخابات الرئاسية عام 2024.

كما تسبب قرار بايدن بالترشح لولاية ثانية في مزيد من التوترات، حيث شكك البعض في قدراته البدنية والعقلية، خاصة بعد المناظرة التي جرت في يونيو 2024 مع دونالد ترامب والتي أظهرت تراجعاً في أدائه مقارنة بما كان عليه سابقاً.

السياسة الخارجية والإخفاقات الكبرى

ويعد الانسحاب الفوضوي من أفغانستان في 2021، من أبرز الإخفاقات التي ستسجل في عهد بايدن على الصعيد الخارجي، والذي أدى إلى عودة حركة "طالبان" إلى السلطة، مما شكّل إحراجاً كبيراً للإدارة الأميركية. كما أن استمرار الحرب الروسية في أوكرانيا كان تحدياً آخر، حيث لم يتمكن بايدن من إيجاد حل دبلوماسي لهذه الأزمة، رغم الدعم العسكري والمالي الكبير الذي قدمته الولايات المتحدة لأوكرانيا.

إلا أن الصدع الحقيقي سيكون التعامل الأمريكي تحت قيادة بايدن مع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة بعد أحداث السابع من أكتوبر 2023 من أبرز النقاط المثيرة للجدل في إرثه، على الرغم من الاعتراضات الداخلية من التيار التقدمي في حزبه والمظاهرات التي اجتاحت الجامعات الأمريكية احتجاجاً على الممارسات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، فإن الإدارة الأمريكية لم تتمكن من ضمان وقف إطلاق نار دائم في غزة، مما يعد فشلاً في سياستها.

ومن غير الواضح كيف سيقيّم التاريخ موقف بايدن تجاه إسرائيل، هل سيُنظر إليه من زاوية استمرارية السياسة الأمريكية التقليدية التي دعمت إسرائيل عسكرياً ودبلوماسياً، أم سيُنتقد على تناقض مواقفه بين دعم أوكرانيا في مواجهة العدوان الروسي، ودعمه لإسرائيل في عدوانها على الفلسطينيين؟ إضافة إلى ذلك، قد يطرأ تحول في سياسة الولايات المتحدة تجاه إسرائيل خلال الولاية الجديدة لترامب، مما قد يغير كثيراً من المشهد السياسي ويرسم مساراً مختلفاً عما فعله بايدن أو لم يفعله.

كما شهدت علاقاته مع الصين تصعيداً منذ عام 2021، خاصة فيما يتعلق بالتهديدات التي توجهها بكين لتايوان، وعلى الرغم من أن بايدن حافظ على بعض السياسات التي تبناها ترمب، إلا أن الوضع مع الصين لا يزال يشكل أحد أكبر التحديات لإرثه في السياسة الخارجية.

تقييمات وسائل الإعلام

تم تقييم رئاسة بايدن بشكل مختلط من قبل وسائل الإعلام، حيث وضعت مجلة "تايم" الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن ضمن أفضل الرؤساء الذين تولوا مناصبهم لفترة واحدة، مشيرةً إلى قدرته على توحيد الحزب الديمقراطي وإنجازات تشريعية كبيرة، بينما انتقدت بعض الصحف الأخرى، مثل "وول ستريت جورنال" دور بايدن في تسهيل عودة ترمب عبر تقديم الدعم لحملته الانتخابية بعد انسحابه المتأخر من السباق.

الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن
الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن

الإرث التاريخي والرسالة المستقبلية

سيبقى إرث بايدن محط نقاش طويل، حيث سيتأرجح بين إنجازات اقتصادية وتشريعية، وبين إخفاقات في السياسة الخارجية وإدارة التوترات الحزبية، قد يذكره التاريخ باعتباره رئيساً حاول تصحيح العديد من الانقسامات التي حدثت في عهد سلفه، لكنه في الوقت نفسه قد يُسجل له كأحد الرؤساء الذين واجهوا صعوبة في تحقيق استقرار اقتصادي حقيقي وفي إدارة أزمات دولية معقدة.

ومع خروج بايدن من البيت الأبيض، سيظل سؤاله المركزي قائماً: هل كانت فترة حكمه نقطة تحول في تاريخ الولايات المتحدة، أم مجرد استراحة مؤقتة في مسار طويل من الصراعات السياسية والاقتصادية؟

تم نسخ الرابط